رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

علاج الفقراء.. أكذوبة في «أم المصريين»

بوابة الوفد الإلكترونية

معاناة وآلام وصرخات وزحام في مختلف الطرق المؤدية إلى الطوارئ والعيادات، ومشاكل يومية لا تنتهى تلازم 4 آلاف مريض جاءوا من شمال مصر وجنوبها، إلى مستشفى «أم المصريين»، أو كما يسمونها «مستشفى العذاب للجميع».

فالحال أكثر سوءًا.. أمهات وآباء ينتفضون مسرعين عند سماع أسمائهم، أو أسماء أبنائهم فى قوائم الانتظار التى تضم آلاف الأشخاص، متحملين عناء الروتين لساعات طويلة، ومرضهم الذى ينهش فى أجسادهم فى سبيل «روشتة الشفاء»، على رغم أن الشواهد تؤكد على كم الجرائم الطبية، وأخيرًا الاتهامات الموجهة إلى المستشفى بالاتجار فى الأعضاء البشرية.. وما خفى كان أعظم!

بمجرد أن تنظر إلى الشارع المحيط بمستشفى «أم المصريين» بالجيزة، ستجد تكدساً وزحاماً كثيفاً على شباك تذاكر الكشف للعيادات الخارجية، وعندما توجهنا إلى مبنى الاستقبال وحجرة الكشف، وجدنا الزحام وصل إلى ذروته، وامتلأت الطرقات بالمرضى، الذين ينتظرون دورهم فى الكشف.. فالمشهد داخل حجرة الاستقبال أشبه إلى حد كبير بما يحدث فى طابور الخبز، كما وجدنا المرضى يفترشون الأرض والطرقات والأماكن المواجهة للاستقبال، ومن لم يجد له مكاناً افترش الأرض ينتظر دوره فى طابور طويل وسط مخاوف من الإصابة بالأمراض المعدية، وعندما ظهر الطبيب داخل حجرة الكشف زادت حالة الفوضى بين المرضى، نتيجة لاختلاف الدور فى طابور الكشف.

ومع ازدياد غضب المرضى تعالت أصواتهم وارتفع أيضاً صوت الممرضة على أبواب حجرة الكشف، وطلبت منهم الجلوس لحين النداء عليهم، فاتجه بعض المرضى للبحث عن مقعد، والبعض الآخر لم يجد مقعداً للجلوس عليه فظل واقفاً، وبعد فترة قامت الممرضة بفتح باب الدخول للكشف وكان الكشف الطبى يتم بالجملة بواقع 4 مرضى دفعة واحدة، ولم يكن داخل العيادة سوى الطبيب والممرضة.

«الوفد».. رصدت بالصوت والصورة صرخات المرضى المترددين على مستشفى «أم المصريين»، وما يحدث لهم من حيرة فى البحث عن العلاج المجانى.

 

زحام وإرهاق

سعيد على، الرجل الخمسينى، التقيناه ساعة قدومه للكشف بمستشفى أم المصريين، ويعانى حساسية فى الصدر.. فقال: وصلت إلى المستشفى الساعة العاشرة والنصف صباحاً لحجز مكان فى استقبال الصدر، ورغم مشقة الانتظار ومعاناتى فى الدخول فى تمام الساعة الثانية عشرة ظهراً، إلا أنه من غير فائدة، فالأكثر حزناً أن المستشفى يفتقد أدنى مسئولية، من إهمال وسوء معاملة للمرضى، وزحام كبير فى الطرقات المؤدية للاستقبال، والأطباء غائبون، والعلاج المجانى غير فعال، بخلاف العجز فى أجهزة المناظير.

وأضاف «سعيد»: الحياة أصبحت لا تطاق، من سيئ لأسوأ، فأنا لا أستطيع تحمل أعباء تكاليف العلاج الباهظة، فى ظل غلاء المعيشة، وارتفاع الأسعار، لأنه يفوق قدراتى المالية كغالبية المرضى البسطاء، كما أن التحاليل تتم فى المستشفى بمقابل مادى كبير، ما يزيد معاناتنا المستمرة.

وتساءل: كيف أستطيع أن أنفق على أبنائى الثلاثة وزوجتى المريضة، وأوفر لهم أيضاً الرعاية الصحية والعلاجية على نفقتى الخاصة، وأنا موظف بسيط لا يزيد دخلى على 1500 جنيه شهرياً، وهو لا يكفينى شراء الطعام، ولابد من إيجاد حل عاجل لمشاكلنا الصحية.

 

هنجيب منين؟

حكاية قدرية ديب السيد، 55 عاماً، ليست الوحيدة فى مستشفى أم المصريين، المكدسة بأوجاع المرضى القادمين من شتى محافظات مصر، وأخبرتنا أنها تعانى الذل حتى تحصل على الدواء.

وقالت «قدرية»: إنها تصرف كل شهرين دواء لعلاج مرض السكر والقلب، مثل «جليمت 400 مجم»، و«براكسيلان 200 مجم»، و«أسبرين 81»، و«الداكتازايد»، و«أتور 10 مجم »، و«تينورمين 25 مجم»، وتأخذ هذه الأدوية فى شكل جرعات يومياً، بخلاف حقنة الأنسولين، كما أن تكلفة عمل الرنين 300 جنيه، لكننى لا أملك مبالغ مالية طائلة لشرائها على نفقتى الخاصة، وقد سبق ودخلت أكثر من مرة فى أزمات صحية، بسبب تأخر صرف الدواء.. ولكن من أين سأواصل الإنفاق؟.. فهذه الأدوية سعرها مرتفع.. وما نريده هو الرحمة بأحوالنا الصحية المتدهورة، وما يحزننى كثيراً أننى ذقت المرار مع المرض وسلكت كل الطرق، حتى وصلت إلى الحصول على قرار علاج على نفقة الدولة برقم «5220903»، وليست لدينا السلطات لإجبار المستشفيات على استقبال حالتى.. ولكن وزارة الصحة هى الجهة المسئولة والتى يمكنها الإجابة عن هذه الأسئلة.

 

دموع أم

عزيزة علام، 75 عاماً، أم لـ 5 أبناء، تعيش فى منطقة المنيب، بمحافظة الجيزة،

صرخات عزيزة تتعالى، بينما تجلس على تارة فى مدخل المستشفى، وأخرى فى سلالم وطرقات العيادات، عندما أصيبت ابنتها «ميادة» بالسكر والضغط والقلب، وهى تحتاج إلى اختبارات وفحوصات معملية منها: قياس نسبة السكر فى الدم، وفحص نبضات القلب والطحال وضغط الدم، من خلال التصوير بالموجات فوق الصوتية، لمساعدة الطبيب على التشخيص الجيد وتحديد العلاج اللازم للحالة المرضية.

وتضيف «عزيزة»: أنا ربة منزل، ومعاشى لا يزيد على 350 جنيهاً شهرياً من الضمان الاجتماعى، ولا أحد يسأل عنى بعد وفاة زوجى منذ 25 عاماً، وأعول 3 بنات ولدى شابين عاطلين، ولا يمكننى الإنفاق على مرض ابنتى، لذلك جئت إلى المستشفى وتحملت عناء الانتظار من الساعة التاسعة والنصف صباحاً، إلى أن تم الكشف على ابنتى في تمام الثانية عشرة ظهراً، ما أسفر عن ضياع معظم ساعات النهار.

الحياة غالية

وقال عمر على عبدالخالق، أب لـ 4 أبناء: «حال قطاع الصحة لا يسر عدواً ولا حبيباً، ومستشفى أم المصريين هو أملنا الوحيد للخلاص من آلامنا المرضية».

وأضاف: أنه يعيش فى منطقة ساقية مكى، بمحافظة الجيزة، وتوجهت ابنته لإجراء ولادة قيصرية فى المستشفى منذ شهر كامل، ولكن حدث لها نزيف حاد نتج عنه وعكة صحية طويلة، بسبب الإهمال والاستهتار بحياتها داخل المستشفى، ووقتها أصررت على نقلها إلى مستشفى قصر العينى، وبالفعل أرسلوها إلى الرعاية المركزة هناك، لوقف النزيف وإنقاذ حياتها.

ومن محافظة 6 أكتوبر، جاء المريض أحمد لطفى، أب لـ 3 أبناء، من أجل الحصول على العلاج المجانى فهو يعانى ارتفاع السكر فى الدم، وتليفاً بالكبد منذ 3 أعوام، وتحمل الكثير من التكاليف المرتفعة بالعيادات الخاصة، لذا توجه إلى مستشفى أم المصريين، أملاً فى الحصول على العلاج على نفقة الدولة.

وقال «أحمد»: أنا عاجز عن تلبية احتياجاتى من الدواء، فالحياة غالية، ولازم آخد أقراص السكر والأنسولين، ولا يوجد لى مصدر دخل ثابت، وآمل فى الاستقرار الدوائى حتى إتمام مرحلة الشفاء.

 

معلومات مؤكدة

مستشفى أم المصريين يخدم 6 ملايين مواطن فى محافظات الجيزة و6 أكتوبر وشمال الصعيد، ويقدم هذه الخدمات الطبية عن طريق العيادة الخارجية لـ 3000 مريض كل يوم، وخدمات الاستقبال والطوارئ لـ 1000 مريض يومياً، من خلال 8 غرف عمليات ملحق بها غرف الإفاقة طبقاً لمعايير الجودة، و18 قسماً داخلياً فى جميع التخصصات الطبية، ويتم إجراء 50 عملية يومياً، بالاستفادة من الخبرات الطبية لـ 500 طبيب مدرب تحت قيادة 30 طبيباً حاصلاً على الزمالة، و240 ممرضة، و253 سريراً طبياً، وسعر التذكرة العادية بجنيه واحد من الساعة الثامنة إلى الساعة 11 صباحاً، وتذكرة العلاج الاقتصادى بـ 3 جنيهات من الساعة 11 صباحاً إلى الساعة 1.30 ظهراً، كما أن الطبيب الاستشارى يتحصل على راتب 800 جنيه شهرياً.