رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أزمات مصطنعة لسد عجز الموازنة.. وتحريك الأسعار لصالح مافيا الاستيراد

بوابة الوفد الإلكترونية

موجات الغلاء تتوالى يومياً وتكوى بنارها كل المصريين.. فقراء ومتوسطى الدخل وأغنياء.. لتثير العديد من التساؤلات.. هل عجزت الحكومة حقاً عن مواجهة طوفان الغلاء؟ وهل فشلت فى الوقوف بوجه جشع التجار وإنصاف المواطنين؟

وهل فقدت الحكومة أدواتها فى التعامل مع هذه الموجات، أم أنها تغيبت عن عمد فى توقيت خاطئ؟

الحقيقة تتكشف كل يوم وهى على العكس تماماً من تلك التساؤلات البريئة.

الواقع يشير إلى أن هناك نوعين من التواطؤ لصالح بعض التجار والمحتكرين للسلع أو بعبارة أخرى الرضوخ والاستسلام لبعض رجال الأعمال الذين لا يهمهم سوى مصلحتهم فقط على حساب مصلحة مصر والمصريين.

وتتدخل فى الوقت الضائع مستخدمة سلاح التحفظ على السلع الغذائية بالمخالفة للدستور.

لم يجد المصريون تبريراً لسياسات واتجاهات حكومة شريف إسماعيل، التى «نظفت» جيوبهم وجعلتهم يضربون «أخماساً فى أسداس»، فبعد أن كان سعر كيلو السكر مثلاً فى بطاقة التموين بـ5 جنيهات أصبح 7 جنيهات، وعلى نفس المنوال ارتفعت أسعار الزيوت والبقوليات وحتى الألبان، بل أصبح التلاعب بخفض الأوزان واضحاً، فتضاعف «المكسب» وارتفعت الأسعار أكثر وأكثر، فمثلاً عبوة زيت الذرة ماركة «كريستال» اللتر كان يباع بـ19 ونصف جنيه، أصبحت تباع بـ19.75 قرشاً فى جميع محلات السوبر ماركت الشهيرة وتباع بـ21 جنيهاً ونصف الجنيه فى مجمعات الحكومة الاستهلاكية.. والعبوة زنة 850 جراماً أو 900 جرام.. وهكذا لباقى السلع تستمر الحكومة فى سلسلة الخداع مع التجار الشطار الذين يتفننون فى استثمار أزمات المصريين.. ولعبة الحكومة عادة ما تبدأ بالعبارة الشهيرة «لا مساس» بمحدودى الدخل وسرعان ما تنهال تصريحات المسئولين بأنهم سيضخون كميات إضافية وما ينقضى اليوم حتى يفاجأ المواطنون بتحريك سعر السلعة جنيهاً أو جنيهين وبأمر الحكومة بحجة ارتفاع الأسعار عالمياً وهروب القطاع الخاص من واجبه فى الوفاء باحتياجات المواطنين.

 

الخداع الحكومى

والأزمة ومسلسل الخداع الحكومى لم تقتصر على السكر والزيت والأرز، بل طالت اللحوم أيضاً وتحولت منافذ الحكومة إلى منافذ لبيع الوهم، فبعد أن كان سعر كيلو اللحوم البلدى الحمراء يباع بالمجمعات ما بين 45 و50 جنيهاً يباع بـ60 جنيهاً وبـ65 جنيهاً حتى فى منافذ الجيش رغم الإعلان عن بيعها بـ60 جنيهاً فقط والحجة قطعة مميزة حمراء دون دهون.

ولأن حكومتنا أصبحت حقاً «معلمة» فقد انكشف وبان كل شىء «بحسب تعبير ولاد البلد» فى أزمة السكر والذى تأكد وجوده حتى بمخازن الحكومة وشركاتها الوطنية وظهر وبان بعد اختفائه بمجرد الإعلان عن السعر الجديد الرسمى للسكر المحدد بـ7 جنيهات وبزيادة جنيهين فى أقل من 10 أيام مضت على أزمة إخفائه عن المواطنين، وتأكد لجموع الشعب المصرى أن حكومته على استعداد أن تحرق البلد لترفع السعر الذى قبلناه صاغرين رغم تأكيدها على بيعه ما بين 5 جنيهات للبطاقة التموينية وبسعر 6 جنيهات للحر انتهاء بـ7 جنيهات للكل على البطاقات وغيرها.. والحجة والهدف «المعلن» كان السيطرة على الأسعار وضبط الأسواق والحد من عمليات التهريب والاحتكار والتلاعب بالأسواق وبالأسعار بشكل صار صريحاً معلناً.. «فهل حدث وتحقق هدف قرار الزيادة.. العكس هو ما حدث، فأصبح المواطن ورغم السبعة جنيهات لا يزال «يدوخ السبع دوخات» فى المجمعات الاستهلاكية للحصول على كيلو سكر.. تلك المجمعات التى تجولنا داخل البعض منها فى منطقتى الدقى والهرم، وإن صدقت الحكومة بعد نجاح ملعوبها لرفع أسعار السكر فى أن السكر متوافر بالمجمعات، إلا أننا نؤكد لمن يهمه الأمر أن السكر ومهما بلغت حمولته للمجمع فهو يباع بالتليفون من قبل مسئولى المجمع وقبل مجيئه.

أما فى «المجمع الاستهلاكى» بشارع أمين الرافعى بالدقى ورغم تعليق ورقة على باب المجمع مدون عليها السكر موجود بـ7 جنيهات، إلا أن الرد على المواطنين داخل المجمع «مفيش سكر» باستثناء المحظوظين، فالرد كان مختلفاً مع أحد ضباط الشرطة.. فكلام العيون قبل كلمات اللسان حاضر يا باشا.. وهنا تدخلت إحدى السيدات الباحثات عن السكر وقالت لمسئولى المجمع والضابط إذا لم يكن السكر موجوداً فما سبب تواجده لحين مغادرتى وبعدها وهو كما هو لا يشترى ولا يتجول وظل ساكناً بجوار مسئول المجمع؟!

 

اللعبة مكررة

ومن السكر ذو السبع جنيهات بعدما كان بـ5 جنيهات ولأنبوبة البوتاجاز المباعة بـ10 جنيهات ونصف الجنيه رسمياً داخل مستودعات البوتاجاز بعدما كانت بـ8 جنيهات ومن قبلها بـ350 قرشاً وصولاً لبيع البنزين 92 بـ350 قرشاً بعدما كان يباع بـ260 قرشاً ومن قبل ذلك بـ185 قرشاً وصولاً للأزمة المتوقعة خلال الأيام المقبلة فى الأرز وأسعاره.. السيناريو واحد واللعبة مكررة والمسلسل لا يزال هابطاً.. فأزمة جديدة فى الأرز على الأبواب ولصالح مافيا الاستيراد تلعبها الحكومة أيضاً هذه المرة وعلى حساب الفلاحين والمستهلكين.. والمؤشرات على ذلك الأزمة نجدها فى رفض حكومة شريف إسماعيل الاستجابة للمزارعين المصريين بشراء طن الأرز منهم بمبلغ الـ3800 جنيه ثم وجدناها تطرح ممارسة لاستيراد 200 ألف طن أرز أبيض من الهند من خلال 3 شركات بأسعار بلغت منذ نحو 10 أيام 410 دولارات للطن الواحد، وهو ما يعادل وقتها فقط نحو 100 دولار فى الطن ما بين المحلى والمستورد!

وبنفس السيناريو حاولت الحكومة التلاعب بمصلحة المستهلكين لحساب وصالح المستوردين وهو ما كشفه تقرير لوزارة الزراعة باستيراد مصر 8 ملايين و249 ألف طن ذرة صفراء، وبما يقرب من المليار دولار رغم إمكانية تدبير هذه الكمية محلياً.. وهو أيضاً سيناريو وألاعيب أكده وكشفه تقرير لوكالة رويترز من أن مصر طرحت أكبر مناقصة فى العالم لشراء الغاز الطبيعى المسال لتأمين 96 شحنة من الغاز خلال الفترة من 2017/2018 رغم أن رئيس حكومة شريف إسماعيل سبق وأكد حين كان وزيراً للبترول أن حقل «ظهر» الذى اكتشف فى عام 2015 سيبدأ إنتاجه مطلع عام 2018، وأن الغاز المستخرج من الحقل سيخصص بالكامل للسوق المحلية.

 

الضحك على الشعب!

وهكذا الحال صفقات ومناقصات تبرم لصالح أباطرة ومافيا الاستيراد فى ظل أزمة اقتصادية وشح الدولار، ومع مواطنين تطالبهم الدولة ممثلة فى قياداتها بالصبر والاحتمال والتقشف دون حدود من أجل الوطن ولحين الخروج من عنق الزجاجة! وهى تعلم -أى القيادة- أن هناك أباطرة يستفيدون دون غيرهم كل الفائدة من هذه الصفقات المشبوهة ويساهمون بطريقة أو بأخرى فى إخراج الاحتياطى الدولارى من مصر حتى يعانى هذا الشعب أكثر وأكثر..

وألاعيب الحكومة والضحك على الشعب وممارسة دور المنخدع الذى تقوم به أمام القيادة السياسية قبل الرأى العام قديم ومتجدد، آخرها كانت سبوبة كون وجبتك ومن قبلها تحول المجمعات الاستهلاكية التابعة للدولة إلى سبوبة هى الأخرى حققت ولأول

مرة خلال عام 2015 أرباحاً تعدت المليارات من الجنيهات بعدما تحولت عن دورها كحائط صد للمواطنين ضد جشع التجار والمتلاعبين بالأسواق.

ولأن ألاعيب الحكومة باتت مكشوفة ولم تعد تقنع الفقراء ولا تخيل على محدودى ومتوسطى الدخل.. بحثت الحكومة عن حجة بل لعبة أخرى وهى مكشوفة أيضاً بأن الجماعة الإرهابية وراء ما يحدث من أزمات فى السلع الاستراتيجية، ولذلك تم إلقاء القبض على ثلاثة أفراد لقيامهم بتأسيس خلية تحمل اسم السكرية، وكذلك حبس مواطن عادى لتورطه واحتكاره 10 كيلو سكر بهدف «التربح»!!

وفى محاولة لاحتواء الغضب الشعبى الذى تصاعد فى الفترة الأخيرة نظراً للارتفاع المستمر غير المبرر فى أسعار السلع.. جاء إعلان مجلس الوزراء بإنشاء لجنة لتحديد هامش الربح للسلع الأساسية المستوردة والمحلية لإخفاء معالم الجريمة ولعبة الحكومة فى رفع أسعار أهم السلع الاستراتيجية والمدعمة.. ولكنها خطوة ومحاولة انقسم حولها الخبراء والمختصون.. فهناك من يراها غير فعَّالة لافتقادها كوادر حكومية قومية قادرة على اتخاذ القرار وتطبيقه، مؤكدين أن التطبيق الفعلى على أرض الواقع للقرار مشكوك فيه مثلما تتم مع قرارات عديدة أخرى سابقة.. بالضبط كما حدث مع خطى الحكومة المتأخرة لحل أزمات مصر، ومنها مبلغ 1.8 مليار دولار الذى أعلن البنك المركزى توفيره، والذى كان سيحل مشاكل كثيرة للسوق المصرى إذا تم توفيره قبل الأزمة، وهو ما يؤكد بحسب الخبراء أن الحكومة لا تتخذ خطوات استباقية لحل الأزمات وليس لديها أى استراتيجيات!

 

أزمات.. استغلال

كمال أبو عطية.. وزير القوى العاملة الأسبق يرى أن استمرار أزمة «اختفاء السكر» وغيرها من الأزمات السابقة والمتكررة للسلع الاستراتيجية على وجه الخصوص ناتجة من استغلال مستوردى تلك السلع الحيوية، وهم من قاموا باستيراد كميات تكفى احتياجات السوق المحلية لتغطيتها ثم ضخها بأسعار تحدد فيما بين كبار التجار والمستوردين منهم.. فهم مافيا للقضاء على المواطنين والتربح ولو على حساب أجسادهم وأرواحهم وهى جزء من مافيا الفساد فى قطاعات عديدة بالدولة، وغير مقصورة على السكر ووزارة التموين فقط.

قال رشاد عبده، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والسياسية، وفيما يخص لجنة تحديد هامش الربح للسلع الأساسية المستوردة والمحلية.. إنها جاءت لامتصاص غضب الجماهير ولن يكون لها أى جدوى لأن الحكومة للأسف ضعيفة ولا تملك قدرة اتخاذ القرار رغم أن آلية عمل اللجنة موجودة فى دول أخرى ومفعلة، ولذلك فالأمر يتطلب جلسات استماع بين الأطراف القوية فى الحكومة والشعب المعنية بأسعار السلع لمعرفة السعر الحقيقى للمنتج وعليه يتم تحديد نسبة معينة للتربح، لكن الحكومة لا تملك آليات اتخاذ القرار وتطبيقه على التجار، رغم أن تحديد هامش الربح فى حد ذاته يسهم فى القضاء على فوضى الأسعار، لكن شريطة وجود آليات تنفيذ حقيقية، وهو ما يتطلب شفافية فى عرض القيمة الحقيقية لإنتاج السلعة واستراتيجية اقتصادية وهو ما نفتقر إليه وبشكل كبير خاصة مع علم الجميع أن التجار فى مصر قدرتهم أعلى من الحكومة ذاتها فى التفاوض.

والحكومة حقاً ودائماً ما تخطو متأخرة لحل أزمات مصر.. بحسب الدكتور صلاح الدين الدسوقى، رئيس المعهد العربى للدراسات الإدارية والتنمية، ولذلك قد لا يساهم فى حل الأزمة مبلغ 1.8 مليار دولار السابق توفيرها لشراء السلع الأساسية الناقصة، لأنه من المفترض أن يكون الاحتياطى الاستراتيجى لدى الحكومة لأى سلعة يكفى لمدة 8 شهور، ولكنه فى مصر لا يتعدى الـ4 شهور لإغلاق المصانع وانعدام الإنتاج المحلى الذى يغطى حجم المستورد!

 

الحكومة أجرمت

النائب هيثم الحريرى يرى أن مجرد إصدار قرار بيع السكر على سبيل ما حدث بـ4.5 جنيه لدى بقالى التموين وبـ5 جنيهات ثم 7 جنيهات فى المجمعات ثم تعميمه بـ7 جنيهات جريمة وهو ما يعنى تربح أصحاب السوبر ماركت الكبيرة ولمحتكرى السلع، وخاصة سلعة مثل السكر، ولذلك فأقل ما يجب أن توصف به الحكومة الحالية أنها اللاعب الأول بالسوق لصالح التجار ولصالحها، ولذلك فهى تتسم بالإدارة الغبية للأزمة، ومن ثم هى المسئول الأول عن ارتفاع الأسعار وعمداً لأنها تعلم أنه بمجرد بدئها برفع أسعار أى سلعة تكون بذلك أعطت الضوء الأخضر للقطاع الخاص برفع أسعار نفس السلعة، وطبعاً بنسبة تفوق أسعار المعروض لدى الحكومة والذى يراه أيضاً المواطن مغالى فيه، فأسعار السلع فى المجمعات الاستهلاكية الكثير من السلع فعلاً أعلى من السلع فى المحلات والسوبر ماركت.