عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الحكومة.. لازم ترحل

طوابير المصريين
طوابير المصريين

الحكومة لازم «ترحل».. هكذا يرى ويطالب المجتمع والشارع المصرى.

استياء وغضب وغليان المواطنين يتصدر المشهد، والأسعار بين يوم وليلة تشتعل ويكتوى بنارها البسطاء ومحدودو الدخل والفقراء دون غيرهم ولحساب مصالح المحتكرين والمتلاعبين.. بل والفاسدين والمفسدين الذين يقفون وراء كل أزمة تطارد حكومة شريف إسماعيل.

ففى الوقت الذى تصرح فيه الحكومة بأنها تطارد الفساد نجدها تغض الطرف عن ممارسات مسئولين كبار تتناقض تماماً مع توجهات الحكومة ومطالبتها الشعب بالتقشف وشد الحزام، وهو ما جعل شبكات الفساد تتمدد فى مختلف أجهزة الدولة.

وبلغ حجم قضايا الفساد خلال العام الماضى أكثر من 70 ألف قضية وفقاً لأحدث بيانات النيابة الإدارية، تتصدر الصحة فيها قائمة أفسد الوزارات وتحول الفساد فى عهد إسماعيل إلى «صنعة» لها «معلمين كبار» و«صبية» و«ناضورجية».. تبقى معها أدراج الموظفين، بل والوزراء دائماً مفتوحة والجيوب مستعدة لتلقى المزيد.

وهؤلاء جميعاً كانوا وراء احتلال مصر المركز 94 فى منظمة الشفافية الدولية، وهم من نجحوا أيضاً فى نزع أنياب 36 جهازاً رقابياً بالدولة لتتحول مصر إلى بؤرة فساد وصل حجمه لأكثر من 200 مليار جنيه.

 

ومثلما فشلت الحكومة فى مكافحة الفساد فشلت أيضاً فى مواجهة الأزمات الطارئة وأداؤها الهزيل فى سيول رأس غارب، ومن قبلها سيول الإسكندرية خير دليل.

ويتساءل كثيرون لماذا الإصرار على تجار الحكومة رغم كل هذا الفشل؟

وفقاً لمبادرة ويكي فساد» تم رصد فساد بإجمالى 3 مليارات و496 مليوناً و823 ألفاً و672 جنيهاً من أموال الدولة، كان نصيب الاختلاس حوالى 816 ألفاً و264 جنيهاً فى الشهر العقارى.

كما بلغ حجم الاستيلاء على المال العام نحو مليار و100 مليون جنيه، منها 500 مليون فقط من تموين مدينة العياط وحوالى مليارين إهداراً للمال العام من وزارة التطوير الحضرى، بالإضافة إلى 435 مليون جنيه من الجهاز التنفيذى للمنطقة الحرة.

وتشير ملفات المحاكم وبعض المحاضر الرسمية إلى العديد من وقائع الفساد الحكومية، من بينها سقوط مدير عام مساعد الإدارة العامة لتموين السفن والطائرات بشركة مصر للبترول أثناء تقاضيه رشوة من المدير التنفيذى لإحدى شركات القطاع الخاص لتسوية وجدولة مديونيات شركته، وصولاً إلى قضية وزير الزراعة صلاح هلال بالرشوة ومدير مكتبه لتسهيل الاستيلاء على أراضٍ ملك الدولة، وكذلك القبض على وكيل وزارة الإسكان ومعه مدير إدارة المراقبة بإدارة تلا الزراعية وأمين صندوق نقابة الزراعيين فى قضايا رشوة، وصولاً لمدير مكتب وزير الصحة أحمد عماد وخالد حنفى وزير التموين فى فضيحة صوامع القمح!

كما كشفت تقارير مؤسسة «شركاء» من أجل الشفافية 238 واقعة فساد خلال شهر واحد، أيضاً توزعت ما بين 23 فى وزارة الصحة و20 فى المحليات و18 فى التموين و6 فى الداخلية و5 فى المالية و5 فى الشباب والرياضة و9 فى التربية والتعليم و9 فى الزراعة و4 فى الأوقاف و4 فى الاستثمار و5 فى النقل و3 فى الآثار و3 فى الرى و2 فى الثقافة و2 فى الإسكان و2 فى التضامن و14 فى باقى الأجهزة الحكومية.. مؤشرات وأمثلة وليست على سبيل الحصر تؤكد أن الفساد فى مصر وخلال عام 2015 والأول لتولى شريف إسماعيل مهام حكومته.. يؤكد أنه أصبح كارثياً إلى حد يستدعى تحركاً سريعاً وفعَّالاً.

 

اتفاقيات ولكن!

ورغم توقيع مصر على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتى دخلت حيز التنفيذ فى عام 2005 وتأسيس جهة مستقلة لمحاربة الفساد وقانون لمحاربة الفساد.. لا يوجد قانون خاص بمحاربة الفساد بمصر، وإنما مجرد نصوص فى قانون العقوبات المصرى تجرم الرشوة وإساءة استخدام المنصب والموارد العامة لتحقيق مكاسب خاصة أو ابتزاز.. وكذلك حتى قانون مكافحة غسل الأموال لعام 2002 وتعديلاته يجرم جريمة غسل الأموال ولكن دون الإشارة إلى الفساد داخل قطاع الأعمال، واكتفى فقط فى داخل القطاعين العام والخاص، ومن ثم ورغم تحسن ترتيب مصر فى مؤشر الشفافية الدولية، إلا أنه «تحسن» يرجعه الخبراء والمختصون إلى المعايير التى تأخذ بها الشفافية الدولية نتيجة المكاشفة عن حالات الفساد وتداول قضايا الفساد للمسئولين داخل المحاكم ومنذ أيام مبارك، ولكن دون تتبع نتيجة هذه المحاكمات، وكذلك تحسن المؤشر بسبب إعلان النظام الحالى عن واقعة فساد بالقبض على صلاح هلال وزير الزراعة السابق، ولذلك ومن وجهة نظر الدكتور أحمد صقر عاشور ممثل مصر فى منظمة الشفافية الدولية يصبح مؤشر الشفافية مضللاً لعدم توضيحه منبع الفساد ولا يحدده، ولكنه يرصد الفساد المتوسط دون تحديد للقطاعات الأكثر فساداً، مما يصعب من التشخيص ويصبح المؤشر انطباعياً غير مبنى على الخبرة ويسمى «مؤشر مدركات الفساد» أى الفساد الذى نظن أنه موجود.

وعلمياً الفساد ليس شيئاً واحداً.. وإنما هو عدة مظاهر، منها الرشوة والتربح وتبادل وتعارض المصالح والمجاملات والمحسوبية، ومعها لا يمكن وضع كل هذه المظاهر فى سلة واحدة.

ولذلك الفساد ليس مالياً فقط، ولا يمكن أن يظل فى أذهاننا أنه «الرشوة» مثلاً، وإنما يوجد صور أخرى عديدة له وفى مصر على وجه الخصوص كالدروس الخصوصية فى التعليم والتى لا تعنى فقط انتقال موارد الدولة إلى جيوب خاصة لكن فى انهيار منظومة التعليم وجودته ومصداقيته، بالضبط كفساد يتعلق باحتياج الجامعات فساد منظومى مقنن لبرامج تؤسس فى الجامعات تفيد القائمين عليها فقط ولا

تفيد المتدرب.. كذلك الفساد السياسى أو المنظومى الخاص والذى بمقتضاه يتم اقتناص الدولة وسيطرة عائلات معينة على المميزات فى الدولة.

ومنذ تأسيس لجنة الشفافية والنزاهة التابعة للدولة عام 2007 لتعزيز الشفافية والمساءلة وجهود مكافحة الفساد فى القطاع العام «لم يتغير شىء»، وأصبحت تلك المكافحة أصعب وأخطر من الإرهاب ذاته.. رغم إصدارها 3 تقارير مهمة حددت بها مظاهر الفساد والطرق المثلى لمكافحتها، من أشهرها تقرير تضمن دراسة أعدها دكتور أحمد زايد، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة تحت عنوان «الأطر الثقافية الحاكمة لسلوك المصريين واختياراتهم» وتبين منها أن 64.3٪ من المصريين يخافون من المستقبل، وأن انخفاض المرتبات ونسبة الـ89.5٪ من أهم أسباب الفساد وضعف أداء الأجهزة الرقابية 89.3٪ وفيما يخص مراقبة الحكومة إلى جانب تعدد القوانين والاختصاصات بنسبة 74.1٪.

وتوقفت أنشطة اللجنة والمتهمة دوماً بعدم الشفافية بعد قيام ثورة 25 يناير والذى أعقبها أنشأت وزارة الدولة للتنمية المحلية فرعاً للتفتيش والمراقبة لمراقبة شكاوى الفساد.. وفى عام 2010 أنشأت اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية كل من وزير التنمية المحلية ووزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى ووزير العدل ورئيس هيئة النيابة الإدارية ورئيس الرقابة الإدارية وممثلين عن وزارات الداخلية والخارجية والمخابرات العامة والجهاز المركزى للمحاسبات ووحدة مكافحة غسل الأموال والنيابة العامة.

ومن لجان للأخرى.. وينص الدستور الحالى لسنة 2014 «يتم» إنشاء لجنة جديدة لمكافحة الفساد، وأعلن عن وضع الاستراتيجية المصرية الوطنية لمكافحة الفساد وغسيل الأموال وتحسين أداء الجهاز الإدارى بالدولة من خلال خطة أعدها مركز الحوكمة التابع لوزارة التخطيط والإصلاح الإدارى من خلال إطار عام لمكافحة الفساد للسنوات 2014-2018 تضمنت المهام المنوط بمجلس الشعب القيام بها فيما يتعلق بمهام تنفيذية مثل مراجعة التشريعات أو سن القوانين المتعلقة بالفساد أو المهام المتعلقة بالمتابعة من جانب البرلمان كتقديم الدعم للجهات المعنية بمكافحة الفساد.. وفى عام 2015 أعلنت وزارة العدالة الانتقالية وشئون مجلس النواب عن تشكيل لجنة تحت مسمى «الشفافية والنزاهة» لإعداد مشروع قانون «إنشاء مفوضية مكافحة الفساد»، وهو ما رفضه بعض الأعضاء ومنهم النائب كمال أحمد وكان عضو لجنة إعداد اللائحة الداخلية للبرلمان.. معللاً وآخرون هذا الرفض لتشكيل لجنة خاصة لمكافحة الفساد وتحمل نفس الاسم بأنه بمثابة دليل على أن مصر دولة فاسدة مما يعيق الاستثمار، خاصة أن لجنة النزاهة تقوم بنفس الغرض فى مكافحة الفساد، كذلك لوجود لجان متخصصة بكل موضوع وكل قطاع، إلى جانب اللجنة المختصة بالمقترحات والشكاوى بالمجلس وبالتبعية ستتحول لجنة الشفافية والنزاهة إلى مجرد لجنة إحالة دورها إحالة الشكاوى لباقى اللجان، وتصبح لجنة دون اختصاصات أو صلاحيات واضحة.

فى المقابل هناك من يرى ضرورة لإنشاء تلك «المفوضية» لأن الأجهزة الرقابية بوضعها الحالى تلاحق الفساد بعد حدوثه ودون منعه أو إصلاحه أو تقليله، وهو ما أكده الدور الذى لعبته الهيئات الرقابية فى منع قيام تلك الهيئة المسئولة لمكافحة الفساد وفقاً لرؤية وتصريحات الدكتور أحمد عاشور الممثل السابق لمصر فى منظمة الشفافية الدولية رغم أن دستور 2012 كان به مشروع لمفوضية لمكافحة الفساد، ولم يكن له الكثير من الصلاحيات، بينما وكما سبق فى مناقشات دستور 2013 بحضور ممثلين للجهات الرقابية تكاتفوا لمنع وجود مفوضية لمكافحة الفساد، وعندما كانت رئاسة الجمهورية أطلقت «ديوان المظالم» لتلقى شكاوى المواطنين عام 2013 ولكنها فكرة سرعان ما اختفت رغم أهميتها ووجودها فى دول كثيرة متقدمة أجنبية وعربية!