رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قطار الإصلاح الاقتصادى «يدهس» الطبقة الوسطى

بوابة الوفد الإلكترونية

المواطن الفقير هو المتضرر الأول من الإصلاح الاقتصادى، هذه حقيقة مؤكدة يعلمها الجميع، ولذلك دائمًا ما تتحدث الدولة عن رفع المعاناة عنهم، ولكن مع اتجاه الحكومة لإلغاء الدعم العينى واستبداله بدعم نقدى سيكون هناك ضحايا آخرون، ولكنهم لن يكونوا من الفقراء، فهناك أبناء الطبقة الوسطى الذين أنهكهم ارتفاع الأسعار طوال الفترة الماضية، فهؤلاء سيكونون أكثر تضررًا، خصوصًا أن برامج الحماية لا تشملهم، ومن ثم فلابد أن تراعى الحكومة وضع هؤلاء المواطنين حتى لا تدهسهم عجلات قطار الإصلاح الاقتصادى ويكونوا أول الضحايا، من دون أن تدركهم برامج الحماية الاجتماعية.

للفقراء فى مصر عدد من البرامج الحمائية التى تكلف الدولة حوالى 13 مليار جنيه سنويا، مثل معاش الضمان الاجتماعى وتكافل وكرامة، إلا أن هذه البرامج لم تستطع تغيير حياة هؤلاء الفقراء، فما زال الجوع صديقهم، يسكنون فى مناطق غير آدمية، يقاسون مرارة الحاجة والعوز ليلا ونهارا.

ومع اقتراب عجلة إلغاء الدعم قررت الحكومة التوسع فى البرامج الحمائية المقدمة لهم خاصة برنامج تكافل وكرامة الذى من المقرر أن يشمل مليونا و500 ألف أسرة بنهاية عام 2017 من ساكنى القرى الأكثر فقرا فى مصر، ومع اتجاه الحكومة لإلغاء الدعم العينى والتوجه للدعم النقدى أكدت مصادر بوزارة المالية أن الحكومة تقوم بدراسات الآن لاستحداث برامج اجتماعية جديدة لمد مظلة الحماية الاجتماعية قبل اتخاذ إجراءات بخفض الدعم وتعويم الجنيه، حيث تستهدف هذه البرامج الطبقات الفقيرة والأكثر احتياجا فى المجتمع، إلا أن الحكومة لم تتوصل للشكل أو المسمى النهائى لهذه البرامج.

وإذا كانت الحكومة تعلم أن الفقراء سيكونون أكثر المضارين من إلغاء الدعم ومن ثم يقوم بالاستعداد للتخفيف عنهم من خلال البرامج الحمائية، فإن هناك طبقات أخرى ستضار من جراء هذا الإجراء يجب الانتباه لهم، ألا وهم أبناء الطبقة الوسطى، هؤلاء الذين تحملوا أعباء ارتفاع الأسعار طوال الفترة الماضية، حتى باتوا يعانون مثل الفقراء وقد تكون معاناتهم أكبر، فهم ليسوا معدمين ولهم مصادر دخل ثابتة، كانت قديما تكفى مطالبهم، ومطالب أبنائهم، ومع ارتفاع الأسعار بدأت المعاناة ومع إلغاء الدعم عن الطاقة وما سيتبعه من ارتفاع أسعار كل شيء ستزيد المعاناة، وستتعاظم أكثر وأكثر مع ثبات الدخول بينما الأسعار فى ارتفاع مستمر، فهل ستشمل الحكومة هؤلاء فى برامجها أم ستتركهم فريسة لإلغاء الدعم؟

تصريحات المسئولين كلها تؤكد أن هؤلاء ليسوا على خريطة برامج الحماية، فالأحاديث كلها تدور حول الفقراء وما سيقدم إليهم حتى لو كان قليلا لا يكفى شيئًا، أما أبناء الطبقة الوسطى ذوو الدخول الثابتة فلا أحد يتحدث عنهم، خاصة ان منهم من يعمل فى القطاع الخاص ولا يقدم لهم أى شيء سوى رواتبهم التى تكون متدنية فى معظم الحالات، وتمثل الطبقة الوسطى فى مصر حوالى 50% إلى 60% من حجم المجتمع، ووفقا للتقسيم الأكاديمى تنقسم هذه الطبقة إلى 3 شرائح: الأولى هى الشريحة العليا الأقرب للغنى وهى لا تزيد على 5% من حجم أعضاء هذه الطبقة، والثانية هى الشريحة الوسطى التى تضم الضباط والمحامين والمهندسين والأطباء وغيرهم من المهنيين ويمثلون من 20% إلى 30%، و الثالثة هى الشريحة الدنيا وهى الأقرب للفقر و يمثلون حوالى 65% من أبناء الطبقة الوسطى، وهذه هى الشريحة التى تجاهد منذ فترة حتى لا تسقط فى مستنقع الفقر إلا أن إلغاء الدعم وما يتبعه من اشتعال فى الأسعار مع ثبات الدخول سيؤدى إلى انهيار هذه الشريحة وزيادة معاناتها، ولذلك ترى الدكتورة عالية المهدى أستاذ الاقتصاد وعميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سابقا أن أكثر من سيضار من برنامج الاصلاح الاقتصادى هم أبناء الطبقة الوسطى ولذلك لابد من وجود برامج لتخفيف آثار الاصلاح عليهم، وأشارت إلى أن برامج الحماية الموجودة حاليا سيتم التوسع فيها لتشمل عددا أكبر من الأسر مع زيادة المبالغ المخصصة لهم، وهذه البرامج ستخفف عن الفقراء، لكن أبناء الطبقة الوسطى خاصة الشريحة الدنيا منهم سيتأثرون، لذا يجب أن تقف الدولة معهم وتشملهم ببرامج حمائية بحيث تخفف عنهم آثار الاصلاح الاقتصادى.

ويطالب الدكتور أحمد يحيى أستاذ الاجتماع السياسى بجامعة قناة السويس بضرورة وضع تعريف لمحدودى الدخل أولا قبل البدء فى رفع الدعم، لأن هؤلاء سيكونون أول المضارين خاصة أن الفقراء هناك برامج  تحميهم، أما ذوو الدخول المنخفضة فلا يوجد ما يحميهم، ومن ثم يجب أن يقوم المسئولون بحساب الحد الأدنى لمعيشة الفرد عيشة كريمة، وهذا من خلال الدراسات و الأبحاث ومن يقل دخله عن المبلغ المحدد يجب أن تشمله برامج الرعاية، لأن إلغاء الدعم سيؤدى إلى معاناة الكثير من المواطنين لا تعلم عنهم

الحكومة شيئا لأنهم لا يندرجون تحت طبقة الفقراء والمهمشين، وأشار إلى أن التحول للدعم النقدى أصبح ضرورة فى ظل ظروف المجتمع، و معاناة المواطنين للحصول على السلع وانتشار الفساد الذى أفقد منظومة الدعم الهدف منها، لذلك يجب إلغاء الدعم العينى واستبداله بدعم نقدى يستفيد منه الفقراء وذوو الدخول المنخفضة من أبناء الطبقة الوسطى والدنيا، مع ضرورة وجود دور للدولة يتمثل فى القضاء على الاحتكار، وطالب الدكتور أحمد يحيى بضرورة ألا يكون مبلغ الدعم النقدى ثابتا وإنما متغير حسب زيادة الأسعار أو انخفاضها وحسب نسبة التضخم، وحسب دخل الفرد وعدد من يعولهم وسنهم وحالتهم إذا كانوا فى سنوات الدراسة أم لا، وبناء على كل هذه المعايير يحدد المبلغ الذى يجب أن يحصل عليه كل فرد وكيف يتم تقديمه له.

دخل الفرد

أما نور الهدى زكى القيادية بالحزب العربى الناصرى فترى أن إلغاء الدعم فى هذه المرحلة فى غاية الخطورة ولن تجدى برامج الحماية الاجتماعية نفعا معه، وما حدث فى أمريكا اللاتينية خير دليل، فالانصياع لشروط الصندوق والبنك الدوليين أدى إلى انفجار الأوضاع، وأضافت: لو أرادت الحكومة إلغاء الدعم و استبداله بدعم نقدى فعليها أن تحدد قيمته وفقا للأسعار العالمية التى ستبيع لنا السلع بها، ففى أوربا متوسط دخل الفرد 1500 يورو شهريا، ولو افترضنا أن اليورو بالسعر الرسمى يساوى 10 جنيهات فمعنى هذا أن المواطن المصرى يجب أن يحصل على 15 ألف جنيه شهريا، فهل تستطيع الحكومة أن تقدم للأسر الفقيرة هذا المبلغ؟، وهل تستطيع أن تدعم العامل بالفرق بين راتبه وهذا الرقم؟ وأضافت أن الدعم النقدى لا يتم التحكم فيه والوفاء به ولن تفيد معه برامج الحماية، خاصة ان لدينا مشكلة خاصة بمصر وهى انتشار الفساد وما سيترتب عليه من تلاعب فى هذه البرامج أيضا لإدراج أشخاص غير مستحقين فيها، وأكدت أنه فى حالة إلغاء الدعم فيجب أن تشمل برامج الحماية العديد من فئات المجتمع غير المدرجة فى بيانات الرعاية الاجتماعية مثل الباعة الجائلين  والعمالة المؤقتة والطلبة والموظفين الذين لا ينطبق عليهم الحد الأدنى للأجور وأسرهم، فالأمر يتطلب دراسات مستفيضة وخلق برامج حمائية تشمل كل هذه الفئات بما يتناسب مع دخل كل فرد وعدد أفراد أسرته وبما يتناسب مع الارتفاع الرهيب الذى سيحدث فى الأسعار، لأنه من دون ذلك ستنفجر الأوضاع بشكل لا يتوقعه أحد.

وأشارت نور الهدى إلى ضرورة اتباع الأسلوب الماليزى فى الإصلاح الاقتصادى دون افقار المزيد من المصريين، وذلك عن طريق الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والاهتمام بالتعليم وزيادة الانتاج، والاهتمام ببرامج التنمية الذاتية مثل مشروعات القرية المنتجة، مع ضرورة فتح أسواق جديدة عربيا وافريقيا، واحداث عملية التنمية دون افقار للبشر وتجويعهم.

وتساءلت: لماذا لا تلجأ الدولة إلى فرض ضرائب تصاعدية على الأغنياء  مثلما يحدث فى الدول الأوروبية التى تصل فيها قيمة الضريبة إلى 50% من الدخل، والاعتماد على سياسة التقشف فى الحكومة وإلغاء وظيفة المستشارين الذين يكلفون الدولة الملايين فهذه الاجراءات ستوفر للدولة الكثير وتجعلها قادرة على دعم الفقراء والمحتاجين.