رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

السكر في المخازن.. والشعب يشرب المر

بوابة الوفد الإلكترونية

عدوان ثلاثى على السكر.. هذه هى النتيجة التى ستنتهى إليها إذا ما فتحت ملف السكر، وتصفحت أوراقه، واستمعت لآراء جميع الأطراف المتعاملين فيه.. وثلاثى العدوان هم موظفون حكوميون، ورجال أعمال وتجار.

وثلاثتهم.. تحالفوا لخلق أزمة السكر الحالية، والنتيجة إخفاء أكثر من 3 أطنان سكر فى المخازن.. وعلى رأس المخزنين 7 رجال أعمال ضمنوا ربحاً يزيد على 12 مليون جنيه، فى صفقة واحدة!

والحكاية من البداية تقول إن اختفاء السكر بالشكل الذى نشهده حالياً، دليل جديد على أن المحتكرين، والفاسدين أقوى من كل أجهزة الدولة.. فلو كانت الأمور طبيعية، لما وصلت الأزمة للدرجة التى وصلتها حاليا.. والدليل واضح وضوح شمس أغسطس.

الأرقام الرسمية تقول إن مصر تنتج سنوياً أكثر من مليونى طن سكر، بينما تستهلك حوالى 3.1 مليون طن.. إذن ننتج حوالى 70% من احتياجاتنا وبالتالى فإن حدوث أزمة فى السكر، لا ينبغى أبداً أن تزيد على 30%، أى ما يعادل النسبة التى نستوردها.. هذا فى حالة توقف الاستيراد، وما دام الاستيراد لم يتوقف، وما دامت الشركات المحلية لم تتوقف عن الإنتاج، فليس هناك مبرر واحد لحدوث أزمة.. معنى ذلك أن الأزمة الحالية ليس لها أى مبرر.

وليس هذا فقط، فالثابت من الأرقام الرسمية للدولة أن شركات الحكومة كان فى مخازنها حتى 6 شهور مضت ما يعادل 3 ملايين طن سكر.. وهذه الكمية تكفى الاستهلاك المحلى لمدة عام كامل.. وفى مثل هذه الأحوال ليس من المقبول ولا من المعقول أن تحدث أزمة فى السكر.

وبالتالى فعندما يقفز سعر كيلو السكر من 5 جنيهات إلى 8 جنيهات، دفعة واحدة، ثم يقفز السعر إلى 10 جنيهات و12 جنيهاً فى بعض الأحيان، وبعدها يختفى السكر تماماً، ويباع وكأنه من الممنوعات، فهذا يعنى أن هناك خطأ كبيرا قد وقع.

ما هذا الخطأ؟.. يجيب الدكتور نادر نور الدين مستشار هيئة السلع التموينية السابق: «صار فى حكم المؤكد أن هناك مافيا تتعمد تعطيش السوق وأن هذه المافيا تخزن كميات كبيرة انتظاراً لارتفاع أسعار السكر لتحقيق أرباح طائلة».

ويضيف: الخطأ الفادح الذى ارتكبته الدولة فى عهد الوزير السابق خالد حنفى، هى إلغاء اتفاق الوزارة مع المصانع الحكومية للسكر باحتكار كامل إنتاجها من السكر لصالح الوفاء بالتزامات الدولة تجاه المواطنين المسجلين على بطاقات التموين وعددهم 73 مليون مواطن، بالإضافة إلى توفير حاجات المجمعات التعاونية التى يرتادها الفقراء لاستكمال حاجتهم من السكر.

واعتمد خالد حنفى على سكر التجار فقط، ووصل الراكد فى مخازن شركات السكر إلى 3 ملايين طن، ووصلت ديون شركات الحكومة إلى 6 مليارات جنيه، بسبب سياسات التجار برعاية الوزير السابق لإغراق السوق المصرى بالسكر المستورد وقت أن كان سعره عالميًا لا يتجاوز 3 جنيهات فقط بسبب توقف أكبر الدول المنتجة للسكر، خاصة البرازيل عن إنتاج الإيثانول الحيوى من قصب السكر، بعد انهيار أسعار البترول وانخفاض البرميل إلى 40 دولاراً، وبالتالى زادت الكميات المطروحة من السكر عالمياً، فانهارت أسعاره واستغل التجار الحال وأغرقونا بالسكر المستورد حتى كادت مصانعنا الحكومية أن تغلق، لأنها لا يمكن أن تبيع السكر بأقل من 4.5 جنيه بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج فى مصر، وتدخل الحكومة فى تحديد أسعار القصب والبنجر لصالح الفلاحين، واستغل التجار الحال وأغرقونا بالسكر المستورد حتى كادت مصانعنا الحكومية أن تغلق لأنها لا يمكن أن تبيع السكر بأقل من 4.5 جنيه بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج فى مصر، وتدخل الحكومة فى تحديد أسعار القصب والبنجر لصالح الفلاحين.

ويضيف: «فى شهر فبراير الماضى بدأ السكر يرتفع فى البورصات العالمية بعدما عادت البرازيل إلى استخراج الإيثانول من قصب السكر، واستمر الارتفاع حتى الشهر الماضى، ووصل السكر فى البورصة العالمية حالياً إلى 550 دولاراً للطن بعد كان 250 دولاراً فى العام الماضى».

ويواصل: التجار استغلوا ارتفاع أسعار السكر عالمياً، واستغلوا قرار خالد حنفى بإنهاء احتكار الوزارة للسكر الحكومى، فقاموا بإبرام عدة تعاقدات مع مصانع السكر الحكومية، بالإضافة إلى المصنعين الاستثماريين، وهما صافكو والنيل المملوكة لرجل الإعلان نجيب ساويرس، وكانت النتيجة أنهما استحوذا على كامل إنتاج المصانع المحلية من السكر ونقلاها إلى مخازنهما، وعندما استفاق وزير التموين الجديد لم يجد سكر بالمصانع الحكومية والخاصة لأن التجار استحوذوا عليه بشكل قانونى عبر تعاقدات رسمية، ومن هنا لم تجد وزارة التموين الغائبة عن الوعى بديلاً إلا طرح استيراد 500 ألف طن من السكر البرازيلى يصل بعد شهرين بسعر 550 دولاراً للطن، أى ما يعادل 7 جنيهات للكيلوجرام أو أكثر بسعر السوق السوداء للدولار لتبيعه بالخسارة بعد أن تركت إنتاجها الحكومى للتجار.

< سألت="" الدكتور="" نادر="" نور="" الدين:="" وما="" مصير="" الـ="" 3ملايين="" طن="" سكر="" التى="" كانت="" فى="" مخازن="" شركات="" الحكومة..="" وهل="" هذه="" الكميات="" تم="" تصديرها="" للخارج="" أم="" لا="" تزال="" فى="" مخازن="" بعض="" رجال="" الأعمال="" فى="">

- فقال: هذه الكميات تم بيعها للتجار بسعر 4.5 جنيه، وقاموا بسحبها كلها قبل رمضان وحتى الآن والبركة فى خالد حنفى الذى سخر إنتاج الحكومة للتجار وليس للحكومة، وواضح أن هذه الكميات مخزنة فى مخازن التجار وهم معروفون للدولة بالاسم وشركاتهم مسجلة وهم لا يزيدون علي سبعة تجار كبار.

 

رحلة الزيادة

فى مايو الماضى قررت الحكومة إعفاء مستوردى السكر الخام من الرسوم الجمركية لنهاية عام 2016، فيما فرضت رسوماً على صادرات السكر بواقع 900 جنيه للطن.. ووقتها أعلن مجلس الوزراء أن إجمالى المخزون الاستراتيجى من السكر يبلغ 1.5 مليون طن، مؤكداً أن تلك الكمية تكفى حتى مطلع 2017.

نفس المعنى تقريباً كرره فى آخر يونيو الماضى خالد حنفى وزير التموين -آنذاك- مؤكداً أن مخزون البلاد الاستراتيجى من السكر يكفى لمدة عام.

لكن عقب استقالة «حنفى» فى أغسطس الماضى، شهدت أسعار السكر المحلى ارتفاعاً ملحوظاً وقفز السعر من ٣ جنيهات للمستهلك ليصل إلى ٨ جنيهات، كما ارتفع متوسط سعر الطن بقيمة ٢٠٠٠ جنيه، حيث ارتفع من ٤٦٥٠ جنيهاً حتى قارب الـ ٧ آلاف جنيه وصل إلى متوسط 6.700 جنيه للطن.

وأمام هذه الزيادة تدخل المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة والقائم بتسيير أعمال وزارة التموين –وقتها- وأعلن أنه سيتم خلال المرحلة القريبة المقبلة ضخ 37 ألف طن سكر فى السوق المحلى لتلبية احتياجات المستهلكين، مع توفير ما يقرب من 450 إلى 550 ألف طن سكر لتأمين احتياجات السوق المحلى حتى نهاية الموسم الحالى فى فبراير المقبل.

ولكن ما حدث كان غير ذلك، فلم يظهر للسكر الذى أعلن الوزير عن ضخه فى الأسواق أثر، وكأنه «فص ملح وداب»، ولهذا تزايدت الأزمة حتى وصلت لذروتها حالياً، واختفى السكر بشكل غريب جداً، أما سعيد الحظ الذى يبتسم له زمانه، ويجد كيلو سكر، فعليه أن يدفع 12 جنيهاً للكيلو الواحد!

 

السعر العادل

الارتفاع الجنونى فى أسعار السكر، يطرح سؤالاً جوهرياً وهو: ما السعر العادل لكيلو السكر؟.. والسعر العادل هو السعر الذى يغطى نفقات إنتاجه مضافاً إليه نسبة ربح معقولة.

إجابة السؤال تبدأ من بورصة الأسعار العالمية للسكر، والتى تبلغ حاليا 550 دولارا للطن، ويضاف إليها تكاليف النقل البحرى من أكبر دولة نستورد منها السكر وهى البرازيل (28 يوماً) وتكاليف التفريغ فى الموانئ المصرية وتكاليف التعبئة والنقل الداخلى من الموانئ إلى جميع المحافظات، وبالتالى سيتراوح سعر السكر المستورد ما بين 9 إلى 10 جنيهات.

أما السعر المحلى العادل فحسب تقديرات الكيميائى عبدالحميد سلامة رئيس شركة الدلتا للسكر فيتراوح بين 5 جنيهات و5.5 جنيه.. ويقول: «هذا السعر يحقق ربحاً للصانع والتاجر.. والزيادة عن ذلك تمثل زيادة غير مبررة».

وتتفق تقديرات رئيس شركة الدلتا مع القرار الأخير الذى اتخذه وزير التموين الحالى محمد على مصيلحى، وهو القرار الذى يحمل رقم 194 لسنة 2016 والذى حدد سعر كيلو السكر لشركات الصناعات الغذائية بـ6 جنيهات، وللسلاسل التجارية بـ 495 قرشاً، وللأهالى بـ 5 جنيهات.

ويؤكد رئيس شركة الدلتا أن إنتاج السكر فى مصر يتم طبقا للمعدل الطبيعى، مشيراً إلى أن الشركة تمتلك 75 ألف طن فى المخازن، ويقول إن هذا هو المعدل الطبيعى للتخزين.

< سألته:="" وما="" مصير="" هذا="" السكر="">

- فقال: تتحكم فى تصريفه الشركة القابضة للأغذية.

 

أباطرة السكر

4 شركات كبرى تقود قاطرة استيراد السكر.. أولاها شركة يمتلكها أحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية.. والثانية شركة مملوكة لرجل الأعمال عبدالمنعم ساير وشريكه أشرف محمود نجل وزير التخطيط السابق محمد محمود.. والشركة الثالثة شركة أمريكية عالمية تعمل فى السوق المصرى.. والرابعة يملكها يمنى الجنسية.

والشركات الأربعة تستورد السكر الخام من الخارج ويعيدون تكريره فى مصانعهم أو السكر الأبيض نفسه بجانب الشراء من مصانع الحكومية.

وهناك شركات أخرى أصغر حجماً تعمل أيضاً فى مجال استيراد السكر وشرائه من المصانع الحكومية.

ولم يحدث أن أعلنت شركة من الشركات المستوردة للسكر أنها توقفت عن الاستيراد، وهو ما يعنى أن الاستيراد يتم بشكل طبيعى ولم يتعرض لأزمات.

وفى المقابل، وحسب مصادر مطلعة، فإن بعض الشركات صدرت خلال الفترة الماضية حوالى 200 ألف طن سكر من مصر إلى الخارج، ما أدى إلى تعطيش السوق، ونقص المعروض، ومن هنا انطلقت أسعار السكر فى الارتفاع.

 

اعترافات تاجر

وحسب أحد تجار السكر - طلب عدم ذكر اسمه - فإن بعض التجار يخزنون حالياً كميات ضخمة من السكر، على أمل زيادة تعطيش السوق وارتفاع أسعاره، وعندها سيحققون أرباحاً كبيرة، خاصة أن أغلب ما لديهم من سكر اشتروه بأسعار تتراوح بين 4.5 و6 جنيهات.

وقال: «للأسف، بعض رجال وزارة التموين، دفعوا الكثيرين إلى التخزين، حيث مارسوا ضغوطاً كبيرة على التجار لإجبارهم على بيع السكر بـ 5 جنيهات، وهو ما دفع الكثيرين إلى تخرين السكر، والتوقف عن البيع خاصة أن البيع بخمسة جنيهات سيسبب لهم خسائر».

وأضاف: «قبل أكثر من شهرين كان طن السكر يتم شراؤه من الشركات الحكومية بحوالى 4000 جنيه، ولم يكن مسموحاً للشراء من المصانع الحكومية سوى لكبار التجار، وهؤلاء بدورهم يبيعون كل طن للتجار الصغار بحوالى 4500 جنيه، وبدورهم كان هؤلاء التجار يبيعونه لموزعين بحوالى 5 جنيهات للكيلو، والموزعون يبيعون الكيلو بـ 6 جنيهات، أما الآن فالتجار الكبار يبيعون طن السكر للتجار الصغار بحوالى 7500 جنيه، ولهذا قفز السعر عند الموزعين الصغار إلى 9 جنيهات».

 

بوكس

أرقام

الحكومة تشترى طن قصب السكر من الفلاح بحوالى 400 جنيه

< طن="" قصب="" السكر="" ينتج="" عنه="" 120="" كيلو="">

< استهلاك="" المصريين="" من="" السكر="" 250="" إلى="" 270="" ألف="" طن="">

< الاستهلاك="" السنوى="" من="" السكر="" 3.2="" مليون="">

< الإنتاج="" المحلى="" من="" سكر="" البنجر="" حوالى="" 1.25="" مليون="">

< إجمالى="" إنتاج="" سكر="" القصب="" حوالى="" مليون="">

< الاستهلاك="" المحلى="" من="" السكر="" بلغ="" نحو="" 3.1="" مليون="" طن="">

< فجوة="" الاستهلاك="" بين="" الإنتاج="" والاستهلاك="" حوالى="" 900="" ألف="" طن="" من="">