عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طابا بين التحرير واستفزاز دولة الاحتلال للمصريين

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أثار إعلان دولة الاحتلال الإسرائيلي عن تغيير اسم معبر طابا لمناحم بيجن، تخليدًا لذكرى رئيس وزراء دولة الاحتلال الأسبق مناحم بيجن، في احتفالية أذاعتها القناة السابعة الإسرائيلية، آثار موجة غضب واسعة بين أوساط المصريين، حيث أضاع عليهم فرحتهم السنوية بذكرى تحرير طابا من الاحتلال الإسرائيلي، ففي مثل هذا اليوم و بأمر من المحكمة الدولية، ومساندة الكثير من دوال العالم، استطاعت مصر استعادة آخر شبر من أراضيها رسميًا وهو طابا، بعد أن انتزعته من براثن الكيان الصهيوني، واستطاعت إحراج إسرائيل أمام دول العالم أجمع.

 

عقب حرب أكتوبر وخروج إسرائيل من الأراضي المصرية، وقعت القاهرة مع تل أبيب اتفاقية كامب ديفيد، والتي ألزمت الأخيرة بالانسحاب الكامل من سيناء، إلا أن تل أبيب معروفة بمراوغتها الدائمة، فتلكأت في خروج قواتها من طابا، بل أدعت أنها تدخل ضمن أراضي دولتها المزعومة، وتعنتت في الاعتراف بمصريتها وتسليمها إلى القاهرة.

 

وكانت العلامة 91 في طابا، هي نقطة النزاع الذي أصبح دوليًا بعد ذلك بين مصر وإسرائيل، بعدما أبرمت إسرائيل اتفاقية أخرى خاصة بإجراء مؤقت لحل مسائل الحدود المتنازع عليها، وذلك في 25 ابريل عام 1982.

 

وبموجب هذه الاتفاق، فإنه لا يحق لإسرائيل إقامة أي منشاءات لها على أرض طابا، كذلك حظر ممارسة مظاهر السيادة عليها، إلا أنه بعد مضي ثلاثة أشهر فقط من عقد الاتفاق، نقضت إسرائيل عهدها، حيث افتتحت فندق "سونستا"، وأنشأت قرية سياحية، وأدخلت قوات حرس الحدود‏، ما دفع الحكومة المصرية إلى الرد عليها عن طريق تشكيل لجنة قومية للدفاع عن طابا واللجوء للتحكيم الدولي.

 

واختلقت إسرائيل عقب ذلك الخرق الواضح مشاكل وأكاذيب حول منطقة طابا، فلم تجد القاهرة أمامها سوى اللجوء إلى القضاء الدولي، ووافقت إسرائيل ظنًا منها أن الحكم في القضية سيكون لصالحها، حيث دخلت مصر معها في معركة قضائية لاسترداد قطعة من أرضها، مثلت ملحمة من التعاون الجماعي المصري ضد الكذب الإسرائيلي، بمشاركة دولية داخل الأمم المتحدة التي أنصفت الجانب المصري.

 

كان الاستعداد المصري قوي للغاية، حيث شكلت فريق كان على قدر عالي جدًا من الثقافة والمعرفة بجغرافيا البلاد وحدوها، لإثبات أحقية مصر تاريخيًا في طابا، بقرار من مجلس الوزراء برئاسة عصمت عبدالمجيد آنذاك، حيث ضم الفريق ‏24‏ خبير، منهم ‏9‏ من خبراء القانون، و‏2‏ من علماء الجغرافيا والتاريخ‏،‏ و‏5‏ من كبار الدبلوماسيين بوزارة الخارجية، و‏8‏ من العسكريين وخبراء المساحة العسكرية‏، وعهدت وزارة الخارجية المصرية بمهمة إعداد المذكرات إلى لجنة مشارطة التحكيم.

 

ومن الشخصيات البارزة في الوفد، الدكتور نبيل محمد عبدالله العربي، أمين عام جامعة الدول العربية السابق، والمستشار محمد فتحي نجيب، واللواء أركان حرب متقاعد أحمد خيري الشماع، واللواء محمد كامل الشناوي، كما ضم الوفد الدكتور مفيد شهاب، والدكتور أحمد صادق القشيري، والدكتور جورج ميشيل جورج، والدكتور سميح أحمد صادق، وصلاح الدين محمود فوزي، وكمال حسن علي، وزير الدفاع الأسبق.

 

وبضغط من الولايات المتحدة قرر مجلس الوزراء الإسرائيلي الموافقة على التحكيم، وتم توقيع اتفاقية المشارطة بمشاركة شمعون بيريز في 11 سبتمبر 1986، وهدفت مصر من تلك المشارطة إلى إلزام الجانب الإسرائيلي بالتحكيم وفقًا لجدول زمني محدد بدقة، وحصر مهمة هيئة التحكيم في تثبيت مواقع العلامات المتنازع عليها.

 

وضمت هيئة التحكيم الدولية ‏5‏ أعضاء‏ هم؛ الدكتور حامد سلطان ممثلًا عن الجانب المصري، و"روث لابيدوت"‏ ممثلًا عن الجانب الاسرائيلي، بالإضافة إلى ثلاثة آخرون هم‏:‏ "بيليه" رئيس محكمة النقض الفرنسية السابق‏، و"شندلر" أستاذ القانون الدولي بسويسرا‏‏، و"لاجرجرين" رئيس محكمة ستوكهولم.

 

وحرص الفريق المصري على إثبات أحقيتنا في طابا؛ حيث مثلت الوثائق التاريخية 61% من نسبة الأدلة المستخدمة في القضية، كما قدمت مصر العديد من المستندات التي تثبت أن هذه البقعة كانت دائمًا تحت سيطرة مصر.

 

وفي ديسمبر عام‏ 1986‏، عقدت أولى جلسات هيئة التحكيم الدولي، ثم تلقت المحكمة المذكرات المضادة والردود من الطرفين،‏ واتفقوا على تقديم مذكرة ختامية في يناير‏ 1988، إضافة إلى جولتين من المرافعات الشفهية في مارس وأبريل من نفس العام‏، واستمرت المرافعات‏ 3‏ أسابيع.

 

واعتمدت محكمة العدل الدولية على عدة وثائق منها معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التي نصت علي الانسحاب إلى حدود فلسطين قبل الانتداب البريطاني أي قبل إسرائيل، وبالتالي تم حصر مهمة المحكمة في تحديد علامات الحدود بين مصر وإسرائيل في فترة تاريخية محددة ما بين عام ‏1906‏ وعام 1932.

 

ويوم 29 من سبتمبر عام 1988 في قاعة المحكمة بجنيف، ترأس جلسة الحكم القاضي السويدي جونارلا جرجرين، وبمشاركة 5 محكمين من بينهم مصري وإسرائيلي، صدر الحكم بأحقية مصر في طابا بأغلبية 4 أصوات مقابل صوت رفض واحد وهو المحكم الإسرائيلي، وكتبت حيثيات الحكم في 230 صفحة.

 

وكانت تركيا وقتها هي صاحبة القول الفصل، حيث كانت تمتلك خرائط موثقة لأملاكها الواسعة أيام ''الإمبراطورية العثمانية''، وكان من ضمنها خرائط تعود لعام 1906، والتي تثبت حدود ''الولاية المصرية'' وحدودها مع ''فلسطين''، وظهرت فيها ''طابا'' كاملة ضمن الأراضي الواقعة لسيادة الوالي المصري، وهو ما اعتبر وقتها بمثابة كارت أحمر في وجه إسرائيل، وفضح مزاعمها بشأن امتلاك طابا.

 

الجدير بالذكر أن طابا تقع على رأس خليج العقبة بين سلسلة جبال وهضاب طابا الشرقية من جهة ومياه خليج العقبة، كما أنها على بعد 7 كيلو مترات من ميناء إيلات الإسرائيلى، و245 كيلو مترًا من شرم الشيخ، وتواجه مباشرة الحدود السعودية، وتتمتع بمخزون ضخم من المياه العذبة.