عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكتب "زايد" ..أسوأ نموذج للفوضي

بوابة الوفد الإلكترونية

زحام.. مشاجرات.. أصوات من هنا وهناك.. حالة من المعاناة اليومية يعيشها المترددون على مكتب الشهر العقارى بمدينة الشيخ زايد، فما أن تدخل هذا المكتب حتى تشعر وكأنك فى «علبة سردين» فالمكتب شقة متواضعه للغاية مكونة من ثلاث غرف وصالة وحمام صغير تحول إلى غرفة مراجعة بالكاد يكفى لجلوس الموظفة وحدها، أما المطبخ فتحول إلى أرشيف متهالك.

هذا الجو من الزحام والفوضى، لايساعد أبدًا الموظفين على أداء واجبهم على اكمل وجه ولاسيما ان المكتب يعانى من نقص شديد فى أعداد الموظفين والباحثين، وغالبا ما يسقط «السيستم» أكثر من مرة فى اليوم، وهو ما لمسناه شكوى رئيسية من كافة المترددين على هذا المكتب الذى يصفه أهل زايد وأكتوبر بأنه أسوأ مكتب على مستوى الجمهورية، وأفضل نموذج لتعذيب المواطنين فى طوابير الروتين.

اتجهنا إلى المكتب فى الثامنة صباحاً، فوجدنا العشرات جاءوا مبكرا قبلنا حتى يستطيعوا كتابة أسمائهم فى كشف الطابور للحصول على ترتيب متقدم، يمكنهم من إنجاز معاملتهم مبكرا وحتى لا يجبر على القدوم مرة أخرى فى اليوم التالى حيث يتوقف جميع العاملين فى هذا المكتب عن العمل فى تمام الساعة الواحدة وجملتهم الجاهزة دائمًا «فوت علينا بكرة» خلاص قفلنا الاجهزة والدفاتر.

بعد ساعة واحدة من الحضور تخطى عدد المسجلين فى كشف الطابور نحو 150 مواطنا وعندما بحثنا عن الموظفين الذين يخدمون هؤلاء وجدنا موظفأً واحداً يدعى كريم يكاد يكون هو الموثق الوحيد الذى يعمل بكل جد واجتهاد، أما زميله الموظف على المكتب الذى يجاوره كان غائباً، والموظف الآخر الذى على يساره جاء خمس دقائق فقط وانصرف، ولم نر وجهة بعد ذلك.. وكأنه فص ملح وداب.

أما مديرة المكتب فلا تستطيع فعل شىء سوى تهدئة المواطنين وامتصاص غضبهم واستيائهم الشديد من المكتب ومن الزحام وسوء معاملة المواطنين الذين اضطروا للجلوس على السلالم الخارجية تحت لهيب الشمس الحارقة انتظارا لدورهم فلا تمر دقائق معدودة حتى نسمع صياحا وتشاجرا وتشابكاً بالالفاظ ما بين المواطنين بعضهم بعضا أو بينهم وبين الموظفين بسبب بطء الاجراءات أو بطء النت وتعطل أجهزة الكمبيوتر.

فالمشهد بكل ملامحه سيئ للغاية، تكدس رهيب المواطنين من الشيوخ والعجائز والمرضى والمعاقين داخل المكتب وفى الشوارع الجانبية والطرقات المؤدية للمكتب هروبًا من الزحام الشديد الذى يحيط بالمكان.

قبل أن اصطف فى طابور العذاب، فكرت ألا ألتزم بتسجيل اسمى فى الكشف ولكن نصحنى احد المواطنين بان ذلك افضل طريقة يتبرع بالقيام بها أحد الحضور، حفاظا على النظام ولعدم حدوث مشاكل، وعندما سالت لماذا لا يقوم أحد الموظفين بهذه المهمة أو يكون بالمكتب على الأقل ماكينة خاصة يسحب منها المواطن رقما بدوره.. ضحك الرجل وقال «قلبك أبيض» فانصعت له وكان رقمى 135 فى الكشف.

الموظفون

كان نقص عدد الموظفين هو اكثر ما لفت نظرى وهو السبب الرئيسى فى الزحام فمجرد دخولى لباب المكتب وجدت ثلاثة مكاتب على كل منها جهاز كمبيوتر والمؤسف ان من يعمل هو موظف واحد فقط والاثنان الاخران غير متواجدين وسرعان ما سألت «هو مفيش غير موظف واحد «فأجابنى أحد المواطنين نادرا ما يكون هناك ثلاثة موظفين لاستقبال المعاملات والأوراق».. وهذا سبب الفوضى بالزحام.

كنا نتابع عن قرب كريم الموظف الذى ظل يعمل وحيدا طوال اليوم يتعرض للسباب تارة والاشتباك تارة أخرى من قبل المواطنين وليس له حول ولا قوة بسبب سوء الجهاز، توجهت إليه وسألته عن باقى الموظفين فاخبرنى «العدد قليل مفيش غير موظف معايا وبيجيب أوراق وشهادات لاستكمال إجراءات العمل».

ظهرت علامات الإرهاق والتعب على وجه كريم، وحينما أخبرته عن العمل فى الفترة المسائية لإنهاء مصالح المواطنين أخبرنى «لا توجد فترة مسائية فجميعنا ننصرف فى تمام الساعة الواحدة ولا يتواجد إلا مديرة المكتب» ورغم عمل كريم المستمر دون توقف إلا أنه يحتاج إلى تدريب أكثر حتى يتمكن من الانجاز السريع.

عذاب يومى

عادل التهامى صاحب مطبعة أخبرنا انه حضر إلى الشهر العقارى لعمل توكيل عام لابنه لضرورة سفره للخارج، فطلبوا وجود ابنه وبطاقته

الشخصية فأحضره، وشكا لنا التهامى من بطء الاجراءات، مشيرا إلى أنه لليوم الثانى على التوالى يحضر إلى المكتب بسبب تعطل الجهاز وسقوط «السيستم».

وأضاف جئت اليوم لعمل إقرار بنكى من الشهر العقارى حتى يتمكن ابنى من التعامل مع البنوك لأن التوكيل العام لا يعترف به فى البنوك فقمت على الفور بإجراءات الإقرار طوال اليوم بعد الحاح وتقديم الجواز والتذكرة لتأكيد السفر خلال ساعات، وبعدها فوجئت بعدم اعتراف البنك بالإقرار البنكى فقمت بعمل توكيل آخر لابنى بالبنك.. سألته ومن قال لك بضرورة عمل توكيل بنكى فى الشهر العقارى فأجابنى للأسف أحد الموظفين هنا، وما كدت أنتهى معه حتى تشاجرت سيدة مع أحد الموظفين فى غرفة أخرى يجلس بها موظفان بسبب عدم تمكينها من توثيق شقتها التمليك رغم سداد كل الرسوم وإحضار جميع المستندات المطلوبة، وقالت: أنا فى رحلة عذاب بعد ان انتظرت فترة طويلة ليأتى دورى فى الكشف وتواصل توجهت للموظف المختص أخبرنى اننى لا استطيع تسجيل الشقة إلا بعد تقديم إيصال كهرباء أو غاز بتاريخ قديم قبل شهر مايو 2015 أو التوجه إلى جهاز المدينة للحصول على إقرار وتقديمه للشهر العقارى.. وصرخت فجأة.. يارب ارحمنا وخلصنا من هذا العذاب.

توجهت إلى مدير المكتب «مها» وهى المديرة المسئولة عن الشهر العقارى ودون أن أكشف عن هويتى سألتها.. لماذا لا يوجد سوى الموظف كريم فى استقبال المواطنين والتعامل مع طلباتهم فاجابتنى «هو حضرتك عاوز تعمل ايه» فقلت أرغب فى عمل توكيل لأحد المحامين، فكان ردها متعاون «اتفضل حضرتك استريح أنا هعملك التوكيل».

تحدثت إليها عن أسباب سوء الوضع داخل المكتب فأجابت «طلبت من الادارة موظفين لتخفيف العبء عن المواطنين ولم يستجب أحد» مشيرة إلى أن معظم الموظفين لا يجيدون التعامل مع الحاسب الآلى بسرعة واحترافية فالوعود التى تخرج من المسئولين أن المستقبل للحاسب الآلى تتبخر أثناء الحصول على الوظائف فأصحاب الدبلومات والمعاهد هم من يحصلون على الوظائف أما خريجو الجامعات فيجلسون فى المنازل لا يجدون وظائف رغم انهم الأجدر بالعمل فى مجال التعامل مع الحاسب الآلى»

وأضافت المديرة: الدولة خصصت مبلغ 350 مليون جنيه لتطوير الشهر العقارى فقط.. فكيف تضع تلك الميزانية الضخمة من أجل تطوير أجهزة الكمبيوتر، واستحداث مكاتب خدمة جديدة والموظفين غير مؤهلين للتعامل مع تلك الاجهزة مشيرة إلى أن أغلب مكاتب الشهر العقارى ضيقة وعدد موظفيها قليل يعد على أصابع اليد الواحدة»

والغريب أنها أثناء استكمالها البيانات الخاصة بالتوكيل الذى طلبته «سقط السيستم» أى وقع ولم أستطع استكمال التوكيل لأن الانترنت المتصل بالمكتب ضعيف ولا يساعد على انهاء مصالح المواطنين فى سهولة ويسر.