الشيخ محمد الطوخي.. عمدة المبتهلين فيى القرن العشرين
رحم الله فارس الابتهالات والانشاد الدينى فضيلة الشيخ محمد الطوخى الملقب بـ «عميد الإنشاد الدينى والابتهالات فى القرن العشرين».
هو واحد من جيل العمالقة، تعلق قلبه بمديح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهبه الله حنجرة قوية من ذهب، سخرها فى قراءة كتاب الله ومدح الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فى رحلة استمرت أكثر من 70 عاماً، حتى عُرف بعذوبة صوته الندى، وأدائه ذى البصمة المتفردة، فلم يقلد أحداً، جمع بين تلاوة القرآن والابتهالات، واشتهر بين أهل قريته «سنتريس» بالمنوفية سريعاً، وامتدت شهرته للقرى المجاورة لها ومن ثم الى محافظات مصر كلها، ثم كانت الانطلاقة من المحلية الى العالمية حتى ذاع صيته فى الدول العربية والاسلامية، وظل هكذا بصوته الصافى، ينشد قصائد نادرة، وقد لقب وقتها بألقاب عدة أبرزها كروان الاذاعة المصرية، لصوته الصداح وادائه المتميز فكان صاحب مدرسة لها بصمة واضحة فى الانشاد الدينى.
ولد فضيلة الشيخ محمد الطوخى فى قرية «سنتريس» بمركز أشمون بمحافظة المنوفية فى الحادى والعشرين من شهر فبراير عام 1922 وكانت نشأته فى اسرة متدينة حريصة كل الحرص على تعاليم الدين والمحافظة على قيمه، ودفع به والده الى كتاب القرية فى عمر خمس سنوات، وفى الكتاب نال اعجاب شيخه وانبهر به حتى أنه توقع له مستقبلاً كبيراً فى دولة التلاوة وأنه سيكون أحد سدنة القرآن فى القرن العشرين، ومرت السنوات وأتم «الطوخى» حفظ كتاب الله فى كتاب القرية قبل أن يتم العاشرة من عمره، وصدقت توقعات شيخ الكتاب عن تلميذه «الطوخى» فسرعان ما بدأت بشائر النبوغ تظهر على «الطوخى» وفى بداية الثلاثينيات انتظم مع الشيخ أحمد الدكرورى وهو أحد كبار محفظى القرآن الكريم وتعهده الشيخ حتى حفظ كتاب الله بجميع الروايات، فى مدة اقتربت من العامين بعدها استكمل «الطوخى» دراسته لعلم التجويد على يد الشيخ عبد العليم محجوب، ثم التحق بالأزهر الشريف وهناك حيث منبع العلوم الشرعية والدينية تعلم «الطوخى» كل هذه العلوم على يد علماء الأزهر آنذاك وفى مقدمتهم الشيخ ابراهيم حسن والشيخ يوسف الروبى والشيخ محمد هنيدى، ولم يكن عمره قد تجاوز الرابعة عشرة، ثم بدأ «الطوخى» مشواره مع السهرات القرآنية بقريته ثم القرى المجاورة لها حتى ذاع صيته في مختلف أنحاء محافظة المنوفية، وبعد فترة تقدم لاختبار القرآن الكريم بوزارة الأوقاف، وهناك استمع له الدكتور حسن حسين شحاتة الأستاذ بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر الشريف، وطلب منه احياء ليالى شهر رمضان عند «كامل بك عثمان» من أعيان مركز أبو قرقاص بمحافظة المنيا بصعيد مصر عام 1940، واستمر فى إحياء ليالى رمضان القرآنية بالصعيد لمدة ثمانى سنوات متتالية، حتى ذاع صيته فى محافظات الصعيد كله، وفي الأربعينيات وحتى بداية الخمسينيات حصل الشيخ على أعلى درجات اختبار وزارة الأوقاف وفى عام 1949م عين قارئاً لمسجد السلطان «أبو العلا» وكان الملك فاروق يستمع للشيخ الطوخى فى ذلك المسجد، وفى عام 1949 كان «الطوخى» يقرأ القرآن فى منزل حسين بك جلال وأخيه عبدالله جلال ببنى مزار واستمر حتى عام 1951 وفى عام 1952 انتقل الى منزل الحاج رشوان بك عمدة العسيرات بمركز جرجا بمحافظة سوهاج فى صعيد مصر.
رحلته مع الابتهالات الدينية والمدائح النبوية، بدأت بعد أن درس الموسيقى حتى عام 1960 مما زاد صوته تألقاً ونقاء وصفاء وجودة فى الأداء، حتى وصله خطاب من ادارة المعهد العالى للموسيقى يخطرونه فيه بأنه وقع عليه الاختيار كعضو بالمعهد العالى
فى يوم الخميس فى السادس من شهر مارس لعام 2009م آن وقت الرحيل حتى فاضت روح الشيخ محمد الطوخى الى بارئها بعد أن ملأ الدنيا بصوته العذب وأدائه سواء فى تلاوة كتاب الله أو مديح رسول الله، لكن اذا رحل الجسد يبقى التراث، حيث هناك اشرطة نادرة حصل عليها محبوه من سوريا وايران، ليظل اسم «الطوخى» محفوراً فى ذاكرة دولة التلاوة والانشاد الدينى رحمه الله رحمة واسعة.