رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

القارئ الشيخ محمد أحمد شبيب.. بلبل الإذاعة المصرية

الشيخ محمد أحمد شبيب
الشيخ محمد أحمد شبيب

لم يكن الشيخ محمد شبيب قد تخطى الخامسة والعشرين من عمره بعد، عندما قُدر له أن يصاب بالتهاب فى الحنجرة أوشك أن يفصل بينه وبين دكة التلاوة للأبد، وذلك بين الفترة من نهاية الخمسينيات وأوائل الستينيات، عندما بدأ صوته يشق طريقه نحو الانطلاقة الأولى فى محافظة الدقهلية.

بدأ يخط طريقه نحو المجد والشهرة بخطى واثقة، واقتدار، وقد شبه البعض صوته بصوت الشيخ هاشم هيبة إلى درجة كبيرة، بالإضافة لوقاره والتزامه، لا يغير المقام الذى يقرأ به  حتى يفرغ من التلاوة، لكن شاء الله له ليجرى عملية جراحية فى الحنجرة عام 1961، ونجاه الله،  حتى استقل بعد ذلك بشخصيته القرآنية، ولونه المميز فى التلاوة، فقد امتلك قدرات متنوعة فى أدائه والتلوين النغمى، مما مهد له الطريق للانضمام للإذاعة، وانتشر اسمه فى لمح البرق بين القراء والسميعة، ليصبح اسماً مميزاً يحمل صوتاً  حنوناً حظى بشهادة ومديح أبو القراء الشيخ عبدالفتاح الشعاعى رحمه الله.

ولد الشيخ محمد أحمد شبيب يوم «25» من شهر أغسطس عام 1934 فى قرية «دنديط» بمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية،  تلك القرية التى شهدت ليالى قرآنية عامرة، تنافس فيها عباقرة التلاوة وعمالقتها أمثال الشيخ كامل يوسف البهتيمى والشيخ مصطفى اسماعيل والشيخ عبدالعظيم زاهر والشيخ عبدالفتاح الشعشاعى، وقد ولد الشيخ «شبيب» فى العام نفسه الذى افتتحت فيه الاذاعة المصرية بصوت قيثارة السماء الشيخ محمد رفعت فى «31» مايو عام 1934، وقد نشأ الشيخ فى عائلة «شبيب إحدى كبريات العائلات بالقرية، والتى عرفت باهتمامها بتحفيظ القرآن لأولادها، وقد تمنى والد الشيخ أن يكون له ولد مثل القراء الكبار، ولما رزقه بابنه، سماه «محمدا» تيمناً باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونذره للقرآن وذهب به إلى كتاب القرية وفى الكتاب حفظ القرآن الكريم فى حلقاته على يد الشيخ محمد إسماعيل بل وتفوق على أترابه وبدأ يشق طريقه نحو الشهرة ويشارك فى إحياء المناسبات المختلفة بقريته والقرى المجاورة، وهو ابن الخامسة عشرة من عمره إبان هذه الفترة حقق رغبة والده والتحق بمعهد الزقازيق الدينى لكى يدرس علوم القرآن الى جانب المواد الشرعية والأزهرية واشتهر بأنه يتلو القرآن الكريم بصوته الشجى العذب وعندما ذاع صيته لم يستطع الجمع بين الدراسة فى المعهد الأزهرى وبين تلبية الدعوة للقراءة فى الليالى القرآنية والمناسبات والاحتفالات الدينية والمتم، فترك الدراسة ليتفرغ للتلاوة فى المحافل القرآنية، وانطلقت شهرته فى الوجه البحرى كله قبل أن يبدأ خطوته الرئيسية ليثبت أقدامه فى عالم التلاوة.. ففى ليلة فى أواخر الخمسينيات أثناء الاحتفال بمولد الشيخ «جودة أبوعيسى» فى منيا القمح بالشرقية، قرأ جنباً الى جنب مع الشيخ مصطفى إسماعيل فى احتفال كبير، وقد حظى بمساندة ومباركة العائلة الأباظية وقتها.

فى عام «1961» أصيب الشيخ محمد أحمد شبيب بالتهابات فى الحنجرة، وأوشكت على منعه من القراءة واعتلاء دكة التلاوة، لكن كان الله به حليماً وأنقذته عنايته، فأجرى له الدكتور على المفتى جراحة عاجلة فى حنجرته أزال منها حبة كانت هى السبب فى هذه الالتهابات.. وكان الشيخ شبيب يقول فى ذلك: «عدت بحمد الله بعد أن من الله على بالشفاء لكى أتلو القرآن بنفس الدرجة والكفاءة التى كنت أتقنها قبل العملية الجراحية، مما  جعلنى أشعر بأن الله أراد بى الخير  وانهالت على الدعوات من كل صوب وحدب من شتى أماكن محافظات الجمهورية، وأصبحت لدى القدرة على التلوين النغمى وليد اللحظة، فسعد الناس بذلك الأداء، مما شجعنى كثيراً على الإبداع فى هذا اللون النغمى وفى منتصف الستينيات وتحديدً عام 1964 تقدم للجنة اختبار القراء بالإذاعة والتى لم يكن أمامها إلا أن تمنح القارئ الشيخ

محمد أحمد شبيب الإجازة ويصبح قارئاً معتمداً بها ليقرأ القرآن عبر  أثير الإذاعة المصرية وسط كوكبة من القراء حتى صار اسمه يتردد على أسماع المستمعين وقد قال «شبيب» عن قصة التحاقه بالإذاعة: جاءتنى دعوى من عائلة حمودة بالشرقية لإحياء مأتم كبير العائلة وحضر العزاء حفيد المتوفى على حمودة وكان يعمل وقتها بالإذاعة، واستحسن أدائى وطريقة تلاوتى وامتدح طريقة قراءتى، التى كنت أقرأ بها.

بعد ذلك انهالت الدعوات على كروان الإذاعة المصرية القارئ الفنان الشيخ «شبيب» لإحياء الليالى والمناسبات القرآنية وسط كبار القراء الإذاعيين ليصبح علماً من أعلام الإذاعة ولم تتوقف الدعوات التى انهالت على الشيخ «شبيب» ولم تكن مقصورة على داخل مصر، ولكن جاءته دعوات كثيرة من دول العالم،  فسافر فى زيارات متعددة إلى قطر  عام 1982، ثم إلى أبوظبى عام 1986 وسافر إلى الجابون عام 1987 وفى عام 1944 قررت وزارة الأوقاف إيفاد الشيخ محمد أحمد شبيب إلى إيطاليا لإحياء ليالى رمضان،  فى المركز الإسلامى بروما، لكنه اعتذر وفضل البقاء فى مصر وسط عشاقه وأهله، وقبل حلول شهر رمضان بيوم واحد وصلته دعوة باسمه من الرئيس الفلسطينى الرحل ياسر عرفات لإحياء ليالى شهر رمضان فى المسجد الأقصى المبارك فلبى الدعوة، وعندمنا وصل فلسطين، لاقى حفاوة وترحيباً كبيرين من الرئيس الفلسطينى «عرفات» الذى وجه له دعوة للإفطار معه بمقر  الرئاسة، وكان «شبيب» يشعر بالسعادة عندما تلا قرآن الجمعة اليتيمة بالمسجد الاقصى أمام اكثر من نصف مليون فلسطينى، فى مقدمتهم الرئيس عرفات، وبعد انتهاء فترة دعوته فى فلسطين، كرمه «عرفات» بمنحه شهادة تقدير مع نشيان السلطة الفلسطينية تقديراً لدوره كأول قارئ يتلو القرآن بالمسجد الأقصى بعد العودة، أيضاً كانت للشيخ سفريات كثيرة أبرزها فى عام 2011 فقد استجاب للدعوة الخاصة من الشيخ خليفة آل ثان رئيس دولة الإمارات لإحياء شهر رمضان فى الإمارات.

وأكثر ما كان يعتز به «شبيب» هو ارتباط اسمه بقراءة فجر يوم العاشر من رمضان الموافق السادس من أكتوبر عام 1973 بمسجد الإمام الحسين، والذى كان يقول عنه كنت أشعر بأن هناك  حدثا عظيماً تهتز له الدنيا سوف يقع بين وقت وآخر، وبالفعل  حدث العبور العظيم، لذلك كان الشيخ «شبيب» على القراءة بقصر عابدين مساء اليوم نفسه، حيث قرأ ما تيسر من سورة آل عمران، كما لم يقرأ من قبل فى حياته، وكان بداخله شعور بالرهبة والفخر فى وقت واحد.