رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محمد بن أحمد الصالح: الإسلام يدعو للتكامل الحضارى.. والتجديد والاجتهاد متلازمان

بوابة الوفد الإلكترونية

أكد فضيلة الدكتور محمد بن أحمد الصالح، الأستاذ بالجامعات السعودية، والمحاضر فى جامعة الإمام تركى بن عبدالله والحرس الوطنى، أن المتأمل لواقع الأمة الإسلامية يراها تئن وتتوجع لما أحيط بها من فتن من كل حدبٍ وصوبٍ، وأن تجديد الخطاب الدينى يكون بتقوية التمسك بأحكامه وليس التغيير والمسخ، كما أن الدين الإسلامى فى حاجة إلى رجال أشداء، يقدرون الأمور بقدرها، ويسددون خطى الأمة ويوجهون طريقها إلى الإسلام الصحيح بعيدًا عن التطرف الفكرى والجسدى، وأوضح «الصالح» أن للعمل المجدد خصائص وميادين لا بد من الدوران فى فلكها، وأهمها تشخيص أمراض المجتمع الذى يعيش فيه تشخيصًا دقيقًا صحيحًا حتى يصف الدواء الناجع لها وفق منهج وضوابط الإسلام، وأكد الأستاذ بالجامعات السعودية أن المنهج الحضارى للإسلام يدعو للتكامل بين الحضارات على أساس من القيم الإنسانية الربانية، وعلى أساس التصحيح الحضارى المشترك، وأشار إلى أن الشريعة الإسلامية صالحة دومًا لكل زمان ومكان لكن الخطر يكمن فى التطبيق السيئ لها. التقينا فضيلته فى زيارة بالقاهرة ومن ثم كان هذا الحوار:

< تكالب="" العلمانيون="" على="" الأمة="" الإسلامية="" لبث="" نار="" الشقاق="" والفرحة،="" فما="" الذى="" ترصده="" من="">

- إن المتأمل يجد الأمة الإسلامية تئن وتتوجع لما أحيط بها من كل جانب، فعداء الغرب للمسلمين مستمر، كما ظهر ذلك فى تسلط العلمانيين وحركات التغريب والغزو الثقافى، حتى إن الأمة الإسلامية أصبحت لا حول لها ولا طول ولا شأن بين الأمم، فالمجتمع الإسلامى أصيب بالضعف والتفكك الاجتماعى، وذاق جراء ذلك مرارة التأخر والضعف الفكرى، ما أصيبت به أمة من الأمم أو مجتمع من المجتمعات إلا كانت الحالة نتيجة طبيعية، لانحطاط وتدنى مستوى التفكير والاستسلام للخرافات والأساطير والتفكك الاجتماعى.

< د.="" «الصالح»..="" ماذا="" يعنى="" مصطلح="" «التجديد="" فى="" الفكر="">

- التجديد فى الحقيقة لغة ومعنى هو العودة إلى أصول الشىء وبدايته وظهوره لأول مرة وإصلاح ما أصابه من خلل، ليعود قويًا كما كان منذ بدأ وليس هو التغيير والمسخ، وعليه فإن تجديد الدين يكون بتقوية التمسك بأحكامه إذا حصل نوع من الوهن فى التمسك بها، وعلى هذا يقيم قوله (صلى الله عليه وسلم): «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها» والتجديد الذى أشار إلى الحديث يكون عند آخر كل قرن من هجرة النبى (صلى الله عليه وسلم) على الأظهر، فالمراد بالتجديد - والله أعلم - ما يعيد القوة والحياة، وتجديد الدين لا يكون إلا بالدين وللدين، لا بالدنيا ولا للدنيا، ولا يكون إلا من داخل الدين وبمفاهيم الدين لا من خارج الدين أو بمفاهيم وأفكار مستوردة، ولذلك كان الدين الإسلامى - ولا يزال - بحاجة إلى رجال أقوياء يسددون خطى الأمة ويوجهون مسيرتها إلى صحيح الإسلام سواء كان عملهم فى ذلك محيطًا شاملًا أم كان مقتصرًا على بعض النواحى، وهؤلاء هم الذين يدعون بالمجددين والتجديد فى حقيقة ما هو إلا تنقية الإسلام من الشوائب، ومن كل مظاهر الجاهلية، ثم العمل على إحيائه خالصًا على قدر الإمكان، وإعادته إلى ما كان عليه فى عهده الأول، وذلك بجعل أحكام الدين نافذة مهيمنة على أوجه الحياة والمشاركة فى إعادة ما ينقص من عرى أحكام الدين.

< هل="" للمجدد="" خصائص="" وقدرات="" يتفرد="" بها="" ومسارات="" منهجية="">

- من الخصائص التى تحقق للمجدد التفوق وتعينه على تحقيق رسالته أن يكون متمتعًا بصفاء الذهن والبصيرة النافذة والفكر الثاقب المستنير والقدرة النادرة على تبين سبيل القصد ومراعاة الاعتدال بين الإفراط والتفريط والقدرة على التفكير المجرد من تأثير الأوضاع الراهنة والعصبيات القديمة والشجاعة والجرأة على إظهار الحق والكفاءة الفذة للاجتهاد قائمًا بالحجة ناصرًا للسنة، مكثرًا للعلم، معزًا لأهله، قامعًا للبدعة، له ملكة رد الشبهات إلى المحكمات.

< وما="" ميادين="" عمل="" المجدد="" التى="" يمكن="" أن="" يعمل="">

- أولاً: العمل على غرس العقيدة الصحيحة الصافية فى النفوس وتصحيح ما أخطأ الناس فيه منها واستكمال ما نقص لديهم وتشخيص أمراض المجتمع الذى يعيش فيه المجدد تشخيصًا دقيقًا صحيحاً، ومن ثم يكون قادرًا على وصف الدواء الذى يحسم به الداء وفق منهج الإسلام، وثالثاً: بذل الجهد للإصلاح العمل لإبطال التقاليد الجاهلية وتزكية الأخلاق وإشباع النفوس حبًا وبذل قصارى جهده فى ضمان سلامة روح الشريعة الإسلامية وتحقيق مقاصدها وتمكينها من الإمامة العالية فى الرقى والحضارة، وأخيرًا تفنيد ودحض البدع والمحدثات فى المجتمع وإحياء ما اندس من العمل بالكتاب والسنة والأمر بمقتضاهما.

< الرسول="" (صلى="" الله="" عليه="" وسلم)="" قال:="" «أوتيت="" الكتاب="" ومثله="" معه»="" فهل="" السنة="" وحى="" مثل="" القرآن="" وهل="" لها="">

- نعم لها الحجة، فالسنة ما أتت إلا مكملة للكتاب وتأتى فى المرتبة التالية له، حيث إن المجتهد لا يرجع إلى السنة للبحث عن واقعة إلا إذا لم يجد فى القرآن حكم ما أراد معرفته، لأن القرآن أصل التشريع والسنة مفسره الأول، فإذا نص على حكم اتبعه وإذا لم ينص رجع إلى السنة فإن وجده فيها اتبعه، فالسنة وما ورد فيها من أحكام لا تعدو إلا واحدًا من ثلاثة، إما أن تكون سنة مقررة ومؤكدة حكما كما جاء فى القرآن فيكون الحكم له مصدران وعليه دليلان أحدهما مثبت من القرآن والآخر مؤيد من السنة، ومن هذه الأحكام الأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان، وغير ذلك من المأمورات والمنهيات التى دلت عليها آيات القرآن وأيدتها سنن الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وإما أن تكون سنة مفصلة ومفسرة لما جاء فيه مطلقًا أو مخصصة ما جاء فيه عاماً، فيكون هذا التفسير الذى وردت به السنة تبياناً للمراد، كما جاء فى قوله تعالى: «وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما أنزل إليهم» وإما أن تكون سنة مثبتة ومنشئة حكمًا سكت عنه القرآن الكريم، فيكون هذا الحكم ثابتًا بالسنة ولا يدل عليه نص فى

القرآن الكريم، وكل ذلك امتثالًا لقوله تعالى: «وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى» لذا فالسنة فى المرتبة الثانية بعد القرآن الكريم، حيث إنها تبين مبهمة وتفصل مجملة وتخصص عمومه.

< ما="" الواجبات="" الملقاة="" على="" عاتقنا="" للتعريف="" بمفاهيم="" وقيم="" المنهج="" الحضارى="">

- لا بد من التعريف بمفاهيم المنهج الحضارى الإسلامى من خلال عدة أمور منها تقديم دراسات عميقة وموضوعية حول مفاهيم وقيم ومبادئ الإسلام العالية، وتقديم دراسات حول المناهج التاريخية والمعاصرة التى تؤكد جدية المنهج الإسلامى وصلاحيته فى الدعوة لتعايش بشرى عالمى مع اختلاف الأديان والأعراف والأجناس، وكذلك التعرف على التيارات الكبرى فى العالم وموقفها من الإسلام سواء تلك المنصفة أو المتطرفة لإجراء حوارات بناءة للتعريف بمبادئ الإسلام وقيمة وتكوين الدعاة من المناطق التى تسكنها الأقليات المسلمة ليقوموا بتبليغ قومهم ودعوتهم للإسلام والتركيز على قيمه العالية وعرض التصورات الإسلامية الأصيلة عن قضايا الحياة كحقوق الإنسان والعلاقات الدولية وحقوق المرأة والنظام الاقتصادى، ولإزالة الشبهات التى تلصق بالإسلام فى الأذهان وعبر الكتب ووسائل الإعلام والعمل على تشجيع الدراسات الإسلامية فى الجامعات العالمية، فالمنهج الحضارى الإسلامى يدعو إلى التكامل بين الحضارات وفى المقابل يرفض التصادم والصراع الحضارى.

< هناك="" مزاعم="" بأن="" الشريعة="" الإسلامية="" لم="" تعد="" تساير="" العصر..="" فما="" ردكم="" على="" هذا="">

- شريعة الإسلام صالحة لكل زمان ومكان وتساير الدهر وتستقر فى صفحة الخلود، والعالم يستمد منها غذاء حياته الروحية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية والسياسية والعسكرية، وسوف تظل هكذا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فلو أننا درسنا سنة النبى (صلى الله عليه وسلم) لوجدنا أن له هديًا ومنهجًا فى كل شأن من شئون حياتنا من يوم أن تحمل بنا أمهاتنا إلى أن نلقى ربنا سبحانه وتعالى ورسالة النبى (صلى الله عليه وسلم) هى الرسالة الخاتمة فلا رسالة بعدها، ولذلك جعلها الله تعالى علاجًا للمشكلات التى كانت موجودة والتى ستحدث وشريعة لحياتنا فى الدنيا والآخرة، وبها وحدها ستكون لنا الريادة كما كانت لسلفنا فى الدنيا والآخرة، وبها وحدها ستكون لنا الريادة كما كانت لسلفنا فى الدنيا والفوز بنعيم الله فى الآخرة حيث يقول سبحانه وتعالى: «كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور».

< هناك="" من="" يتهم="" الإسلام="" بظلم="" المرأة،="" مع="" أن="" الشريعة="" الإسلامية="" حرصت="" على="" التأكيد="" فى="" حق="" المساواة="" بين="" الرجل="" والمرأة="" فى="" الكرامة="" الإنسانية="" فماذا="">

- اتهام باطل، باطل، لا يصدر إلا من إنسان حاقد أو جاهل لا يعرف قدر الإسلام، والمكانة التى جعلها للمرأة، ويكفى أن نذكر بقول الله تعالى: «ولهن مثل الذى عليهن» وقوله تعالى: «إنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى»، فالنصوص جميعها سواء من القرآن أو السنة تساوى بين الرجل والمرأة فى الكرامة الإنسانية وفى الواجبات والحقوق، فمن أين يأتى الظلم، فهذه فرية كاذبة، والإسلام له السبق فى احترام المرأة وتقدير دورها وحق تقرير مصيرها، حتى فى المعاملات المالية جعل لها ذمة مالية مستقلة عند زوجها، بحيث تتصرف فى كل ما تملكه وقتما تشاء وكيفما تشاء فى حدود ما أحله الله وشرعه، دون قيود من زوجها، فالإسلام جعل النساء شقائق الرجال، أما ما يوجد من تفاوت واختلاف بينهما، فهذا يعود للاختلافات البيولوجية لطبيعة المرأة والرجل، وهذا أمر مسلم به.

< أخيراً..="" هناك="" صلة="" بين="" مفهومى="" التجديد="" والاجتهاد،="" فهل="" يقبل="" الإسلام="" التجديد="" كما="" قبل="" الاجتهاد="" على="" مر="">

- الاجتهاد والتجديد مترابطان، والإسلام خاتم الأديان، لذا فهو دين صالح لكل زمان ومكان ففيه ثوابت وكليات ونصوص قطعية، لكن فيه مساحة كبيرة متروكة للاجتهاد وفقًا لتطور الزمن، وفى الحديث الشريف «إن الله يبعث على كل رأس مائة سنة لهذه الأمة من يجدد لها أمر دينها»، لكن التجديد يكون داخل فقه القرآن والسنة وفق شروط الاجتهاد التى يجب أن تكون محكومة بالكتاب والسنة ومقاصد الشريعة، فالاجتهاد والتجديد.