حسين شبكشي يكتب : رحلة سياسية مميزة
يتابع السعوديون باهتمام وشغف زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان
إلى الولايات المتحدة الأميركية، التي احتلت عناوين الأخبار في الأيام
القليلة الماضية. فقد حظيت الزيارة بحفاوة وتقدير من مختلف المسؤولين
الأميركيين. فلقد كانت مقابلة الأمير محمد بن سلمان مع وزير الخارجية
الأميركية جون كيري في مستهل الزيارة، إشارة إلى أن الجدول سيكون حافلا ومهما.
تلت تلك المقابلة سلسلة لافتة من المقابلات رفيعة المستوى مع وزير الدفاع
ورئيس وكالة المخابرات المركزية وأعضاء بارزين من مجلسي الشيوخ وانتهاء
برئيس الكونغرس نفسه الجمهوري بول رايان. وكذلك كان هناك لقاء مهم مع
الفريق الاستشاري الاقتصادي للرئيس باراك أوباما، وختمت اللقاءات الرسمية
بلقاء في المكتب البيضاوي مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، وهناك كانت
لفتة لمكانة الأمير الشاب؛ لأن لقاءات المكتب البيضاوي مع الرئيس الأميركي
عادة لرؤساء الدول، وفي هذه المقابلة استعرض الأمير محمد بن سلمان مع
الرئيس الأميركي أهم النقاط التي تحتويها «رؤية 2030» التي يسير عليها
الاقتصاد السعودي اليوم، والفرص الاستثمارية الممكنة للولايات المتحدة في
السعودية، وذلك في استمرارية للشراكة الاستراتيجية الناجحة التي تكونت بين
البلدين لأكثر من ثمانية عقود متواصلة.
والزيارة تأتي في وسط أجواء «ملغمة» و«متشنجة» بحسب ما كانت توصف به
العلاقات بين البلدين. لكن حراك الأمير الشاب وحواراته مع صناع القرار في
واشنطن والتصاريح التي جاءت بعدها أتت لتكون مبعث اطمئنان بأن الصورة ليست
تصورها بعض وسائل الإعلام المتحاملة. واتبع الأمير أسلوبا ومنهجا جديدا في
التعامل مع الإعلام، وذلك بتقديم أفراد الوفد المرافق وهم مجموعة من
الوزراء والتنفيذيين من المستويات المهمة، طلب منهم تقديم عرض لما أتوا من
أجله إلى أميركا واستقبال كل الأسئلة والإجابة عنها بشكل شفاف ومباشر وفوري
بأسلوب مفاجئ ومطمئن. وبعدها تم الإعلان عن
مثل إنشاء كلية لإدارة الأعمال باسم الأمير محمد بن سلمان في مدينة الملك
عبد الله الاقتصادية، بالشراكة مع جامعة بابسون الأميركية العريقة ومنح
شركة داو للكيماويات العملاقة أول ترخيص استثمار أجنبي بملكية مائة في
المائة أجنبية وسيلحقها بحسب ما تم الحديث عنه الشيء نفسه، بالنسبة إلى كل
من شركة فايزر الطبية العملاقة، وشركة ثري إم، إحدى أهم الشركات المؤثرة في
الاقتصاد الأميركي، وبعدها وصل الأمير والوفد المرافق له إلى قلب الاقتصاد
الرقمي العصري الجديد وصل إلى منطقة وادي السيليكون في ولاية كاليفورنيا،
معقل الصناعات التقنية الحديثة ليعرض عليهم الرؤية الاقتصادية الجديدة،
ويكون بالتالي المسوق الأول لبلاده، محاولا جاهدا جذب رؤوس الأموال
الاستثمارية ذات القيمة المضافة التي من الممكن أن تقدم نقلة نوعية في
تنويع مصادر الدخل بشكل عملي وسريع.
الرحلة حتى كتابة هذه السطور تركت انطباعات إيجابية للغاية عن الرؤية
الاقتصادية الجديدة للسعودية، والاتجاه الذي تسير صوبه، وفيها رسائل مطمئنة
أن الوضع بين البلدين ليس بهذه السوداوية حتى إن اختلف الطرفان على بعض
النقاط، إلا أن ما يمكن أن يجمع بينهما مستقبل يظل أقوى.
نقلا عن صحيفة الشر الأوسط