رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أبوالعينين شعيشع... آخر نجوم دولة التلاوة

بوابة الوفد الإلكترونية

عبقرى من عباقرة التلاوة ونجم زاهر من نجومها، شهادة ميلاده تشير إلى أنه من مواليد سنة 1922 ميلادية، لكنه يعتبر أن تاريخ مولده الحقيقى بدأ مع تلاوته للقرآن الكريم، فوالده كان يطمح أن يرى ولده ضابطاً، لكن الطفل الصغير شاء له ربه شأناً آخر، ليسلك طريق التلاوة ويصبح أحد عمالقها الكبار، وعاش رحلة قرآنية امتدت إلى نصف القرن.

ولد أبو العينين شعيشع فى مركز «بيلا» بمحافظة كفر الشيخ، وكان هو الأخير بين اثنى عشر من الأبناء رزق بهم والده الموظف البسيط بإدارة الرى فى «بيلا» وقد عرف الصبى اليتم مبكراً برحيل والده وهو فى التاسعة من عمره، التحق بالدراسة فى مدرسة أهلية ببيلا قبل وفاة والده بثلاثة أعوام، واكتشف موهبته صاحب المدرسة وناظرها الأستاذ منير جرجس، ولما قامت مجموعة من أعيان بيلا بزيارة المدرسة طلب منه الأستاذ « جرجس « أن يقرأ ما تيسر له من القرآن أمام الضيوف، فبهرهم جميعاً بصوته، مما جعل ناظر المدرسة يقترح على والدته إخراجه من المدرسة وإلحاقه بالكتاب، وبالفعل أتم «أبوالعينين» حفظ القرآن فى كتاب الشيخ «يوسف شتا» خلال عامين بعد خروجه من المدرسة وقد كان فى بداية رحلته مع القرآن ينام أسفل دكة القارئ حتى يحملوه نائماً، ليبدأ بعد ذلك تلاوة القرآن فى المأتم والمناسبات فى محيط مدينة بيلا، ولما بلغ الرابعة عشرة من عمره دعى إلى المنصورة 1936م لإحياء ذكرى الشهداء الذين سقطوا فى تلك الفترة، وفى ساحة كبيرة بمدرسة الصنايع دخل المكان ببذلة وطربوش وشاهد جمعاً غفيراً من الناس ليتلو القرآن وسط انبهار المستمعين، حتى ذاعت شهرته فى مدينة الدلتا الكبرى مثل المنصورة وطنطا والمحلة الكبرى وبورسعيد، حتى وصل القاهرة، وفى عام 1939 دعى الشيخ لإحياء مأتم الشيخ «الخضرى» من كبار العلماء، فلما حضر كان موجوداً فيها المرحوم الشيخ عبدالله عفيفى وكان شاعراً بالإضافة إلى كونه إمام الملك فى ذلك الوقت، فلما سمعه طلب أن يقدمه للإذاعة، فذهب الشيخ «شعيشع» لمقابلة سعيد باشا لطفى مدير الإذاعة المصرية وكذلك مستر «فيرجسون» المدير الإنجليزى وحدد له يوم الامتحان أمام الشيح «أحمد شوريت» وإبراهيم مصطفى عميد دار العلوم والشيخ المغربى والأستاذ مصطفى رضا مدير معهد الموسيقى وفى ذلك الوقت كانت الإذاعة متعاقدة مع الشيخ محمد رفعت والشيخ عبد الفتاح الشعشاعى، وتم التعاقد معه أيضاً، وكان أصغر قارئ للقرآن 17 عاماً، وكان يحيى ليالى رمضان بقصر عابدين.

كان «شعيشع» أول قارئ للقرآن الكريم يسافر للدول العربية عام (1940) بدعوة من إذاعة الشرق الأدنى بفلسطين، وتعاقدت معه لمدة ثلاثة أشهر، وكان يقرأ قرآن الجمعة من المسجد الأقصى وتنقلها إذاعتا الشرق الأدنى والقدس على الهواء مباشرة.

وحدث فى عام 1948 أن نقلت إذاعة الشرق الأدنى إلى قبرص وطلبوا الشيخ «شعيشع» فاتصل به المرحوم السيد بدير وقال له: «ياعم أبوالعينين» بدأنا نعمل تسجيلات لإذاعة الشرق الأدنى، واتصلوا بى كى تسجل لهم فى قبرص، وعملى معهم مرتبط بموافقتك على هذه التسجيلات فوافق الشيخ على الفور.

فى بداية الخمسينيات كان الشيخ أبوالعينين أول من سجل القرآن الكريم على أسطوانات  وكان قبل عصر

التسجيلات يقيم فى رمضان بالإذاعة ليؤذن لصلاة الظهر والعصر، وعند المغرب يؤذن للصلاة، ثم يتناول قليلاً من التمر، حتى يحين موعد أذان العشاء فيؤذن للصلاة ثم يتوجه لمنزله لتناول إفطاره.

وقد سار الشيخ «أبوالعينين» على خطى سلفه الشيخ محمد رفعت، فكان خير من قلد صوته مما دفع بالإذاعة بعد وفاة الشيخ رفعت إلى الاستعانة به فى تسجيل الأجزاء التى حدث بها خلل اضطرت معه الإذاعة إلى مسحها وإعادة تسجيلها من جديد.

وفى تركيا وجد إقبالاً شديداً على الصلاة فى المساجد وفى طريقه من تركيا إلى يوغوسلافيا لتلاوة القرآن للمسلمين بمقاطعة «سراييفو» التى كان يبلغ عدد المسلمين بها نحو ثلاثة ملايين نسمة نزلت الطائرة بميونخ بألمانيا «ترانزيت» فوجد الشيخ بالمطار احتياطات ـ مشددة ضد العرب، فأوقفوه ظناً منهم بأنه من زعماء الفدائيين ولما كان لا يجيد الإنجليزية ولا الألمانية اتجه إلى الله أن ينقذه من هذه الورطة، وبعد لحظات سمع صوتاً يناديه، وتبين من صاحبه أنه كان أحد مدربى كرة القدم بالنادى الأهلى فتفاهم مع سلطات المطار وعرفهم بشخصه وسافر فى طريقه إلى يوغوسلافيا.

نال الشيخ عدة أوسمة من الدول التى زارها فحصل على وسام الاستحقاق من سوريا ووسام الرافدين من الدرجة الأولى من العراق، على الرغم من أن مناسبة الزيارة كانت حزينة لوفاة أم الملك فيصل فإنه تقديراً للقرآن الكريم أعطى الوسام ومن لبنان وسام الأرز كذلك من الأردن والصومال وتركيا وباريس.

عين «شعيشع» قارئاً لمسجد عمر مكرم عام 1969 ثم مسجد السيدة زينب، ورأس المركز الدولى للقرآن بالقاهرة، وساهم فى إنشاء نقابة القراء مع الشيخ محمود على البنا والشيخ عبد الباسط عبد الصمد وانتخب نقيباً لها عام 1988م وكان عضواً بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية وعضو لجنة اختبار القراء بالإذاعة والتليفزيون، وتم منحه وسام الامتياز من الدرجة الولى من الرئيس الأسبق «مبارك»، وفى عام 2011م انتقل الشيخ « شعيشع» إلى الرفيق الأعلى بعد رحلة طويلة امتدت لنصف قرن تاركاً وراءه نقابة قوية تحتضن خادم القرآن الكريم.. ورحل شيخ كبير فى عالم التلاوة.