عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قانون "حماية الشهود" بدايته مافيا أمريكية ونهايته مشروع مصري لم يكتمل

عصابات المافيا بأمريكا
عصابات المافيا بأمريكا

في ظل تفاقم الجريمة والإرهاب وتعاظم دور العصابات المسلحة باختلاف أشكالها وتوجهاتها السياسية والدينية، بالإضافة إلى ممارسة العناصر الإرهابية والخطرة تهديدًا على شهود العيان وأسرهم بهدف إجبارهم على التخلي عن الاستقلالية والحيادية، وبلغت تلك المخاطر إلى حد الاغتيال أو الشروع في قتل.

فأصبح من الضروري حماية شهود العيان وذويهم وحماية المدافعين عن الحق من محاولات الضغط عليهم سواء كان الضغط سياسيًا (بواسطة النظام) أو إرهابيًا (بواسطة أفراد وتنظيمات).

فبدأ برنامج حماية الشهود في العالم بشكل غير رسمي، في منتصف القرن التاسع عشر، فاتجهت بعض الدول لتمويل هذا البرنامج خاصة في المحاكمات والجرائم الكبرى التى كانت تحدث مع المافيا والمنظمات الإرهابية.

وكان من أبرز الدول التى استخدمت هذا الحق في الدفاع عن مواطنيهم هم أمريكا والفلبين وبريطانيا وأوكرانيا وأيرلندا والسويد وسويسرا وكندا وتايوان وهونج كونج وتونس ومصر ولبنان واليمن والجزائر.

براءة الاختراع للولايات المتحدة

تعد الولايات المتحدة الأمريكية أول دولة بدأت في التفكير ببرنامج لحماية الشهود عام 1970، لذلك يمكننا القول إن أمريكا صاحبة براءة اختراع هذا البرنامج، ولجأت رسميًا لوضع قانون لحماية الشهود عام1976، وعرف عالميًا باسم "أمن الشهود".

جاء ذلك بعد أن اتضح للحكومة الأمريكية أن المافيا تأخذ تعهد على أفرادها بكتم الأسرار، وما أن يقرر أحدهم إخلاف وعده تقوم بقتل أسرة الخائن ويمتد القتل إلى والداه وأطفاله.

وكانت آخر الحوادث عام1960عندما قبضت الشرطة على أربعة من أفراد المافيا بسبب بعض الجنايات، فقتل رئيس العصابة ثلاثة منهم، والشخص الرابع كان يدعى "باربواز"، مما جعله يقر بالأسرار التي تتعليق بالمافيا والإبلاغ عن زعيمهم.

فجعلته السلطة الفيدرالية شاهد في القضية بدل من إتهامه، فطالب باربواز بحمايته من المافيا، فنقلته الحكومة وأسرته لمكان جديد ووفرت لهم الحماية الأمنية.

 

و في عام 1970 تحول الاقتراح إلى قانون يعمل به حتى الآن فشجع هذا القانون على كشف الكثير من الجرائم تجاوز عددها 12 ألف قضية وقام البرنامج بحماية أكثر من 7000 شاهد مع عائلاتهم.

مشروع حماية القضاة والشهود بمصر                   

يُعتَبر وجود نظام فعّال لحماية الشهود من أهم وسائل تضييق الخناق على الفساد وكافة الجرائم والانتهاكات، إذا  يوّفر النظام مناخًا آمنًا ويبث جوًا من الثقة ويعد ضروريًا للتشجيع على الإبلاغ عن كافة أشكال الجرائم، وخاصة في مصر التى تتفاقم فيها الجرائم يوميًا.

ولكن القانون المصري لم يرد فيه ما يحمي الشاهد أو المبلغ إنما كل النصوص التى تتعلق بالشهود والمبلغين هي محض نصوص تنظيمية تتعلق بإعطاء المحقق كامل السلطة فى سماع الشهود فقط وليس حمايتهم.

وتأتي اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لتلزم كل الدول الموقعة عليها بحماية الشهود وخاصة المادة 25 التى تنص على أن تعتمد ما يلزم من تدابير تشريعية وغير تشريعية ضد استخدام القوة البدنية أو التهديد أو الترهيب أو التحريض على الإدلاء بشهادة زور أو للتدخل في الإدلاء بالشهادة أو في تقديم الأدلة في إجراءات تتعلق بارتكاب جرائم تشملها الاتفاقية.

وتنص المادة 32 من ذات الاتفاقية على اتخاذ كل دولة طرف تدابير مناسبة وفقًا لنظامها القانوني الداخلي، وضمن حدود إمكانياتها، لتوفير حماية فعّالة للشهود والخبراء الذين يُدْلون بشهادة تتعلق بأفعال مجرّمة وفقا للاتفاقية، وكذلك لأقاربهم وسائر الأشخاص وثيقي الصلة بهم عند الاقتضاء، من أي انتقام أو ترهيب محتمل.

وعلى غرار الاتفاقية يأتي المشرع المصري ليضع مشروع حماية الشهود عام 2013، ويصدق عليه مجلس الوزراء ليبدأ في التنفيذ على أرض الواقع، إلى أنه لم ير النور حتى الآن حتى مع وجود البرلمان.

ومن الملاحظ، بعد الاطلاع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي وقعت عليها مصر في 2003 وصدّقت عليها في 2005،  وعلى مشروع قانون حماية الشهود والمبلغين والخبراء المصري الذي يتكون من 10 مواد قصيرة، أن المشروع المصري المقتضب لا يمثل الحد الأدنى المطلوب للوفاء بالتزامات مصر الدولية ولا يعكس إرادة سياسية حقيقية وجادة لمكافحة الفساد عن طريق تشجيع الشهود وحمايتهم.

بريطانيا

تلجأ بريطانيا أحيانًا إلى برنامج حماية الشهود الذي لا يختلف كثيرًا عما نراه في الأفلام، فتتغير حياة الشاهد وتنقلب رأسًا على عقب عندما يغير هويته ووظيفته، ولكنه يقبل بتلك الظروف، نظرًا للأمور التى تفرض عليهم وتهدد حياتهم.

ويطبق البرنامج على الأشخاص الذين قدّموا أدلّة حاسمة للعدالة، والمعرضين للخطر بسبب إدلائهم بشهادات، فتسعى الحكومة البريطانية إلى حمايتهم.

أيرلندا

وبخلاف أمريكا هناك العديد من الدول التي تطبق قوانيين وبرامج لحماية الشهود ومنها أيرلندا، التى أسست البرنامج رسميًا في العام 1997، عقب اغتيال الصحفي فيرونيكا غيران من قبل عصابة المخدرات، وتحول أحد أعضاء العصابة إلى شاهد.

فحدد البرنامج أنه من حق الشاهد الحصول على هوية جديدة وعنوان جديد، ويكون في حماية الشرطة المسلحة سواء في أيرلندا أو في الخارج من البلاد الناطقة بالإنجليزية.

كما حدد القانون الإيرلندي أن وحدة حماية الشهود هي مجموعة صغيرة، مخصصة وسرية للغاية تدير برنامج أمن الشهود، وهو فرعي من وحدة المباحث الخاصة، التي تندرج ضمن اختصاص

فرع الجريمة، ويرأس الوحدة مفتش المباحث.

كندا

 أنشأت كندا البرنامج عام 1996، لحماية بعض الأشخاص الذين يقدمون المعلومات أو المساعدة واحترام وحماية الأشخاص، وتعتبر الشاهد هو الشخص الذي أعطى أو وافق على إعطاء معلومات أو أدلة، أو يشارك أو وافق على المشاركة في المسألة المتعلقة بالتحقيق أو الملاحقة القضائية للجريمة، والذين يحتاجون إلى حماية بسبب المخاطر التي يتعرضون لها.

سويسرا

وتفاقمت الجرائم على عاتق الدول الأجنبية فأضطرت سويسرا إنشاء قانون لتأمين الشهود ووافق عليه البرلمان عام 2011 وتم تطبيقه في 1 يناير 2013، وسيكلف البرنامج 2 مليون فرنك سنويًا للإنفاق على الشهود وحمايتهم، وستتقاسم السلطات الفدرالية وسلطات الأحياء بالتساوي العبء المالي.

يوفر البرنامج الحماية للشهود بناء على طلب من النيابة العامة في الحي، بينما يعود القرار النهائي لرئيس المكتب الفدرالي للشرطة، وتنتهي عملية الحماية إذا لم يعد هناك أي تهديد ملحوظ.

 كولومبيا

أثارت فضيحة تهديد  القضاة والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في كولومبيا أصداء واسعة، لاسيما إطلاق المجرمون النار على القاضي الذي ترأس المحكمة في القضية المرفوعة ضد ضابط في الجيش اتُهم باغتصاب فتاة، وكذلك اغتصاب أخرى وقتلها وقتل شقيقيها.

وتلقت منظمة غير حكومية تقدم المساعدة لعائلات الضحايا تهديدات بالقتل بواسطة الهاتف عقب حادثة القتل مباشرة، وكذلك الأمر مع عائلة الأشقاء الثلاثة.

وخلال عام 2011 تم اغتيال 20 مدافعًا عن حقوق الإنسان فيما ناهز عدد الذين تعرضوا لتهديدات بالقتل 100 حقوقي، مما أدى إلى تطبيق إجراءات حماية الحقوقيين وضمان وصول التحقيقات إلى نتائج مرضية.

مما دفع الوضع الأمني بكولومبيا لوضع آليات جديدة لمكافحة تهديد القضاة والمدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين وعائلاتهم، ليخضع القاضي لبرنامج حماية خاص من قبل السلطات في القضايا الخطيرة، حيث تشمله الحماية في مختلف مراحل القضايا حتى النطق بالحكم، إلا أن تلك البرامج مازالت حتى الآن غير فعالة في مواجهة عصابات المافيا وتجار المخدرات.

تونس                                                                

وفي 2/11/2013 قررت وزارة الداخلية التونسية إعلام عدد من القضاة بتوفير حماية لهم بعد أن إطالتهم تهديدات غير معروفة المصدر، وهذه التهديدات تطال خاصة شهود وقضاة قضايا الإرهاب.

وبالفعل تم توفير حراسة أمنية لصيقة للقيادات وشهود العيان، بالإضافة إلى توفير دوريات أمنية حول منازلهم.

الجزائر

وفي عام 2006 أصدرت الجزائر قانون لمكافحة الفساد وحماية الشهود والمبلغين، وجاء نص المادة 45 مؤكدًا على حماية الشهود والخبراء والمبلغين والضحايا و أورد عقوبة الحبس والغرامة لكل من يتعدى على الشاهد أو الخبير أو ترهيبهم أو تهديدهم وكذلك المبلغين أو أفراد عائلاتهم.

بينما قرر نص المادة 47 من ذات القانون عقوبة الحبس أو الغرامة فى حالة عدم الإبلاغ عن جرائم الفساد لكل من يعلم بحكم مهنته أو وظيفته بوقوع جريمة منصوص عليها فى هذا القانون ولم يبلغ عنها السلطات المختصة.

اليمن

وفي اليمن أصدرت القانون رقم 36 لسنة 2006 بشأن حماية المبلغين، نصت المادة 24 "على كل شخص علم بوقوع جريمة من جرائم الفساد الإبلاغ عنها إلى الهيئة أو الجهة المختصة.

كما ألزم القانون الهيئة العليا لمكافحة الفساد فى المادة 27 بأن نتوفر الحماية القانونية والوظيفية والشخصية للشهود والخبراء والمبلغين عن جرائم الفساد، وأحالت كل هذا إلى لائحة تنفيذية.

لبنان

قدمت لبنان مشروع قانون لمكافحة الفساد ورد فى نصوصه مواد لحماية الشهود والمبلغين، إلا أنه فى إطار الإعداد والمراجعة حتى الآن.