رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

انتداب القضاة.. فى "قفص الاتهام"

بوابة الوفد الإلكترونية

الندب الكلى أو الجزئى للقضاة إشكالية معقدة وأزمة شائكة تعانى منها مصر منذ عدة عقود، ففضلاً عن انخفاض عدد القضاة بالمقارنة بعدد القضايا المنظورة أمامهم، إلا أن استمرار ندبهم الجزئى لخارج العمل القضائى كمستشارين لجهة واحدة أو أكثر من جهة يثير تساؤلات عديدة حول أسباب استمرار هذه الظاهرة وما يثار حولها من أقاويل وشكوك من التأثير على القاضى، أو محاولات السلطة التنفيذية أو الجهة المنتدب إليها لاستمالتهم من ناحية، وتغريم الموازنة العامة للدولة في مكافآت إضافية تصل للملايين سنوياً من ناحية أخرى، والأخطر أن الدستور الحالى نص في مادته 239 على حظر الانتداب الكلى أو الجزئى إلا في حالات محددة جداً، وأمهل خمس سنوات منذ صدوره في 2014 بتصفية جميع الانتدابات الحالية تمهيداً لإصدار قانون بذلك، إلا أنه على أرض الواقع ورغم مرور عامين منذ صدور الدستور، بالإضافة للقرار الوزارى بحظر الانتداب للقضاة للعمل في أكثر من جهة، إلا أن ظاهرة انتداب القضاة في توسع وليست في انحسار.

المستشار عبدالستار إمام، رئيس محكمة جنايات القاهرة، يشير إلى أن دستور 2014 حظر ندب القضاة سواء الكلى أو الجزئى إلا في حالات محددة، ومنح مهلة لتصفية جميع الانتدابات الحالية في مدة لا تتجاوز خمس سنوات بحد أقصى إنهائها عام 2019.

وأشار «إمام» إلى أن المادة 186 من الدستور نصت على: «القضاة مستقلون غير قابلين للعزل، لا سلطان في عملهم لغير القانون، وهم متساوون في الحقوق والواجبات ويحدد القانون شروط إجراءات تعيينهم وإعارتهم وتقاعدهم وينظم مساءلتهم تأديبياً، ولا يجوز ندبهم كلياً أو جزئياً إلا للجهات وفى الأعمال التي يحددها القانون، وذلك كله بما يحفظ استقلال القضاء والقضاة وحيدتهم ويحول دون تعارض المصالح ويبين القانون الحقوق والواجبات والضمانات المقررة لهم».

وأضاف "إمام" أن الدستور أضاف في باب الأحكام الانتقالية المادة 239 التي تنص على: «يصدر مجلس النواب قانوناً بتنظيم قواعد ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية بما يضمن إلغاء الندب الكلى أو الجزئى لغير الجهات القضائية أو اللجان ذات الاختصاص القضائى أو لإدارة شئون العدالة أو الإشراف على الانتخابات، خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور».

وقال «إمام» إن هذه المادة تعنى حظر انتداب القضاة سواء الكلى أو الجزئى إلا في حالات محددة، وهى في تشكيل الهيئة الوطنية الخاصة بالإشراف على الانتخابات أو في إدارة شئون التشريع وما يتعلق بها أو في إدارة شئون العدالة أو التفتيش القضائى أو في بعض الحالات مثل العنصر القضائى في المزايدات والمناقصات، وأضاف «إمام» أن الدستور منح مهلة للمنتدبين الحاليين بتصفية وإنهاء انتدابهم وأعمالهم خارج القضاء في مدة لا تتجاوز خمس سنوات من تاريخ إقرار الدستور أى في 2019 تعنى إنهاء الانتداب كلياً أو جزئياً.

وشدد «إمام» على أن المشرع أراد بهذه النصوص الحفاظ على استقلال القضاء وتفرغ القاضى للعمل في قضاياه والحكم فيها خاصة مع عدم تناسب أعداد القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية بعدد القضايا التي يتم نظرها حالياً، منوهاً بأن عدد القضاة في القضاء العادى لا يتجاوز 13 ألف قاضٍ ينظرون قرابة مليونى قضية سنوياً وقضاة مجلس الدولة يتجاوزون 3 آلاف قاضٍ بقليل وتبلغ عدد القضايا والمنازعات الإدارية التي ينظرها سنوياً قرابة 90 ألف قضية، وبالتالى فهناك نقص في القضاة ولا يحتمل الأمر انتدابهم لأى جهة أخرى.

تحيز وتناقض

عصام الإسلامبولى، الفقيهة الدستورى، يؤكد أن انتداب القضاة يؤدى لانخفاض أعداد القضاة الذين ينظرون القضايا، مما يؤدى لتأخر العمل بالمحاكم وتعطل المتقاضين، مشيراً إلى أن انتداب القضاة يثير أحياناً شبه تحيز ويفتح الباب أمام التأثير عليهم.

وأضاف «الإسلامبولى» أنه انقضى عامان على المادة الدستورية التي تقضى على ضرورة تصفية الانتدابات الحالية للقضاة ولم يتبق سوى 3 سنوات لإنهاء الانتداب وقصرها على الحالات المحددة التي أوجبها الدستور.

إلغاء الندب

كشفت مصادر قضائية أن أول محاولة لتقنين ندب القضاة جاءت في تعديل قانون السلطة القضائية في القانون 142 لسنة 2006، والذي نص فيه على عدم جواز الندب لأكثر من مرة طوال الخدمة بحد أقصى 4 سنوات، إلا أن الوزير ممدوح مرعى وزير العدل الأسبق قام بتعديل هذا القانون في 2007، وحذف هذه المادة الخاصة بتقنين الانتداب وتردد حينها أن حذف هذه المادة جاء لترضية أعداد من القضاة تجاوزت فترة انتدابهم أكثر من 15 عاماً حينها.

مجلس الدولة

وأضافت المصادر أن المنتدبين من القضاة لغير الجهات القضائية في القضاء العادى لا يتجاوزون من مائة إلى مائة وخمسين قاضياً، بينما تتحول لظاهرة منتشرة في قضاة مجلس الدولة والتي يتردد أن أعداد المنتدبين منهم تتجاوز 1500 قاض، حيث يعدون الأكثر انتداباً في الجهات الحكومية والتي يحصلون من خلالها على آلاف الجنيهات شهريًا، في الوقت نفسه، هناك مستشارون آخرون لا يتم انتدابهم مما يعد تفرقة تؤدى إلى إحداث فرقة بين القضاة وقد تثير العديد من الشبهات ضد المنتدبين.

وأشارت المصادر إلى أنه من المفارقات أنه في كل الجهات والوزارات الحكومية توجد إدارة تابعة لمجلس الدولة تسمى إدارة الفتوى، ومهمتها تقديم الفتاوى القانونية للمسئولين الحكوميين في جميع المسائل المتعلقة بعملهم، وبالتالى فلا توجد حاجة للاستعانة بمستشارين في الجهات الحكومية والوزارات للقضاة من مجلس الدولة أو غيره.

وأشارت المصادر إلى أن القاضى المنتدب يحصل على مبالغ مقابل الندب ومكافآت عن عمله الاستشارى بالجهة الإدارية أو الوزارة المنتدب إليها، بالإضافة لراتبه من القضاء، مما يشكل أعباء إضافية على الخزانة العامة.

قرار "محلب"

فى تصريحات سابقة للمستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات السابق،

قال إنه تم حصر 13 ألف مستشار «سواء فنيين أو قضاة» تقاضوا نصف مليار جنيه من جهات عديدة في عام واحد قبيل عام 2014.

ومن المفارقات المدهشة أنه في أغسطس 2014 قرر المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء حظر الاستعانة بأعضاء الجهات والهيئات القضائية للعمل مستشارين قانونيين أو خبراء أو بأى صفة في أكثر من جهة.. وتم توزيع كتاب دورى بهذا الصدد على جميع الوزراء والمحافظين والهيئات وأجهزة الدولة المختلفة.

وأكد الكتاب الدورى حظر الاستعانة بأى من أعضاء الجهات والهيئات القضائية سواء عن طريق الندب أو التكليف أو تحت أى مسمى آخر للعمل كمستشارين قانونيين أو خبراء أو بأية صفة كانت في أكثر من وزارة أو محافظة أو هيئة أو مؤسسة عامة أو مصلحة حكومية أو أية جهة إدارية أياً كان مسماها القانونى، أو أى من شركات القطاع العام أو قطاع الأعمال العام أو أية شركة من الشركات المملوكة للدولة، أو التي تساهم الدولة أو إحدى هيئاتها أو شركاتها في رأسمالها، ما لم تكن الاستعانة به لصفته ممثلاً للجهة أو الهيئة القضائية التي يتبعها تنفيذاً لنص في القانون.

وشدد الكتاب الدورى على صدور قرار الندب بعد استيفاء المستندات الدالة على صدور قرار الندب بعد استيفاء المستندات الدالة على ذلك وتقديم إقرار من المنتدب بعدم انتدابه أو تكليفه بالعمل في أية جهة أخرى.

مجلس القضاء الأعلى

وقد أصدر مجلس القضاء الأعلى الأسبق عقب ثورة 25 يناير قراراً بإلغاء ندب القضاة جزئياً للعمل بالوزارات أو أى جهة حكومية، لاعتبارات تتعلق بصورة القضاة، فضلاً عن أن الندب يؤخر فصل القضاة في القضايا. وظل القرار سارياً بعد دستور 2012، الذي حظر الندب بنص دستورى، لكن دستور 2014 أحال الأمر برمته إلى القانون، على أن يجرى الإلغاء خلال 5 سنوات.

وعقب صدور قرار رئاسة الوزراء سارعت عدد من الجهات القضائية وأعلنت حظر انتداب أعضائها خارج العمل القضائى، إلا أن الأمر لم يستمر كثيراً، وحالياً سمح مجلس القضاء الأعلى بعودة الانتدابات الجزئية، فضلاً عن موافقته عن أغلب الانتدابات الكلية التي عرضت عليه خلال الفترة الماضية.

ومن جانبه قال المستشار عادل الشوربجى، عضو مجلس القضاء الأعلى، إن المجلس قرر عودة الندب الجزئى لبعض الوقت للهيئات المختلفة، مع بداية تولى أعضائه مناصبهم في يوليو الماضى، مشدداً على أن صاحب الكلمة في ذلك أعضاء المجلس فقط، طالما أباح القانون ذلك، ولا يعيب القاضى الانتداب جزئياً في أى هيئة بعض أيام الأسبوع ليعمل باقى الأيام من الأسبوع في نظر قضاياه وفى حالات إذا كون علاقات شخصية مع أحد فله أن «يستشعر الحرج» ولا ينظر القضية من الأصل إن كانت محل تقاضٍ.

انتدابات "الزند"

مصدر قضائى آخر أشار إلى أنه رغم ما أقره الدستور بضرورة تصفية الانتدابات وقرار رئيس الوزراء إبراهيم محلب السابق بحظرها على أكثر من جهة، إلا أن الوضع الحالى والمؤشر للانتدابات للقضاة يشير إلى عكس ذلك، إذ قام وزير العدل السابق أحمد الزند بالتوسع في الانتداب الكلى للقضاة ومنها الجزئى داخل وزارة العدل.

حيث قام الوزير السابق بانتداب أكثر من 200 مستشار داخل الوزارة سواء للعمل كمساعدى وزير أو داخل المكتب الفنى أو أعضاء في الإدارات المختلفة أو المكاتب أو مراكز الدراسات، بالإضافة إلى الانتداب الجزئى لعدد محدود منهم.

وأضاف: رغم أن المنتدب الكلى لا يحصل على راتب آخر من الجهة التي ينتدب إليها، إلا أن المنتدبين لوزارة العدل إبان عهد المستشار أحمد الزند حصلوا على بدلات وامتيازات عديدة، ومنها سفريات إلى عدد من الدول الأوروبية التي جاءت ممولة من منح أجنبية قدمت لوزارة العدل لتطوير المحاكم والتعاون الدولى ومنها السفر إلى كوريا وإسبانيا.