رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدولة تبيع المواطنين للمستشفيات الخاصة

بوابة الوفد الإلكترونية

لا يختلف اثنان على أن هيئة التأمين الصحى تعمل بمبدأ «الجود من الموجود»، فهى تخدم 60٪ من الشعب، وتعتبر مسئولة على صحة جميع أطفال مصر، وميزانية الوزارة التى تنتمى إليها لا تتعدى 64 ملياراً فى الموازنة الجديدة بعد أن كانت 48 ملياراً.

أما ميزانية التأمين الصحى نفسها فقد ارتفعت فى الموازنة من 6 مليارات إلى 8.2 مليار جنيه بالنسبة للعاملين بالقطاع الحكومى، فى حين أن التكلفة الحقيقية لخدمة التأمين الصحى فى مصر بلغت وفقاً لتصريحات وزير الصحة الدكتور أحمد عماد 120 مليار جنيه فى عام 2015، 30٪ منها (91 مليار جنيه) من القطاع الخاص.

لغة الأرقام تكشف أننا بحاجة إلى معجزة لحل كل المشكلات القديمة التى تواجه منظومة التأمين الصحى، وذلك بتطوير القطاع الصحى، حتى يكون لكل مواطن مصرى حماية وأمان طبى، وحتى لا تخرج المستشفيات الحكومية من المنظومة، والأمر يحتاج أيضاً إلى رؤية مالية جديدة لاشتراكات المواطنين، فغير القادرين يمثلون 40٪ من إجمالى السكان وهؤلاء يقل دخل كل منهم عن 375 جنيهاً.

وهو راتب كل مصرى مصنف فقيراً.. فضلاً عن أن هناك مئات أخرى غير مدرجة لا تدفع بشكل سنوى لعدم قدرتها على الدفع.. وهؤلاء أيضاً يحتاجون إلى حل لتمويل اشتراكاتهم.

تشير لغة الأرقام إلى أن هناك 110 آلاف مريض يترددون يومياً على العيادات الشاملة التابعة لهيئة التأمين الصحى، وأن مليار جنيه من ميزانية الوزارة الضعيفة تنفق على بند الدواء فقط، و900 مليون على بند شراء الخدمة من مستشفيات لا تتبع الهيئة.

جولة لـ«الوفد» داخل هذه العيادات، كشفت كيف يعيش المصرى معذباً بمرضه فى أروقة التأمين الصحى..

قابلنا مرضى حضروا من الصباح الباكر ومن مختلف المحافظات للحجز عند أطباء بأعينهم ولكنهم لم يأتوا فى المواعيد المقررة إلى جانب المشاحنات بسبب الروتين وعدم صرف الأدوية والإصرار على حضور كبار السن بأنفسهم ورغم أمراضهم المزمنة لصرف روشتات العلاج.. وغير ذلك من المشاكل.

 

صرخات المرضى!

< نظام="" يفتقد="" الرأفة="" بأحوال="" المرضى="" والفقراء»..="" هذا="" ما="" تردد="" على="" لسان="" سالم="" كامل،="" موظف="" على="" المعاش="" ومريض="" أورام="" بالكبد،="" يتردد="" يومياً="" على="" عيادة="" التأمين="" الصحى="" بشارع="" أحمد="" كمال="" بالجيزة="" لمجرد="" الحصول="" على="" إمضاء="" ويأتى="" من="" الصف="" متكئاً="" على="" ابنته="" ولا="" حياة="" لمن="" ينادى..="" ويقول:="" أذوق="" الأمرين="" للحصول="" على="" العلاج="" وقد="" أظل="" شهوراً="" طويلة="" حتى="" أحصل="" عليه="" وبشرط="" أن="" أحضر="" بنفسى="" رغم="" مرضى="" وسنى،="" وذلك="" على="" حد="">

< جابر="" شفيق،="" فنى="" إخصائى="" تحاليل،="" على="" المعاش،="" بكل="" الحزن="" والأسى="" يقول:="" الفقير="" والضعيف="" فى="" هذا="" البلد="" يموت="" ولا="" يمكنه="" الحصول="" على="" أدنى="" حقوقه..="" أتردد="" على="" عيادة="" الهرم="" للتأمين="" الصحى="" كعب="" داير="" من="" عيادة="" الباطنة="" إلى="" المسالك="" البولية="" وبالعافية="" يكشف="" الدكتور="" على="" 20="" واحد="" والنهاردة="" كنت="" رقم="" 21،="" ولم="" ترض="" الممرضة="" بتسجيلى="" وغيرى="" من="" المرضى="" رغم="" أن="" الدكتور="" نفسه="" لم="" يحضر="" إلا="" بعد="" 3="" ساعات="" من="" مواعيد="" العمل="" الرسمية..="" للأسف="" التأمين="" لا="" علاج="" ولا="" دواء="" ولا="" حتى="" معاملة="" كويسة="" قد="" تقلل="" من="" إحساسنا="" بالهوان="" والضعف="" والاحتياج="" فى="" هذه="" السن="">

< التأمين="" الصحى..="" زى="" الزفت="" بحسب="" عبدالتواب="" منصور="" خليل،="" الذى="" أكد="" إصرار="" التأمين="" على="" صرف="" دواء="" له="" منذ="" 2007="" ولم="" يتغير="" حتى="" النهاردة="" ونحن="" فى="" 2016="" ورغم="" تغير="" وتراجع="" حالتى="" المرضية="" وهل="" يعقل="" وأنا="" مريض="" كبد="" وكلى="" وقلب="" وضغط="" وطوال="" 15="" عاماً="" لم="" يقم="" طبيب="" التأمين="" بالكشف="" علىّ="" مباشرة="" أو="" حتى="" قياس="" ضغطى="" بالجهاز="" ولو="" مرة="" واحدة..="" فالأطباء="" يعاملوننا="" بتأفف="" وكبرياء="" وتعال="" وكأنهم="" يعالجوننا="" على="" حسابهم="">

< «أعانى="" من="" الروتين="" والمحسوبية="" وكلاهما="" لا="" يراعى="" حقوق="" المرضى،="" علاوة="" على="" معاناتى="" وغيرى="" من="" زيف="" تصريحات="" المسئولين="" بأن="" العلاج="" متوافر="" وبالمجان..="" هذا="" ما="" تردد="" على="" لسان="" صابر="" منير="" -موظف="" على="" المعاش-="" وغيره="" من="" المرضى="" المترددين="" على="" عيادات="" التأمين="" الصحى="" من="" بولاق="" لفيصل="" والهرم="" والمنيب="" إلى="" مستشفى="" النيل="" بشبرا..="" فالجميع="" أكد="" أنه="" لا="" يمكن="" دخول="" أى="" مستشفى="" إلا="" بعد="" جلب="" أحد="" الأشخاص="" ليتبرع="" بالدم،="" كما="" أن="" المحسوبية="" فى="" الدور="" والدخول="" وصافى="" صرف="" أدوية="" بذاتها="" لاتزال="" شعار="" المرحلة..="" فرغم="" أن="" تكرار="" الدواء="" دائماً="" ما="" يكون="" بقرار="" لمدة="" 6="" أشهر="" متتالية،="" فإن="" الموظفين="" يصرون="" على="" الحضور="" شهرياً="" لتكراره="" مهما="" كانت="" حالتى="" وعجز="" وكبر="">

 

القانون الجديد

كان أمل هؤلاء المعذبين فى عيادات وطرقات ومستشفيات التأمين الصحى فى قانون التأمين الصحى الجديد.. ولكنه أتى وتصاعدت معه وحوله الخلافات وصارت أزمة بين وزارة الصحة ونقابة الأطباء بسبب هذا المشروع الجديد.. وحتى بين المؤيدين أنفسهم.. حيث وجدنا اتحاد نقابات المهن الطبية يدعم إقرار مشروع قانون تأمين صحى اجتماعى شامل باعتباره أحد الاستحقاقات الدستورية للصحة، إلا أنه يرفض المشروع المقدم من وزارة الصحة لكونه لا يلبى طموحات المصريين فى تأمين شامل صحى اجتماعى ولتضمنه العديد من السلبيات الرئيسية التى تمثلت ووفقاً لبيان الاتحاد فى عدم التحديد الدقيق لطبيعة المشروع والاكتفاء بكلمة «خدمة اقتصادية خاصة أن الهيئات الثلاث القائمة على تنفيذه من المفترض أنها خدمية لا تهدف للربح، كما أنه يحدد تقديم الخدمة عن طريق التعاقد بين هيئة التمويل والإدارة وبين المستشفيات الحكومية أو الخاصة التى ستنطبق عليها شروط الجودة رغم عدم توافر أى معايير جودة حقيقية فى المستشفيات الحكومية لضعف الإنفاق الكافى عليها وبما يرشح خروجها من التعاقد وتستأثر حينئذ المستشفيات الخاصة بالتأمين الصحى، فضلاً عن عدم معرفة مصير المستشفيات التى ستخرج من التعاقد مع هيئة التأمين الصحى.. كما استنكر الاتحاد العام للأطباء عدم النص على حقوق الأطباء والعاملين بمستشفيات التأمين الصحى وتحول العاملين لنظام التعاقد بدلاً من التعيين وإلغاء التزام الدولة بتكليف الأطباء والتمريض والصيادلة.. كما رفض الاتحاد فرض أى مساهمات عند إجراء التحاليل والأشعات لكونها ضرورية لتشخيص المرض والعلاج.

ومن ملاحظات اتحاد المهن الطبية الأخرى.. وجود عدد من المصطلحات الواجب تعديلها كأجر الاشتراك، فضلاً عن انحيازه للشريحة التى تتقاضى البدلات دون غيرها وعدم وضع تعريف محدد لغير القادرين.

 

الخطير فى القانون الجديد

ألغى القانون مساهمة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى لتحمل نسبة الـ3٪ لاشتراك أصحاب المعاشات مقابل زيادة النسبة المفروضة على اشتراك الأرامل والمستحقين للمعاش من 1٪ إلى 2٪، كذلك بند الحرائق والكوارث الطبيعية يخشى بسببه إخراج علاج الحروق من التأمين الصحى، علاوة على عدم احتواء مشروع القانون على أى دراسة اكتوارية توضح التكاليف والإيرادات.

 

هيئة غير ربحية!

وطالب الاتحاد بالنص صراحة على أن هيئة التأمين الصحى «خدمية غير ربحية» وأن تلتزم وزارة الصحة يرفع مستوى جودة كل المستشفيات والوحدات والعيادات الصحية التابعة لها على أن تكون الهيئة ملزمة بضم جميع المستشفيات والوحدات الحكومية لخدمات التأمين الصحى دون تعاقد، والتعاقد مع القطاع الخاص بسعر موحد هو نفس سعر تقديم الخدمة فى مستشفيات تقديم

الخدمات الصحية.. وضرورة وجود رقابة شعبية باشتراك منظمات المجتمع والنقابات المهنية المعنية فى الرقابة على كل مستويات الخدمة وفى حالة وجود عجز مالى يعاد النظر فى زيادة الضرائب المربوطة لصالح الصحة وفى تعديل قيمة الاشتراك على المنتفع وصاحب العمل بالنسب العالمية وهى 1 للمنتفع و3 لصالح العمل مع عدم فرض أى مساهمات جديدة!

 

خريطة.. ثلاثية!

فى مقابل ملاحظات واعتراضات قطاع عريض من الأطباء والذى مثله بيان اتحاد المهن الطبية.. نجد وزارة الصحة ممثلة فى الدكتور أحمد عماد الدين وزيرها.. يرونه نظاماً إلزامياً يعتمد على توفير الخدمة الصحية الشاملة واللائقة لجموع المصريين المقيمين داخل الجمهورية لكونه يربط الرقم القومى برقم التأمين الصحى ويعتمد على الأسرة وليس الفرد ويسرى على جميع المواطنين ولكل الفئات العمرية يحمل الدولة أعباء غير القادرين ويساهم فى تحقيق العدالة الاجتماعية من وجهة نظره.

وعلى نفس السياق.. يرى الدكتور علاء غنام، عضو لجنة إعداد قانون التأمين الصحى، أنه يمثل تطبيقاً فعلياً للتكافل الاجتماعى وتتحمل فيه الدولة أعباء غير القادرين ووفقاً لما تحدده وزارة التضامن الاجتماعى من الفئات المستحقة للدعم وبما يضمن توازن التغطية المالية لتلك الفئات.. وبحسب علاء غنام.. فيمن يرون فى القانون محاولة لخصخصة الخدمة.. إما سيئ النية أو غير فاهمين!

وأضاف، لذلك فتلك الاتهامات وغيرها مجرد مزايدة سياسية مرفوضة والقانون الجديد سيكون ثورة فى النظام الصحى المصرى يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة ويحدد غير القادرين بمن هم «تحت الحد الأدنى للفقر وليس من لديهم ضمان اجتماعى فقط».

 

الحقوق والواجبات

هكذا قالت الوزارة رأيها، ولكن كان لمنتقدى القانون رأى آخر.

القانون الجديد للتأمين الصحى به إخلال واضح بمبدأ أساسى لأى قانون يتمثل فى توضيح الحقوق والواجبات لكل مواطن.. هكذا تراه الدكتورة منى مينا وكيل نقابة الأطباء.. مضيفة أنه لم يحدد طبيعة عمل الهيئات الثلاث المقدمة للخدمة ويستهدف التحصيل الإجبارى من المرضى بما يجعله هادفاً للربح ويفتح الباب لخصخصة المستشفيات الحكومية أو يخرجها خارج نطاق الخدمة لتدنى مستواها مقارنة بالمستشفيات الخاصة، كما أنه لم يحدد حقوق الأطباء والعاملين بالصحة، خصوصاً مع تدنى أوضاع أطباء التأمين الصحى مقارنة بأوضاع زملائهم فى وزارة الصحة.. حيث إن الطبيعى حديث التخرج يصل متوسط أجره فى الوزارة 20000 جنيه بينما طبيب التأمين الصحى 1000 جنيه، فضلاً عن أنه لم يتم ضمهم لقانون 14 لسنة 2014 المعروف خطأ بكادر المهن الطبية وما هو «سوى قانون لتنظيم أحوال العاملين بوزارة الصحة».

وتشير منى مينا إلى اختلاف نسخة القانون التى سبق ونوقشت مع النقابة ومع ما عرضته وزارة المالية من نصوص.. حيث تبين بمطالعة التعديلات التى أدخلت على النسخة الأخيرة التى أعلنت خلال يناير الماضى أن قيمة الاشتراك للزوجة مثلاً زادت من 2٪ إلى 2.5٪ ولكل ابنى من 5٪ إلى 7.5٪ وقيمة المساهمات التى تدفع عن صرف العلاج زاد الحد الأقصى من 50 إلى 100 جنيه فى المدة، كما وجد تناقض فى المادة رقم 1 من المشروع بسبب كلمة «اختيارى»، حيث تتنافى مع نصوص أخرى فى ذات القانون، فالمواد من 28 و29 و30 تنص على آليات إجبارية لتحصيل الاشتراك مثل الخصم من الراتب واشتراط تسديد الاشتراك مثل الخصم من الراتب واشتراط تسديد الاشتراك قبل استخراج رخصة القيادة وتصاريح العمل مما يعنى إجبارية الاشتراك ومن ثم تغيير قيمة الاشتراكات والمساهمات بين نسخة القانون فى ديسمبر 2015 ويناير 2016 واستبعاد الطب النفسى من الأمراض التى يغطيها التأمين.. ولذلك كما تقول الدكتورة منى مينا نقابة الأطباء ترفض كل السياسات التى تهدف لخصخصة الصحة بداية من قرارات وزير الصحة والقوانين التى يحاول تمريرها كقانون التأمين الصحى الشامل.. وفيما يخص مشروع التأمين الصحى فأخطر ما فيه هو سيطرة الشركات متعددة الجنسيات والتى لا يعرف أحد مصادر تمويلها ولا أهدافها على الخدمات الصحية.. علاوة على مخاوفنا من عدم مناقشة القانون دون إعلان الدراسة الاكتوارية المعتمد عليها وطرحها للحوار.

لذلك والحديث ما زال لوكيل نقابة الأطباء منى مينا: «من حقنا كمواطنين متلقين للخدمة الصحية وأطباء وفريق طبى مقدمين للخدمة الصحية أن نرفض صياغة القانون المقترح ونطالب بصياغة تضم جميع المستشفيات الحكومية وتمنع خروجها من الخدمة أو مشاركة القطاع الخاص بها وتكون هناك هيئة مستقلة رقابية يشارك فيها ممثلون لمتلقى الخدمة ومقدميها والخبراء تكون مسئولة عن مراقبة الجودة وضبطها ومعاقبة أى تقصير يمنع تقديم خدمة ذات جودة وبذلك نحافظ على المستشفيات الحكومية ملاذ الفقراء والغلابة.