رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صرخات المحرومين من البطاقات تهز الجدران

بوابة الوفد الإلكترونية

«الوفد» عاشت معاناة المعذبين فى مكاتب التموين، وزارت أكثر من مكتب إلا أن المعاناة بكل تفاصيلها تجسدت بكل معانيها فى مكتب تموين بولاق الدكرور «ب» بمنطقة العشرين فى فيصل بمحافظة الجيزة، فالحصول على بطاقة التموين فى هذا المكتب رحلة عذاب ومعاناة مع سبق الإصرار والعمد لكل من يتوجه إلى هناك.

فى السادسة صباحاً يصطف مئات المواطنين أمام أبواب ما أطلقوا عليه مكتب «الجحيم» يتدافعون بشكل مأسوى تدمع له العيون ليصطفوا فى الطابور الذى غالباً ما يفشل تنظيمه بسبب الزحام، شاهدنا رجلاً مسناً فى السبعين من عمره، يجلس بجواره آخر معوّق وامرأة مسنة وسيدة تحمل أربعة أولاد، وفى زاوية أخرى تجلس العشرات من النسوة شاردات فى دنيا الله تفترس وجوههن أعباء الحياة.

فى الساعة التاسعة وعشر دقائق، جاء المهدى المنتظر، هكذا يطلق عليه المعذبون، يقصدون به الموظف المسئول، وبينما هو فى الطريق إلى المكتب يستعد لبدء يومه الحافل بالمشاكل والطلبات وتسمع على بعد خطوات نساء سرعان ما تسود المكان حالة من الهرج ويلتف المواطنون حوله، ويتنافس النسوة فى الوصول إليه، فهذه تبكى وأخرى تتوسل وسيدات أخريات بلغن من العمر أرذله يتأوهن من شدة التعب، يلتقطن أنفاسهن بصعوبة، ورجال أعياهم المرض تعلوا أصواتهم بطلب الرحمة من الله، ويمتد هذا المنظر المأسوى لبضع ساعات منذ فتح الباب فى مشهد مأسوى يصطف فيه المواطنون فى طوابير طويلة متكئين على البوابة الحديدية الفاصلة بينهم وبين من بيدهم الخلاص من هذا العذاب اليومى.

القائمة السوداء

أغلب الشكاوى كانت من الطامحين فى تعديل بياناتهم الخاصة ببطاقات التموين الذكية بإضافة أو حذف أحد الأفراد، أو تلك الخاصة بشراء الخبز المدعم، على نوافذ مكتب تموين، خاصة أن الموظف المختص بإنهاء الإجراءات يغادر مقر عمله فى الثانية عشرة ظهراً، بينما تغلق الأبواب أمام الجماهير فى الواحدة مساء كل يوم، ويضطر المواطن لأن يأتى فى اليوم التالى ويعيش نفس المعاناة التى عاشها أمس.

من بين خمسة طوابير تضم العشرات، اقتربنا من مجموعة تضم كلاً من ناصر سامى، وجيه عبدالغنى، محمد أحمد محمد، أثناء وقوفهم خلف بعضهم بعضاً فى الطابور لتعديل بيانات بطاقاتهم.. قالوا بلغة متكسرة يطلبون الإنقاذ، نعيش يومياً رحلة عذاب لأكثر من سنتين بين منافذ الشركات المسئولة عن استخراج البطاقات ومكاتب التموين لإصدار بطاقة ذكية بدل تالف رغم سدادنا رسوم الحوالة البريدية وتسليم الأوراق المطلوبة. قالوا فى دهشة واستغراب: تخيل إننا نعيش هذا العذاب مرتين خلال مدة وجيزة، فقد نجحنا بصعوبة فى استخراج بطاقة التموين وبعد أسبوعين فقط تلفت ولم تعد تعمل فى أى جهاز صرف آلى وما أن تدخلها حتى يخرج الجهاز لنا ورقة بيضاء يفيد بأننا فى القائمة السوداء، وهو ما اضطرهم للذهاب إلى مكتب التموين التابع لمقر سكنهم لإصدار بطاقة جديدة، وظلوا يترددون على المكتب لأكثر من 3 سنوات، وبعد أن فقدوا الأمل، دلهم فاعل خير على المجىء إلى هنا لعلهم يفلحون وتنتهى معاناتهم.

كعب داير

كعب داير بين مكاتب التموين وشركة البطاقات بهذه الكلمات وصفت حسنية محمد وعفاف صبحى وسهير ربيع معاناتهن لتنشيط بطاقة التموين الذكية حتى يتمكن من صرف السلع المدعمة وأياماً طويلة وهن فى هذا العذاب، ينتقلن من مكتب لآخر حتى وصلن إلى تفعيل أو تنشيط البطاقة، وبدورها أرسلتهم المديرية إلى شركة «إيفيت» لتكنولوجيا المعلومات المسئولة عن استخراج البطاقات، ولكن المسئولين فى الشركة رفضوا وأبلغوهن بأن تنشيط البطاقات يكون من البقالين وإصلاح ماكينات صرف السلع فقط، مطالبين بضرورة تدخل وزير التموين لإنهاء الأزمة.

يلتقط الحديث محسن عبدالجواد «70 عاماً» قائلاً بغضب شديد: حرام رجل مسن مثلى يتبهدل بالشكل ده، أتردد على مكتب التموين لأكثر من خمس سنوات وأستعطف الموظفين من أجل إنهاء الإجراءات الخاصة بإصدار بطاقة إلكترونية بدلاً عن بطاقتى الورقية ولكن لا أحد يستجيب لتوسلاتى ولا يحن قلبه لشيخوختى، حسبنا الله ونعم الوكيل.

معاناة عبدالجواد واحدة من آلاف الحالات، فهناك حوالى 170 ألف بطاقة تموينية ورقية لأسر محافظتى الجيزة والقاهرة فقط، وتسبب هذا الحال فى تضرر الكثير لعدم حصولهم على السلع الغذائية المجانية مقابل التوفير فى الخبز، إضافة إلى

تعطل بعض ماكينات صرف السلع، ورغم مخاطبة وزارة التموين والتجارة الداخلية للشركات المسئولة عن إصدار البطاقات الذكية أكثر من مرة لسرعة تحويل البطاقات الورقية إلى إلكترونية، لضمان حصول المواطنين على حقوقهم من السلع ولعدم تلاعب البعض فى المواد الغذائية المدعمة، إلا أن الشركات المنفذة لبطاقات التموين الإلكترونية لم تلتزم بالمواعيد المحددة.

سرقة عينى عينك

«محمد جمال»، موظف بسيط، يصرخ بصوت عال: «مكاتب التموين بتسرقنا، أكثر من ثلاث سنوات ولم أحصل على بطاقة جديدة بدل «تالف» لصرف مستحقاتنا التموينية، وجئت أستعلم عن الأمر فعلمت أن بعض الموظفين يقومون ببيع بطاقات تموين الغلابة للمخابز الخاصة والتجار للاستفادة بالسلع المدعمة، ويضيف: «الغريب أننى أخطرت إدارة التفتيش فى وزارة الداخلية ووزارة التموين بالأمر»، «ولم يستجب أحد لشكواه.. فالفقير لا مكان له فى هذا البلد».

ويتفق معه أسامة ياسين «45 عاماً» مشيراً إلى أنه يتردد على مكتب التموين لأكثر من سنة لإصدار بطاقة جديدة «بدل تالف»، ولا أسمع من الموظفين إلا كلمة «فوت علينا بكرة» رافضين إعطائى أى معلومة أو استفسار عن موعد إصدار بطاقتى.

وذكر «ياسين»، أنه استعمل بطاقته التموينية القديمة لمدة شهر، ثم بدأت تظهر له القائمة السوداء على جهاز الصرف الآلى، وأبلغه البقال أن بطاقته أصبحت تالفة وعليه إصدار آخرى لكى يستطيع صرف مستحقاته التموينية، ورغم تسليمه الأوراق المطلوبة منه لمكتب التموين منذ سنة تقريباً ولكن لم تصدر حتى الآن البطاقة الجديدة، وأشار إلى أنه بعد رفض الموظفين إفادته بأى معلومة عن بطاقته، توجه إلى شركة «إيفيت» المختصة بإصدار البطاقات الذكية، وأبلغه أحد الموظفين أنه بسبب ظهور قائمة سوداء فى جهاز الصرف الآلى: «أن جهة أخرى أصدرت بطاقة تموينية جديدة  باسمه وتصرف حالياً مستحقاته التموينية، لذلك لا تعمل بطاقته القديمة».

فضرب كفاً بأخرى، وتيقن له ما قاله له أحدهم إن هناك بعض البطاقات تتم سرقتها.

وتحكى  ليلى محمد،: «إنها فوجئت عند صرف التموين أن البطاقة ليس بها رصيد التموين، فتوجهت إلى مكتب تموين بولاق الكرور (ب)  لتفعيل البطاقة، وكان لزاماً عليها مجبرة أن تقف فى الطابور أمام باب حديدى وحيد من خلاله التعامل مع المواطنين الذين يتكدسون أمامه  يومياً قادمين من كافة مناطق، مشيرةً إلى أن أحد الموظفين قام بجمع كل البطاقات وأبلغهم استلامها بعد يومين، وبعدما استلمنا البطاقات اكتشفنا أنها لا تعمل، وتكرر الأمر الى أكثر من 3 مرات دون جدوى.

وبحزن شديد وبكار غزير، تقول « آمنة متولى 50 عاماً: «لم استطع شراء سلع وعيش كل يوم لأولادى، فنحن عائلة فقيرة جداً وزوجى عامل بسيط (يوم يعمل وعشرة) لا، والبطاقة التموينية كانت تنقذنا ولكن بعد أن تعرضت للتلف ونحن نعانى أشد المعاناة لعدم تمكننا من صرف العيش والسلع المدعمة.