عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"سقف وأربعة حوائط" الحق الضائع لذوي الإعاقة

بوابة الوفد الإلكترونية

وراء كل رحلة بحث عن شقة حكاية قد تصلح تفاصيلها لعمل روائى شديد البؤس لإغراقه فى سرد أحزان إنسان كل طموحه فى الحياة أن يجد مأوى «أربعة حوائط وسقف» قد يعيش عمره كله دون أن يعثر على حق صار حلماً فكبوساً مزعجاً.. السكن، أزمة عامة لشباب مصر المكافحين، لكنها بالنسبة للشباب من ذوى الإعاقة أكثر من مجرد أزمة.. لأن حقوق ذوى الاحتياجات الخاصة تحولت إلى معارك تحتاج إلى «صحة وقوة.. وطول بال.. وصبر ع المكتوب» لتجد شباباً اشتعلت رؤوسهم شيباً قبل الأوان، وقبل أن يحصلوا على الشقة المدعومة.. المزعومة، وفتيات ارتدين ثياب الأحزان بدلاً عن فساتين الزفاف، ومع كل انطلاقة لمشاريع تطرحها الدولة كحلول لأزمات الشباب مع الإسكان تزداد معاناة ذوى الإعاقة الذين يعجزون حتى عن دفع رسوم التقديم وتصدمهم الأقساط التى تمثل لهم مبالغ خيالية.

«الوفد» تطرح اليوم حكايات المعاناة والألم فى رحلة ذوى الإعاقة للبحث عن شقة ليصرخوا فى وجه الجميع «عش هنا».

رغم أنها مازالت فى بداية الأربعينيات من عمرها إلا أن دعاء تبدو امرأة عجوز هَرِمة.. تحمل فى يدها كيساً بلاستيكياً أسود تخرج منه أطراف أوراق هى فى الحقيقة مستندات دالة على معاناة سنوات طويلة حولت شبابها إلى زهور زابلة، دعاء رجب فى يدها شهادة تأهيل بضعف فى الساقين والقدمين وضمور بالعضلات، يقولون إن الشهادة سلاح لكن ليسانس الآداب قسم الاجتماع الذى حصلت عليه عام 2008 لم ينفعها فى مواجهة أعداء تكاثروا عليها فى مجتمع لا يرحم المعاقين، قالت دعاء كان كل أملى أن أجد شقة تؤوينى خاصة بعد وفاة والدى ووالدتى وأقمت لفترة مع أختى وزوجها وكانا يعاملاننى أحسن معاملة لكننى أيقنت أن الأعباء ثقيلة عليهما ويجب أن أريحهما من عناء تحمل إقامتى.. فاضطررت للزواج من رجل بسيط «فقير» يكبرنى فى السن ويعمل فراناً، تزوجته من أجل أن أجد شقة تحمينى.. ولكن تزوجنى فى شقة إيجار محدد المدة ندفع له 600 جنيه شهرياً وهو فرّان انخفضت يوميته من 150 جنيهاً إلى 100 جنيه فقط وكنت أحصل على معاش والدى انقطع عنى بعد الزواج وهنا أتساءل لماذا يفعلون ذلك مع البنات من ذوات الإعاقة والكل يعلم أن فرص زواجهن ضعيفة وكثيرات تقبلن بزيجات غير متكافئة لمجرد إيجاد عائل، قدمت فى إحدى الشركات الخاصة ضمن نسبة الـ5٪ أتقاضى منها راتب 172 جنيهاً بعد خصم 30 جنيهاً تأمين وأنا معى شهادة جامعية!

كل ما كنت أطلبه شقة وقدمت فعلاً فى مكتب البريد عام 2014 ولكن فى شقق ليس لها مقدم 5 آلاف جنيه لأننى لا أملك هذا المبلغ وجاءنى ناس البيت وقالولى قدمى على شقة من المحافظة فى الجيزة وفعلت وكل مرة أقدم آخذ رقماً حتى الوظائف التى أعلن عنها التنظيم والإدارة ولم أحصل على شىء، المدهش أننى أرى شققاً فاضية كتير أمام عينى لا يسكنها أحد ولدينا فى مطار إمبابة عمارات كثيرة غير مسكونة ولا أعرف لمن تكون، وإذا كنت أنا وغيرى من ذوى الإعاقة لم نحصل على سكن فماذا يفعلون بكل هذه الشقق التى استغنى عنها أصحابها؟

«مالكيش حاجة عندنا» جملة تحولت معها حياة مرسى صبرى إلى جحيم بعد أن تقدم أكثر من مرة لحجز وحدة سكنية مدعمة ولم يصبه الدور قال عندى: 49 سنة متزوج ولدى طفلة وحيدة كل أملى أن أضمن لها مكاناً يحميها ويسترها لأننى أعيش فى شقة «شرك وورث» عن والدتى وكنت قد قدمت أوراقى بالبريد فى مكتب رمسيس وذلك للحصول على شقة بمشروع الإسكان فى محافظة الجيزة أكتوبر - دهشور فى شهر أغسطس من العام الماضى وأنا أعمل موظفاً بجامعة القاهرة وقدمت كل الأوراق المطلوبة وتم إجراء بحث لحالتى فى الشغل ومكان الزوجية والباحث طالع كل الأوراق وسألت فى صندوق التمويل العقارى قالولى رح البنك الأهلى فرع 6 أكتوبر لأن «مالكش حاجة عندنا» قلت لهم قد أبلغونى بأن ورقى تمام وتم بالفعل إجراء البحث والتحقق من صحة الأوراق المقدمة لكننى إلى الآن لم أحصل على شىء وأعيش رحلة عذاب ولم يراع أحد ظروفى وأنا فاقد البصر ومن حقى كأى أب أن أؤمن لأسرتى الصغيرة بيتاً بسيطاً يحميهم من غدر الزمان.

عش الزوجية

أحمد وغادة شابان فى ريعان العمر، لم ييأس أحدهما بسبب إعاقته، بل شق كلاهما طريقه فى الحياة مثل أى مواطن على هذه الأرض يبحث عن العيش بكرامة، أحمد عمره 27 سنة كفيف وصل فى التعليم إلى المرحلة الثانوية، لكنه لم يكمل تعليمه بسبب ظروفه المادية، فوالده يعانى من إعاقة  سببتها له جلطة دماغية.. ويعيش على معاش لا يتجاوز مئات الجنيهات، وقدم أوراقه لشغل وظيفة مما تم الإعلان عنها من قبل جهاز التنظيم والإدارية لكنه لم يحصل على عمل تقول خطيبته غادة عبدالعزيز: لا أعتبر إعاقتى سبباً فى أن أعتمد على أحد وأحصل على ما هو ليس حق لى فحصلت على الثانوية العامة بتفوق والتحقت بالجامعة وحصلت على ليسانس الآداب قسم التاريخ ورغم ذلك لم أستطع الحصول على أى وظيفة أنا وخطيبى والجوازة متعطلة على السكن، كلما نحاول التقديم على شقة لا نجرؤ على التقدم لأن كل المشروعات تتطلب 5 آلاف جنيه مقدم وأقساط و15 ألفاً عند التسلم وأنا وخطيبى فقراء وأهالينا غلابة وأشعر بأن مشروعات الإسكان هذه ليست لنا بل لمن لديهم وظائف أو دخول تضمن سداد الأقساط.

ونحن مثلنا مثل شباب كثيرين من ذوى الإعاقة لم نأخذ حقنا فى شىء ليس السكن فقط، بل والوظائف والرعاية الاجتماعية أيضاً.

ويقول أحمد: أقلعت عن فكرة أن أقدم للإسكان ولو قالولى فيه ببلاش مش هاقدم، لأن سبق وتقدمت بطلب من خمس سنوات فى محافظة الجيزة وأعطونى ورقة برقم الطلب 180 وظللت أسأل لغاية ما اتحرقت المحافظة، لم أفكر بعدها أن أسأل عن طلبى ولم يسألوا هم عنى.

تتفق فى الرأى هبة عبدالعزيز التى أكدت أن الشقق بهذه الأسعار لا تناسب ظروف ذوى الإعاقة.

محمد إسماعيل، رئيس لجنة تحدى الإعاقة بالوفد، قال: طالبنا كلجنة ذوى الاحتياجات الخاصة بالوفد من رئاسة الجمهورية وذلك قبل انعقاد مجلس النواب بإصدار قانون بتخفيض أسعار الوحدات السكنية لذوى

الاحتياجات الخاصة لأن أسعارها تفوق إمكانيات ذوى الإعاقة الذين يعانون أصلاً من عدم وجود فرص عمل وتفعيل نسبة الـ5٪ أو انعدام الدخل أساساً، وإذا وجد فهو هزيل ورمزى ولا يستطيع أى شاب من ذوى الإعاقة أن يدبر حتى قيمة مقدم الوحدة الـ5 آلاف جنيه، وفى حالة الموافقة يتم دفع مبلغ قد يصل إلى 45 ألف جنيه وعندما انتخب مجلس النواب جددنا الطلب وتحملنا هجوم المجلس القومى للإعاقة على مطالباتنا بهذا الحق بحجة أن مجلس النواب هو المنوط بهذا الموضوع وعندما تحقق الاستحقاق الرابع من ثورة 30 يونية وهو مجلس النواب فوجئنا باستفزاز بعض النواب من ذوى العاقة لنا، إذ صرحت إحداهن بأن كثرة مظاهرات ذوى الإعاقة خطر على الأمن القومى مما أصابنا بإحباط شديد، وكنا نعتقد أن النواب سيدعمون مطالب ذوى الإعاقة فى كثير من مطالبهم خاصة الإسكان ولجأنا إلى عمل مناشدات وبيانات على مواقع التواصل الاجتماعى لنطالب بحقوقنا بأنفسنا.

وأكد «إسماعيل» أن ذوى الإعاقات تحملوا عناد سنين طويلة من الصبر على حقوقهم، إذ يعتبر السكن حقاً أساساً وأصيلاً لكل شاب وخاصة إذا كان يعانى من إعاقة ما وانتظرنا أن يأتى الوقت لتمنحنا الدولة هذا الحق خاصة ونحن نسمع ونرى كثيراً من إعلانات الوحدات السكنية فى المشاريع القومية لإسكان الشباب وكذلك القطاع الاستثمارى ودائماً ما يلحقها المسئولون بعبارة تخصيص نسبة لذوى الإعاقة فى كل مشروع مع تسهيلات فى السداد وهذا غير واقعى لنفاجأ بأن الوحدات تذهب إلى الأغنياء وهى مخصصة لمحدودى الدخل، ومن الملاحظ أن الدولة لا تضع ضمانات لوصول هذه الوحدات لمستحقيها بل إن من يستفيد منها يبيعها بأضعاف ثمنها فتحول الموضوع إلى تجارة تحدث تضخماً فى السوق العقارية وتنعكس سلباً على الشباب وتزيد الأمور تعقيداً وتعطى الفرصة لمزيد من التوسع العشوائى الذى تحاربه الدولة أصلاً.

وأشار «إسماعيل» إلى أن لذوى الإعاقة خبرات سيئة جداً فى سبيل الحصول على شقة فأنا على سبيل المثال لا يتعدى عمرى 35 سنة ومتزوج ولى طفلان ومع ذلك مازلت أعيش مع والدتى وسبَّب ذلك العديد من المشكلات التى تهدد استقرار أسرتى، وكثيراً ما حدثت الوعود بأنى سأحصل على شقة فى البداية تقدمت عام 2009 بطلب وحدة سكنية عندما أعلن فى محافظة الجيزة عن وجود وحدات سكنية لذوى الإعاقة وتقدم الكثيرون من ذوى الإعاقة مثلى ووعدونا بالاستلام خلال عام، وذهبنا فى الموعد المحدد لنسأل عن وحداتنا فوجئنا بمماطلة المسئولين فى خدمة المواطنين بالمحافظة مع عبارتهم الشهيرة «روحوا وهانتصل بيكم»، وبعد ثورة 25 يناير توجهت إلى المحافظة مرة أخرى عام 2012 وسألت فجاوبنى المسئول بأن الوحدات ستسلم خلال أسابيع وهنا فوجئت بأن هناك وحدات تم تسليمها بالفعل لشباب ليسوا من ذوى الإعاقة وبرروا لنا ذلك بأن هؤلاء الشباب حجزوا قبلنا عام 2008، علماً بأن هذا العام لم يعلن فيه عن وحدات وإذا كان هذا صحيحاً وتسلموا فى عام 2012 فكان من المفترض أن نتسلم نحن وحداتنا فى العام الذى يليه 2013 هو وما لم يحدث.

ويؤكد رئيس لجنة تحدى الإعاقة بالوفد أن التعامل مع ذوى الإعاقة فى محافظة الجيزة تحديداً يختلف عن القاهرة، فالقوات المسلحة كانت قد أهدت 13 ألف وحدة سكنية للمحافظة منذ شهور مخصصة للشباب غير الوحدات الموجودة بمنطقة مطار إمبابة وكل هذه الوحدات لم يكن لنا فيها نصيب.

والمسألة ليست شخصية فهى قضية آلاف الشباب من ذوى الإعاقة، نعمل فى الوفد على أن يصل صوتهم إلى المسئولين ليحصلوا على حقهم فى تخصيص وحدات سكنية، وقد سبق وعرضنا مطالبنا على مكتب وزير الإسكان العام الماضى وأكد لنا أن القضية فى يد مجلس شئون الإعاقة الذى لم يقدم إحصاء بعدد ذوى الإعاقة ليتم التخصيص على هذا الأساس.

الأمر لا يتعلق فقط بالوحدات السكنية بل أيضاً بالأراضى التى يتم الإعلان عنها نطالب لتخصيص أراض لذوى الإعاقة بأسعار رمزية للتمكن من بناء مساكن تتناسب مع إعاقاتهم وتبنى بمراعاة للإتاحة الهندسية ويدعمها رجال الأعمال والدولة للتمكين من بنائها، وخاصة فى الفترة المقبلة، التى سيتم فيها طرح مساحات فى المدن الجديدة.