رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خيانة «أون لاين».. ظاهرة تهدد المجتمع.. دردشة.. فموعد.. فلقاء

بوابة الوفد الإلكترونية

مع الليل والناس نيام أو حتى فى وضح النهار والبيت خالٍ إلا منه، يذهب الزوج للقاء عشيقته دون مغادرة شقته، لم ير وجهها يوماً، ولكن ذلك لا يهم، بضغطة واحدة على أزرار الكمبيوتر وبكتابة بضع كلمات تأتى إليه الأخرى «أون لاين»، ويدخل معها مسرح الجريمة لممارسة الخيانة عبر الإنترنت، تضبطه الزوجة أو أى من أبنائه فى هذا الوضع، وتكون الطامة الكبرى، مشاحنات.. مشاجرات ثم طلاق و«خراب بيوت»، وقد يحدث نفس الأمر مع الزوجة ويضبطها زوجها تخونه بالكلمة والصورة عبر الإنترنت مع آخر، ويكون سبب خراب البيت هو الدردشة على مواقع التواصل الاجتماعى، فيس بوك، واتس اب، سكايب، أو حتى فايبر، كلها وسائط اتصال إلكترونية تفتح باب الشيطان لفضح عالمنا السرى وغرف نومنا امام العوالم الأخرى، فيموت الحياء، وتفضح الخصوصيات.. لتتفكك الأسر، وينحرف سلوك الشباب، وتتفسخ العلاقات الزوجية، وتنتهى مأساوية فى كثير من الأوقات، والسؤال هو: لماذا وصلنا بالتقنية المفترض أنها إيجابية وخدمة للبشرية الى هذا المنحدر الأخلاقى البشع من استغلالها فى الخيانة وإقامة علاقات غير مشروعة وشاذة زادت من أسباب الطلاق فى مصر وزادت معدلاته، وكيف يمكن إنقاذ شبابنا وفتياتنا من الانحراف السلوكى «أون لاين» جراء هذه الممارسات الإلكترونية التى تغادر شاشة الكمبيوتر أو الهاتف لتترجم كثيراً على أرض الواقع، وكيف يمكن معالجة هذه الظاهرة، لإعادة الاحترام والاستقرار والعلاقات الزوجية والاسرية المحترمة، «الوفد» تفتح الملف.

ضحايا إلكترونيون

عبر هاتف الجريدة جاءنى صوتها صارخاً.. عايزة أفضحه وأنشر قصته الخاين اللى خرب بيته على الفاضى» هدأت من روعها لأفهم من هى وما مطلبها، وروت لى قصة سمعت شبيهها أكثر من مرة مؤخراً فى محيط النادى، الأصدقاء، المعارف، بل وبعض الزملاء، وهى قصة الخيانة عبر الشات وغرف الدردشة وبرامج التواصل المزودة بإمكانية التصوير والفيديو مثل «سكايب» وغيرها، وروت لى السيدة «أ» كيف اكتشفت تعرف زوجها على أخرى عبر الـ«فيس بوك» وكيف بدأ يجلس بالساعات الطويلة أمام «اللاب توب»، وعندما ضيقت عليه الخناق، انتقل من الكمبيوتر إلى هاتفه المحمول الذى بات لا يفارق أصابعه، عاشت ليالى طويلة الشك ينهش قلبها، تراقبه، وتتمنى لو «تقفشه»، وتأكدت فى تلك الأمسية عندما تسلل من فراشه، ودخل غرفة طفلهما النائم، وسمعته يهمس، ثم يبدأ فى التعرى أمام هاتفه وهو يلتقط لنفسه صوراً أو علها لقطات مقطع فيديو ليرسلها إلى معشوقته على الطرف الآخر، التى لابد أنها بدورها فعلت ما يفعل، ليعيشا الخيانة عبر الهاتف.

وفاجأته واحتدمت المشكلة وطلبت الطلاق، وها هى ترغب فى فضحه بالصحف، وهدأت من روعها، ووجهت لها عدة نصائح توجه فى مثل هذه الحالات، وأن تعمل على ملء فراغ زوجها، أن تكون له الصديقة والحبيبة، ان تخرج معه وتدردش، حتى لو استدعى ذلك أن تجلس فى غرفة وهو فى أخرى ليمثلا الدور بدلاً أن يبحث عن أخرى.

أم ساقطة

وتذكرت قصة قاسية قالها لى شاب جامعى رغب من قبل فى نشرها، وكان يستخدم اسماً غير اسمه الحقيقى فى صفحته وانخرط فى علاقة تعارف على «الفيس»، أحب خلالها فتاة صارت هى كل حياته، شعر بأنها تفهمه كثيراً وتتحدث عن أشياء يحبها ويفضلها وكأنها تعرفه، وبالتعمق معها فى الحديث، اعترفت له أنها تنتحل اسماً غير اسمها، وأنها أم وأرملة وليست فتاة صغيرة، وكانت الصدمة عندما كشفت له عن اسمها الحقيقى وهى تقول له أيضاً إنها تشعر بأنها تحبه وتتمنى لو تتزوجه إذا ما تغاضى عن فارق السن الكبير بينهما، وكانت الصدمة عندما اكتشف أن حبيبته ليست سوى أمه، وكل منهما انتحل اسم وصفة أخرى، وقال لى إنه منذ ذلك اليوم لا يشعر بأى احترام تجاه أمه ويراها كساقطة، رغم أنها تعمل مديرة فى شركة ولها مكانتها، حتى إنه بات لا يحادثها ويفكر فى الانتقال ليسكن بمفرده بعد أن سقطت من نظره.

وقصة سلوى التى هزت مصر قبل أشهر ووقعت فى مركز فارسكور بدمياط، وهى الأم التى قتلت أولادها الثلاثة لتتخلص مما يربطها بزوجها وحتى يطلقها وتتمكن من الزواج من شاب تعرفت عليه عبر الإنترنت، وهناك التى فقد تشرفها على يد شاب تعرفت عليه أيضاً عبر الإنترنت، وأخريات وقعن تحت التهديد والابتزاز من قبل شباب بسبب تصوير أنفسهن شبه عاريات خلال التواصل عبر الإنترنت، وتلك التى تعرفت على شاب، وأحبته لدرجة الجنون، وأوهمها برغبته فى الزواج منها إذا طلقت، لكن زوجها رفض تطليقها، فقتلت زوجها من أجل وعد شاب لم تره أبداً، بل عاشت معه قصة الحب الوهمية عبر «الفيس»، عشرات القصص اليومية التى قد لا ننتبه لها وسط زحام الحياة وتنشر بصفحات الحوادث، وبدأت تتحول لظاهرة خطيرة على مجتمعنا تزداد خطورتها مع توحش التقدم التقنى، وانهيار الفواصل والحدود للمسافات والزمن بفعل أجهزة ووسائط الاتصالات الحديثة.

خيانة حقيقية

يؤكد العديد من المختصين فى علم النفس أن الغزل وإقامة العلاقات عبر الإنترنت يعد خيانة حقيقية، لأن الدردشة والتطرق إلى كلام غرامى وإباحى يؤدى لحدوث تفاعل، وعندما يبحث المرء عن شخص حقيقى خلف الشاشة، فذلك يعنى أنه يخون حبيبه. لأنه يصل بالإنسان إلى مرحلة الإثارة، والاستمرار فى ممارسة هذه الأفعال عبر الإنترنت قد يجعل الشخص مدمناً وقد تتحول مواقع اللقاءات لهواجس فى الحياة الحقيقية وتدمر العلاقات الطبيعية التى تكون مهزوزة من الأصل، لأنه لو كانت العلاقات طبيعية وعلى ما يرام، فلا حاجة لتأدية دور العاشق على الإنترنت واختبار جاذبيته مع آخرين.

عزلة اختيارية

ويقول د. سعيد صادق، أستاذ علم النفس، إن ما يدفع الزوج أو الزوجة للبحث عمن يتحدث معه خارج المنزل وعبر الإنترنت هو الشعور بالملل الزوجى، والملل موجود فى كل المجتمعات، وما حدث أن الرجل استبدل القهوة والنادى التى كان يهرب إليهما من الملل بالشات والدردشة الإلكترونية بحثاً عن التسلية وللبحث عن الإثارة، لكنه للأسف يتطور به الأمر إلى الوقوع فى الخطأ والعلاقات خارج الإطار المشروع، وكذلك الأمر للزوجة او للشباب والفتيات بصفة عامة، والحل هو أن يضع كل إنسان حدوداً لهذه التسلية والدردشة التى تعد تنفيساً وتخفيفاً من أعباء الحياة وتحدث نوعاً من التوازن فى العلاقات المضطربة وضغوط العلاقات الأساسية، فالفضفضة

مطلوبة، ونجد الأشخاص يلجأون إلى طبيب نفسى لمجرد الفضفضة، وعلى من يبحث عن مثل هذه التسلية أن يتحدث فى موضوعات اجتماعية عامة وليست أموراً شخصية والمعايير الأخلاقية فى النهاية هى التى تحكمنا.

ويتابع بقوله: للأسف المرأة تبحث عن الحب عبر الدردشة، والرجل يبحث عن الجنس، ويستغل صائدو العلاقات المحرمة النساء المسافر أزواجها أو التى تعيش خلافات زوجية، وكذلك بنات الناس وبعد أن يستدرجوهن فى كلام وعلاقات محرمة يتم ابتزازهن، لذا يجب التركيز على أن يسعى كل إنسان لحل مشكلته داخل بيته وألا يهرب الزوج أو الزوجة إلى الإنترنت بحثاً عن متنفس له مما يوقعه فى علاقات شائكة تخرب بيته.

فيما يقول د. سعيد عبدالعظيم، أستاذ الطب النفسى بجامعة طب القاهرة، إن كل شىء فى الدنيا سلاح ذو حدين، فوسائط الاتصال الحديثة نقلة جيدة وتواصل، ولكن لها مردود سلبى، فهناك أشخاص يقبعون خلف شاشات الكمبيوتر وينخرطون فى الدردشة ساعات طويلة جداً، وتنحرف مسارات الدردشة إلى كلام خاص ثم إلى علاقات محرمة، وأذكر أن سيدة جاءتنى العيادة تطلب منى علاجها من خيانتها المتكررة لزوجها عبر الإنترنت، الغريب أنها كانت تمتلك من الحجج ما تبرر به خيانتها، وللأسف فإن هناك رجالاً يصطادون هؤلاء السيدات، ويصل الأمر إلى الإدمان والانخراط فى العلاقات المحرمة، فيترك الرجل أو السيدة من هذا النوع كل مشاغل الحياة، ولا ينشغل إلا بالتواصل مع الطرف الآخر عبر الشات، وبدلاً من أن يكون التواصل الإنسانى نعمة يتحول إلى نقمة.

ويؤكد «د. سعيد» ضرورة البحث عن اسباب هروب الاشخاص الى العالم الافتراضى عبر الإنترنت، والعمل على حل المشاكل الزوجية بالحوار وتجديد الحياة للتخلص من الملل، فالانخراط فى العلاقات عبر الإنترنت هو نوع من المرض النفسى، ويؤدى لمزيد من الأمراض النفسية، قد تنتهى إلى خراب البيوت وتدمير الحياة الخاصة، بجانب حدوث صدمات نفسية اذا ما اكتشف احدهم ان الشخص الذى يحادثه غير الصورة التى رسمها فى خياله، كما أن الانخراط ساعات طويلة فى هذه النوعية من الدردشة والعلاقات يؤدى إلى اضطرابات شخصية وإلى الهروب من حل المشاكل بصورة واقعية.

رأى الدين

من جانبه، يحذر الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر السابق، من خطورة تلك العلاقات المحرمة، مؤكداً أن الدين لا يعترض على التقدم العلمى والتقنيات، فكل ما يأتى به العلم هو فى مصلحة البشر ويصنع الخير للناس، ولكن أن يكون أداة فساد وخراب وينشئ علاقات غير سوية فى المجتمع فهذا مرفوض إسلامياً ومرفوض من قبل القيم والأخلاق، خاصة أن العلاقات عبر الإنترنت وصلت إلى خراب البيوت، بإقامة علاقات جنسية، وعندما يكتشف الزوج أو الزوجة ذلك يقع خراب البيت ويشرد الأولاد، لذلك لابد من تقنين هذه الأشياء، وأن تستخدم فى الأغراض الطيبة التى تخدم المجتمع، فإذا كان ديننا يحث على التعارف، فمعنى التعارف هنا هو التعاون والتكامل، وعدم وجود الخصام أو القطيعة، ولا يعنى أن تتعرف السيدة على زوج الاخرى او الرجل على زوجة آخر، فالتعارف يعنى التكامل وليس الانحراف.

ويتابع الشيخ محمود عاشور: أن المجتمع يحتاج بالفعل الآن إلى إعادة صياغة الأخلاق التى انهارت، ويحتاج إلى دراسة واعية فاحصة من علماء النفس والاجتماع، لقد كان المجتمع المصرى مجتمعاً نموذجياً، ويجب إعادة الأخلاق، والأساس فى هذا هو الأسرة، فحين تخلت الأسرة عن دورها، انحل المجتمع وفسد، ويطالب كل أب وأم باختراق الغرف المغلقة، وعدم السماح للأبناء بالجلوس وراء شاشات الكمبيوتر أوقاتاً طويلة منفردين وألا تترك الزوجة زوجها أمام الكمبيوتر أو غارقاً فى هاتفه بمفرده، وكذلك الزوج، يجب أن يعود التواصل بين أفراد العائلة بعيداً عن البحث عن علاقات مشبوهة وغريبة خارج الأسرة، يجب أن يستعيد المجتمع وعيه ويستعيد القدوة، يجب حدوث وقفة دينية وأخلاقية نعيد فيها تقييم حياتنا لنعود إلى سيرتنا الأولى، فى الاجمال يجب ان تستعيد الاسرة دورها وكذلك المدرسة والمدرس، وأيضاً علماء الدين والإعلام، وألا يتخلى أى منهم عن دوره.

ويحكى الشيخ محمود عاشور معاصرته لقصة بطلتها زوجة، مارست الخيانة الإلكترونية مع شاب، واكتشف الزوج الحقيقة المؤلمة لذا كان لا مفر من الطلاق.