رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

علاقة هيكل بالرؤساء.. ما بين الحليف والعدو

بوابة الوفد الإلكترونية

تربّع الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، على عرش الصحافة في مصر والعالم العربي، ما دفع الرؤساء على مر العصور إلى التقرب منه، للاستفادة من خبراته في الخطابة، فضلا عن محاولة كسب وده، ليجمل صورتهم أمام الشعب.

وبين الحليف والصديق، اتسمت علاقة هيكل بالرؤساء، فكان من أشد المقربين إلى جمال عبد الناصر، ثم بلغ ذروة العداوة مع محمد أنور السادات، فيما بدأ علاقته مع محمد حسني مبارك بالود إلا أنها سرعان ما تحولت إلى الهجوم خاصة بعد ظهور مخطط التوريث، ليقف جوار شباب ثورة يناير، ثم يظهر علاقة قصيرة بمحمد مرسى.

الكثير من الانتقادات وجهت لهيكل بسبب تقربه من الرؤساء، إلا أنه وضع لنفسه قاعدة ألا يرد على الاتهامات والافتراءات التى توجه إليه، وقال: "إما أن تضيِّع عمرك فى الدفاع عن نفسك، وإما أن تغمض عينيك وأذنيك عما يفعله الآخرون ضدك.. وتتفرغ لعملك.. وكانت نتيجة هذه الفلسفة آلاف المقالات وعشرات الكتب واسم له بريق فى العالم".

 

محمد نجيب.. خصم هيكل

علاقة هيكل بمحمد نجيب لم تكن جيدة من البداية، بسبب ما ردده هيكل سنة 1953 حول كون نجيب لا يصلح للاستمرار في رئاسة مصر، لعدم تطابق صفات الترشح عليه، خاصة فيما يتعلق بجنسية الأم التي قال هيكل إنها كانت سودانية.

وارجع الكاتب الصحفي محمد ثروت، مؤلف كتاب "الأوراق السرية لمحمد نجيب"، سبب ذلك إلى أن هيكل صاحب مقولة الجنسية السودانية لوالدة نجيب بدعوى أن الإنجليز كانوا يبحثون عن رجل تجري في عروقه دماء سودانية أو تركية، لكي يضعوه على رأس السلطة في مصر، بدلًا من الضباط الشبان أعضاء مجلس قيادة الثورة.

 

جمال عبد الناصر.. وصداقته بهيكل

اتسمت علاقة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مع هيكل بالصداقة المقربة، حتى وصفه الكاتب الراحل أنيس منصور بأنه كان مفكّرعبدالناصر، وصاغ الفكر السياسي للزعيم في هذه الفترة.

وفى مايو 1953 ارتج مبنى أخبار اليوم، لأن جمال عبد الناصر جاء إلى الدار واتجه إلى مكتب هيكل وهو رئيس تحرير آخر ساعة.. وبعد وقت طويل دار فيه حوار منفرد بينهما رفع هيكل سماعة التليفون وطلب على أمين فى مكتبه وقال له - عندى مفاجأة لك.. تفتكر من عندى ويريد أن يراك؟

وأجاب على أمين:

إن قلت إنه عبد الناصر فأنا أعلم أنه عندك.

قال هيكل

- إذن فتعال.. فهو يريد أن يراك

وكان حضور عبد الناصر إلى هيكل فى مكتبه حدثاً.. فهذه أول مرة يذهب فيها الحاكم إلى الصحفى، ولا يقف الصحفى على باب الحاكم.. ولم يكن ذلك سهلاً على جيله من الصحفيين الذين كانوا يرون أنهم أحق منه بهذه المكانة.. وهذه طبيعة البشر.

أراد أحد رؤساء التحرير أن ينافس هيكل ويثبت لعبد الناصر أنه أقدر من هيكل فى تدعيم مكانته فى نفوس الناس، فكتب مقالاً- فى أكتوبر- 1964 قال فيه: إن عبد الناصر خسارة فى الشعب المصرى، وإنه كان يجب أن يكون زعيماً لشعب متحضر مثل الشعب الإنجليزى أو الشعب الأمريكى لكى يثمر فيه جهد عبد الناصر.. وأغضب المقال عبد الناصر؛ لأنه رأى فيه مبالغة فى النفاق تسىء إليه وإلى الشعب المصرى.

وعندما أصدر عبد الناصر قراراً بتعيين هيكل وزيراً للإرشاد مع استمرار بقائه رئيسا لتحرير الأهرام كانت هذه سابقة لم تحدث فى أى بلد فى أى وقت.. وزير وصحفى فى نفس الوقت.. ومع أن وزارة الإرشاد قدمت إليه مرتب الوزير مع مذكرة تقول إن قرار تعيينه تضمن الجمع بين المنصبين.

وهذا يعطيه الحق فى الجمع بين مرتب الوزير ومرتبه من الأهرام رفض استلام مرتب الوزير وظل كذلك إلى أن استقال من الوزارة عقب وفاة عبد الناصر.

 وكان قرار التعيين مفاجأة لهيكل لأنه ظل يرفض عروض عبد الناصر المتكررة لمنصب وزير الإرشاد، وقيل إن جميع الوزراء تسبق أسماؤهم كلمة السيد فلان فى القرار الرسمى لتشكيل الوزارة، لكن القرار حين عرض عبد الناصر لتوقيعه شطب كلمة (السيد) ووضع بخطه كلمة (الأستاذ) وكانت هذه أول مرة وآخر مرة رغم تعيين أعداد من (الأساتذة) وزراء قبل ذلك وبعده. ومازالت النسخة الأصلية للقرار عليها الشطب وخط عبد الناصر.

 

السادات.. ونقمته على هيكل

وصلت العلاقة بين محمد حسنين هيكل وأنور السادات إلى مفترق طرق، غداة انتصار حرب أكتوبر 1973، عندما قرر الرئيس محو ميراث سلفه والعبث بالهوية المصرية ملقياً بأوراق اللعبة في جعبة الأميركان، وكان اقترابه من ثعلب السياسة الأميركية هنري كيسنجر مؤشراً على مقدار ابتعاده عن هيكل، الذي أصيب بصدمة من انصياع السادات لشروط الأميركان وإسرائيل، لتنتهي العلاقة بين الرئيس والجورنالجي بافتراق السّبل، وكان المشهد الختامي أكثر دلالة من الكلمات، هيكل في المعتقل والسادات قتيل فوق المنصة.

لم يكن السادات يحب علي ومصطفى أمين،

وكان وجودهما في تلك الفترة يبدو كأنه ضرورة سياسية أملتها ظروف مرحلة جديدة يتجه إليها أنور السادات، وهذا صحيح، ولكن لماذا هذه النزعة الانتقامية تجاه من كان إلى وقت قريب أقرب الناس إليه.

أراد السادات أن يجرح هيكل نفسياً، ربما رداً على جروح نفسية كثيرة عاناها من هيكل، سواء في ظل عبدالناصر، أو حتى عندما أصبح رئيساً للجمهورية، أراد أن يخفي عنه من يخلفه، وكان أي شخص سيكون بمنزلة مفاجأة لهيكل، ولكن علي أمين لم يكن مجرد "مفاجأة"، بل كان اختياره مقصوداً لا ليكون مفاجأة، بل ليكون جرحاً في النفس عميقاً وجائرا، كان تعبيراً عن كره عميق تجذر داخل السادات تجاه هيكل، كرهٌ يتحدث عنه أحمد بهاء الدين الذي خلف علي أمين في رئاسة تحرير الأهرام والذى أكد: "من أول مقابلة مع الرئيس السادات، إلى يوم تركت "الأهرام" كنت أشعر أن الرئيس يكره هيكل أكثر مما تصورت أول الأمر"، ثم يتابع: "وبدأت أشعر أن نقمة السادات على هيكل قد تعدت شخص هيكل إلى جريدة الأهرام ذاتها".

 

مبارك من حليف إلى عدو

أفرج الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عن هيكل، فور توليه الرئاسة، وتحدث إليه بشكل خاص، لعلمه بعمق علاقته بالرؤساء السابقين، وأعلن إعجابه به، ومنحه رخصة مفتوحة للاتصال به فى أى وقت يشاء، وعند سفره للعلاج في ألمانيا عرض عليه العلاج على نفقة الدولة إلا أنه رفض.

بدأت كتابات هيكل تزعج نظام مبارك، خاصة بعد أن أعلن في محاضرة ألقاها هيكل فى الجامعة الأمريكية في عام 2002، أن السلطة شاخت فى مواقعها، وهناك مخطط واضح لتوريث الحكم، ومهما كانت الصورة حلوة، قائلا: "لابد أن نقول كفاية".

ولم يكن ذلك الانتقاد الوحيد الذي وجه إلى النظام، وإنما ذكر أن مصر حصلت على 100 مليار دولار في أعقاب حرب الخليج، ما بين مساعدات مباشرة أو إعفاء من ديون كانت مستحقة على القاهرة، ولكن «جماعات المصالح تحولت إلى سرب جراد أتى عليها".

مرسي.. وود لم يكتمل

عقب فوز الدكتور محمد مرسي، بمنصب رئاسة الجمهورية، كأول رئيس مدني للبلاد، وصفه هيكل فى حواره مع صحيفة "صنداي تايمز البريطانية" بأنه رجل طيب جدا على المستوى الشخصي، إلا أنه غير متيقن بمدى معرفته بالعالم العربي، والسياسة المصرية.

واعتقد هيكل أن النجاح لن يكون حليفًا للإخوان، ومع ذلك يؤمن بضرورة منح مرسي والحركة الإسلامية التي يمثلها الفرصة، قائلا "لقد ظلوا في مسرح الأحداث ردحا طويلا من الزمن، وهم يشكلون تيارا يظن البعض أن فيه الخلاص".

وذكرت مصادر مقربة من هيكل أنه زار مرسي في مزرعته ببرقاش مع الدكتور سعد الكتاتني القيادي الإخواني ورئيس مجلس الشعب المنحل، واستمر اللقاء الذي عقد قبل الانتخابات الرئاسية لنحو ثلاث ساعات.

 

وسرعان ما تبددت حميمة الودية حين اتهم هيكل الإخوان في حوار مع صحيفة الأهرام، أنهم اغتالوا النقراشي باشا، وحاولوا اغتيال عبد الناصر في الإسكندرية، واستخدموا العنف – أحيانًا- للدفاع عن قضاياهم، واستعمالهم في معركة الخلافة بين الطامعين فيها من القادة العرب، وعلاقة الإخوان بحركة طالبان وتنظيم القاعدة، فسارع أنصار الجماعة إلى الهجوم عليه.