الحرية لقلة الأدب شعار أهل الفن
لم يعد الفن المصري يعبر عن الواقع المصري شارع وحارة وحي ومدينة وريف وقرية وحضر. السينما لم تعد تعبر عن أخلاق المصريين الشهامة والرجولة، ولم تعد تعبر عن المرأة المصرية التي كانت وتظل الأم التي تحافظ علي كيان الأسرة وهي أيضا الابنة والزوجة والأخت التي تحافظ علي نفسها من أي عبث. هذا ما كانت تقدمه السينما المصرية عبر تاريخها الطويل الثري بالأعمال التي توضع جنباً إلي جنب مع أهم الأفلام العالمية. أفلامنا عبر تاريخها الطويل عالجت كافة المشاكل وقدمت كل النماذج السلبية في المجتمع بمن فيها المرأة اللعوب، لكنها لم تكن في يوم من الأيام سينما خادشة للحياء تروج للجنس والبلطجة والعرُي والإسفاف والانحطاط وقل ما تشاء عن هذا التدني، لأن السينما في السنوات الأخيرة لم تراع التقاليد والعادات ولم تراع حرمة المنزل المصري وبالتالي إذا أرادت الأسرة المصرية ان تشاهد فيلماً محترماً فعليها ان تعود إلي أفلام الأبيض والأسود أو أفلام حقبة الثمانينات، حيث السينما النظيفة التي لا تقدم الشذوذ والجنس علي أنها قضايا محورية في حياة الإنسان المصري كما شاهدنا خلال العشر سنوات الأخيرة ومازلنا حتي الآن نقدم هذه النوعية.
حتي أصبح دخول السينما يقتصر علي شريحة معينة من الجماهير وبالتالي هجرت الأسرة المصرية الطريق إلي السينما. وفقدت السينما المصرية احترامها عند المشاهد المصري والعربي. والغريب ان تحدث هذه الأزمة للسينما عندنا في الوقت الذي بدأت دول عربية مثل الإمارات والسعودية والكويت إلي جانب لبنان والمغرب وتونس تدخل إلي هذا العالم، مع الوضع في الاعتبار انهم يقدمون سينما عالية الجودة في كل شيء الصورة والقضايا المطروحة والتقنية كل شيء فيها جيد.
ولأن الدراما أصبحت الأكثر انتشارا من حيث الكم وهامش الربح فقرر صناع الدراما الاستعانة بمفردات السينما، فدخل لأول مرة الهلس لتلك الصناعة وأصبحنا نشاهد الجنس والشذوذ وتعاطي المخدرات في المسلسلات، ولم يعد هناك أدني مسئولية لدي صناع الدراما، لم يعد لديهم اهتمام بأن الدراما ليست السينما.. لان الأخيرة تخرج من المنزل لتذهب إليها بمحض إرادتك.. أما الدراما فهي تدخل منزلك دون استئذان. وبالتالي أصبحنا نشاهد ونسمع عبارات لا تليق بالإنسان المصري وأصبحنا نري موضوعات لا يمكن لإنسان طبيعي ان يسمح بدخولها لمنزله، وأمام هذا الانحلال الدرامي زحفت علينا مسلسلات من تركيا وسوريا ولبنان واستطاعت ان تتجاوز المسلسل المصري في معدلات المشاهدة ليس علي مستوي العالم العربي بل داخل مصر أيضاً. خاصة ان دولة مثل سوريا رغم الحرب التي تعاني منها منذ سنوات لكنها استطاعت ان تتربع علي عرش المسلسلات التاريخية مثل «عمر بن الخطاب» و«الحسن والحسين» و«الخوارج» و«الظاهر بيبرس» و«شجرة الدر» و«آخر الفرسان» و«خالد بن الوليد» «والقعقاع» و«سقوط الخلافة» «وباب المراد». كما أنها قدمت أعمالاً اجتماعية علي غرار «ليالي الحلمية» المصري مثل «باب الحارة» في خمسة أجزاء و«أيام شامية» وغيرها كل هذه الأعمال تفوقت لانهم لم يبخلوا علي الإنتاج ولم يلجأوا للمشهيات المصرية «الجنس والمخدرات» بل إنهم قدموا ملاحم تاريخية تبهرك ديكور وملابس ومعارك، ثراء في كل شيء. في الوقت الذي قدمنا فيه نحن أعمالاً سيئة المستوي والسمعة.
وكما صدَّرت السينما المصرية للدراما المصرية كل وسائل الانحطاط والانهيار لم تنج الأغنية المصرية من هذا الانهيار
لذلك نجدهم يدافعون بشراسة عن أمور غير منطقية ومشاهد وأغانٍ لا يمكن بأي حال توصف بإبداع.. لاننا في دولة تحكمها قيم دينية وعادات وتقاليد لا يجب هدمها وإلا سوف تعم الفوضي أكثر وأكثر.. الآن المثل الأعلي لبعض الشباب عبده موتة وأوكا وأورتيجا. وبالتالي دخلت الأسرة المصرية مرحلة الخطر لان الابن والابنة أصبح النموذج أمامهما في السينما والدراما والأغنية يساهم في نشر الانحطاط والتخلف. خلال السنوات الأخيرة لم نشاهد مبدعاً يدافع عن قضية حقيقية تهم المواطن.. لكن كل دفاعه عن فيلم يحمل مشاهد ساخنة وشذوذاً. ولو عدنا إلي الأعمال التي اصطدمت بالرقابة تجدها من هذه النوعية التي تسيء للمجتمع المصري والوطن والشخصية المصرية.