رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التصالح فى مخالفات البناء.. الباب الملكى للفساد

بوابة الوفد الإلكترونية

التصالح فى مخالفات البناء، هو الباب الملكى للفساد، وأسهل الطرق للثراء السريع.. فآلاف المبانى المخالفة للارتفاعات، وقواعد التنظيم، فضلا عن مخالفات جسيمة ترتكب بلا رقيب أو حسيب، وقرارات إزالة لا تنفذ، وربما فى طريقها للتسوية مع الأجهزة التنفيذية بالدولة.. هذا هو حال مافيا الاستثمار العقارى «غير المرخص» فى مصر، الذى وصلت قيمته  لأكثر من 350 مليار جنيه، بسبب غياب الأجهزة الرقابية « العمياء» التى أكتفت بمشهد المتفرج، مما أدى لتفشى الفساد فى المحليات، وانعدام ضمائر ملاك هذه الأبنية، وبطء إجراءات تنفيذ القانون فى مواجهة العشوائيات الجديدة.. وكل ذلك يتم بحماية قوانين الإسكان العتيقة وعلم المسئولين!

ليبقى السؤال : أين دور الأجهزة الرقابية والمحليات فى الحد من تفشى الفساد وعشوائيات البناء المخالف ؟

إننا أمام مشكلة حقيقية تتجسد فى كيفية مواجهة  الفساد المستشرى فى قطاع الإسكان، مما يستلزم وضع قرارات حازمة ورادعة، لمنع التصالح فى المبانى المخالفة، وإحكام الرقابة على ضعاف النفوس من الملاك والمقاولين، الذين يرغبون فى تحقيق المكاسب السريعة على حساب سلامة أرواح قاطنيها – مع تكاتف  وزارة الإسكان وواضعى السياسات والقوانين العامة الذين يديرون المؤامرات من وراء ستار بهدف ترسيخ دولة لا مجال فيها لمحاسبة عناصر الشر التى تهدد خطط التنمية..

ومازالنا فى انتظار صدور الآليات القانونية الرادعة، لمواجهة فوضى المخالفات السكنية، وبدء عهد جديد يضمن سلامة الثروة العقارية ويوازن بين حقوق الملاك والسكان..

فى أوائل العام الماضى، رفض الرئيس عبد الفتاح السيسى إصدار مشروع القانون بشأن التصالح على بعض مخالفات البناء، المعد من وزارة الإسكان، فى حين خرجت مطالبات مؤخراً تنادى بإعادة مناقشة القانون مرة أخرى..

ولكن عندما نتحدث عن القوانين الخاصة بتنظيم البناء والتشييد، فنجد قانون رقم 119 لسنة 2008.. وعقوبته الحبس مدة من سنة إلى عامين مع وقف التنفيذ، وغرامة ضعفى قيمة المحضر المحرر للبناء المخالف، يضاف إليها نسبة 1% من قيمة الأعمال يومياً، ومن ثم العقوبة الموقعة على أصحاب العقارات المخالفة  «غير رادعة».. لا ترتقى لحجم الجرم الناجم من عشوائيات البناء المخالف، كما أن قانون 106 لسنة 1976، بشأن تراخيص البناء.. لا يزال سارياً حتى الآن، مما يستلزم تغليظ العقوبات على المخالفين.

يوماً بعد يوم، تشير الأرقام والإحصائيات لارتفاع معدلات مخالفات البناء فى مصر، فقد بلغ إجمالى التعديات منذ ثورة 25 يناير 2011 حتى عام 2014 ، إلى 500 ألف مخالفة، وقيمة الإستثمار العقارى غير المرخص 350 مليار جنيه، وفقاً لتصريحات الدكتور حسن علام رئيس جهاز التفتيش الفنى على أعمال البناء.

مخاطر الفوضى

بداية، ترى المهندسة منال السيد، عضو مجلس نقابة المهندسين أنه لابد من النظر فى تعديل القانون رقم «119» لسنة 2008، لكونه فشل فى الحد من مخالفات البناء، كما أن العقوبات لا تنفذ على أرض الواقع، بسبب البيروقراطية الوظيفية، وضعف الدور الرقابى للدولة، وتعقيد الإجراءات الروتينية الأمنية المطلوبة لإزالة المخالفات فى الأوقات المناسبة، بل التغاضى عن المخالفات لشهور طويلة تمتد لعام كامل، أو أكثر، والنتيجة تضخم المشكلة لتصبح مثل كرة الثلج التى تتضخم على النحو الذى يسفر عن استحالة القضاء على أوجه القصور.

وأشارت إلى أن التصالح مع مخالفات البناء، يزيد من تفاقم مشكلة عشوائيات البناء المخالف وتداعياتها، مما يستلزم وضع خطة للإصلاح من 6 محاور.. أولاً ضرورة وجود ضوابط تشريعية حازمة تجرم البناء المخالف سواء كان على أرض غير مخصصة للبناء أو سكنية، وثانياً تشكيل لجنة هندسية مختصة تضم أساتذة من كليات الهندسة لمعاينة العقارات المخالفة ومعاينتها على أرض الواقع، على ان تتوافر الحيادية والشفافية فى عملها، وثالثاً زيادة دوريات التفتيش لرصد وتسجيل المخالفات أولاً بأول، واتخاذ  قرارات إزالة سريعة وفورية للمبنى غير الخاضع للمواصفات القياسية، ورابعاً ضمان توافر عامل الأمن الإنشائى حفاظاً على حياة المواطنين، وخامساً وضع عقوبات صارمة على المخالفين، بحيث لا يسمح بحدوث أى تلاعب على القانون أو تفضيل دفع التعويض للإبقاء على البناء الغير آمن، ومنع توصيل المرافق للمبانى المخالفة، وسادساً تحصيل حق الدولة فى تحصيل الغرامات فى حالة ان يكون التقييم مبنياً على قواعد أساسية إنشائية، حتى يندمج فى العمران القائم وتطوير شبكات الصرف الصحى والمياه والطرق التى ستستفيد منها هذه العقارات، دون أن تتحمل الدولة أعباء إضافية فى توصيلها.

مكافحة الفساد

أما الدكتور محمد مؤنس، أستاذ العمارة بكلية الهندسة جامعة حلوان، فيؤكد:

عدم جدوى المصالحة مع المبانى المخالفة، لكونها تتسبب فى استمرار التعديات على الممتلكات العامة، وانتشار العشوائيات، وارتفاع  معدل الضغط على المرافق والخدمات. مشيراً إلى أن  تسيب الأجهزة التنفيذية، وقصور الأجهزة الرقابية وآلياتها، وغياب دور المسئولين على مراقبة أملاك الدولة سمح بالتعديات عليها.

وأضاف: هناك العديد من الحيل القانونية المعروفة التى تلجأ إليها مافيا بزنس العقارات المخالفة، ويساعدها فى ذلك قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008، الذى تحول إلى «حبر على ورق»، خاصة وأن بنوده لم تطبق بفاعلية على أرض الواقع، كما يملؤها العديد من الثغرات لهذا القانون، ومن ثم لابد من تعديله.

ضوابط ملزمة

وحول حالة  الوهن التى تعترى الأجهزة الرقابية  وأسبابها قال، أحمد عودة، المحامى بالنقض ومساعد رئيس حزب الوفد: وأسفاه على أجهزة الرقابة فى المحليات التى « نامت « نومة أهل الكهف، منذ قيام ثورة يناير، وباتت أراضى الدولة نهباً مستباحاً لأطماع الراغبين فى بناء الأبراج.. فضاعت علينا أكثر من 50% من الأراضى الصالحة للزراعة، وأقيمت بدل الزراعات والنباتات والأشجار، أبراج تشق عنان السماء، وأغمضت الجهات الإدارية والرقابية عينيها مما  اثار  الكثير من الشكوك حول المقابل المعلوم جراء الصمت على الجريمة  التى تتكرر يومياً واليوم بعد الافاقة من تلك الغمة، وعودة الأمن إلا قليلاً إلى الشارع المصرى، وقفنا ننعى جرائم سرقة الاراضى الزراعية وتحويلها إلى أبراج مخالفة، ولا تزال المبانى شاهدة على ما دفع من رشاوى ليلاً ونهاراً.

ويبدى عودة أسفه  لأن البعض ينادى بالتصالح فى جرائم المبانى المخالفة، مضيفاً، ومع هذا إذا سلمنا بالأمر الواقع يجب أن تكون ضمن سلطة المراجعة والتفتيش للتأكد من سلامة المبانى السكنية وصلاحيتها، وإذا ما وجدت صالحة فلا مانع من وجودها، مع تنفيذ آليات صارمة تسلط على أعناق المخالفين تصل عقوبتها إلى الحبس، أو الغرامة المالية، أو بإحدى العقوبتين، للحد من تفشى الفساد وعشوائيات البناء وإختفائها إلى الأبد.

إجراءات صارمة

ولأن المشكلة ذات أبعاد مختلفة وتتسبب فى مخاطر جسيمة للمجتمع يتشدد طرف من السيايين  فى التعامل معها ومنهم الذى يري: أن التصالح مرفوض، لأنه لا يجوز للدولة التى تسببت فى فساد محلياتها أن تزيل العقارات المخالفة، التى استقر فيها الناس وأمنوا على حياتهم بداخلها، لأن الجريمة فى الأساس وقعت من بعض موظفى الدولة، الذين صمتوا على بناء العقارات المخالفة، بعدما تقاضوا الرشاوى سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة، فى مقابل التغاضى عن هذا البناء الذى أقيم أمام أعينهم، ومن ثم يجب محاكمة مرتكبى هذه الجريمة فوراً لمخالفتهم للقانون.

وأضاف : لابد من محاسبة المسئولين بالأحياء عن الأبنية التى أرتفعت فى غفلة من القانون، إلى جانب معاقبة ملاك هذه العقارات المخالفة وهدمها فوراً، ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه مخالفة القانون، بالإضافة إلى توفير مساكن بديلة لسكان هذه الأبنية ممن وقع عليهم أضرار جسيمة فيما يتصل بمبدأ العدالة الاجتماعية.