بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

‮"‬الوفد‮" ‬مع مصابي‮ ‬حادث الكنيسة

كثيرون‮ ‬يحمون وطننا من نيران الارهاب‮.. ‬كثيرون‮ ‬يضحون بحياتهم وأرواحهم ودمائهم في‮ ‬سبيل أمن الوطن‮.. ‬وضباط مصر وجنودها هم حراس هذا البلد من كل خائن‮ ‬يحاول النيل من وحدتها الوطنية‮.‬

‮»‬الوفد‮« ‬التقت بـ7‮ ‬من هؤلاء الابطال واستمعت الي‮ ‬قصصهم الحزينة من علي‮ ‬أسرة الشرف بمستشفي‮ ‬الشرطة بالاسكندرية بعد أن أصيبوا في‮ ‬حادث الارهاب الأسود الذي‮ ‬راح ضحيته‮ ‬22‮ ‬قتيلاً‮ ‬و96‮ ‬مصاباً‮ ‬واصبحت بشاعته فوق قدرة القلب علي‮ ‬الاحتمال‮.. ‬يقول الرائد هيثم أحمد‮: ‬قلت لزوجتي‮ ‬بعد افاقتي‮ ‬من الغيبوبة‮ »‬طمنيني‮ ‬علي‮ ‬الكنيسة والأهالي‮«.‬

وتقول طفلته ماجي‮ »‬5‮ ‬سنوات‮«: ‬يارب‮ ‬يشفيك‮ ‬يا بابا وتقوم وتمشي‮ ‬علشان تمسك الحرامية وتحميني‮ ‬أنا واصحابي‮ ‬كريستينا وايمان ومريم وماري‮ ‬وأحمد وماركو زملائي‮ ‬في‮ ‬الحضانة ضد أي‮ ‬عدو‮.‬

كان البطل‮ »‬هيثم‮« ‬هدفه الأول خدمة الناس والوطن،‮ ‬فهو‮ ‬يمتاز بالصمود،‮ ‬وجميع من‮ ‬يعرفه‮ ‬يعلم تماماً‮ ‬انه هو القوة والشموخ والصمود،‮ ‬فهو دائما‮ ‬يضحي‮ ‬بنفسه من اجل فداء الآخرين،‮ ‬وقال انه كان في‮ ‬يوم الحادث في‮ ‬وردية علي‮ ‬الكنيسة واثناء تواجده في‮ ‬الاشراف علي‮ ‬الكنيسة وتقديم التحية للإخوة الاقباط بمناسبة رأس السنة الميلادية فوجئت بصوت انفجار،‮ ‬وعندما توجهت مسرعاً‮ ‬لمكان الانفجار لحماية الضحايا أصبت بالشظايا التي‮ ‬دخلت جسدي‮ ‬وسمعت الانفجار في‮ ‬أذني‮ ‬مما ادي‮ ‬الي‮ ‬اغمائي‮ ‬وفقداني‮ ‬الوعي‮ ‬وتم نقلي‮ ‬علي‮ ‬الفور للمستشفي‮ ‬بالعناية المركزة،‮ ‬وبعد ان تمت إفاقتي‮ ‬سألت زوجتي‮ »‬طمنيني‮ ‬علي‮ ‬الكنيسة والأهالي‮«‬،‮ ‬وعندما ابلغتني‮ ‬زوجتي‮ ‬بما حدث للضحايا جاءت لي‮ ‬صدمة نفسية بسبب الإرهاب الذي‮ ‬تسبب في‮ ‬ضياع الكثير من الابرياء ضحايا الارهاب الذي‮ ‬أراد أن‮ ‬يفرق شمل البلد ويشعل النار الطائفية بها‮.‬

علي‮ ‬سرير ابنها البطل الملازم بالشرطة قالت والدة مليس عبد الرحمن وهي‮ ‬تبكي‮: ‬منذ أن كان صغيراً‮ ‬تمنيت ان‮ ‬يكون ضابط شرطة واشترينا له انا ووالده بدلة الشرطة وكان‮ ‬يرتديها ويقول لنا انا نفسي‮ ‬اطلع ضابط علشان احمي‮ ‬البلد من اللصوص والارهابيين وألقي‮ ‬القبض عليهم وأدخلهم السجن،‮ ‬الي‮ ‬ان نجح في‮ ‬الثانوية العامة والتحق بكلية الشرطة وكانت فرحتي‮ ‬لا تقدر‮ ‬يوم تخرجه عام‮ ‬2009،‮ ‬وكان من اوائل دفعته وعمل بقسم المنتزه،‮ ‬وكان دائما‮ ‬يخرج في‮ ‬خدمة علي‮ ‬الكنائس،‮ ‬ولم‮ ‬يحدث ذلك من قبل،‮ ‬الي‮ ‬ان جاء اليوم المشئوم الذي‮ ‬كنت اشعر فيه بشيء ما‮ ‬يحدث وقلبي‮ ‬مقبوض الي‮ ‬ان سمعت خبر انفجار الكنيسة‮ ‬يوم الحادث‮. ‬صرخت عندما علمت لأن‮ »‬مليس‮« ‬كان قبلها‮ ‬يحدثني‮ ‬علي‮ ‬المحمول ليطمئن علي،‮ ‬وعلمت منه انه في‮ ‬خدمة علي‮ ‬الكنيسة،‮ ‬وعلي‮ ‬الفور قام شقيقه بالاتصال به ليفاجأ بأن التليفون كان‮ ‬يرن ولا احد‮ ‬يرد،‮ ‬جاء لي‮ ‬تليفون‮ ‬يقول لي‮ ‬ان نجلي‮ ‬في‮ ‬مستشفي‮ ‬شرق المدينة بالعناية المركزة‮. ‬تم اجراء له الاسعافات الاولية ثم تم نقله لمستشفي‮ ‬الشرطة وهو‮ ‬يعاني‮ ‬الآن من فقدان بالوعي‮ ‬وإصابة في‮ ‬الأذن مما ادي‮ ‬الي‮ ‬فقده السمع،‮ ‬وهذا كله من اجل وطنه وحمايته من الارهاب الاسود‮.‬

طوبة طائشة

أما العقيد خالد شريف قائد قطاع المكس فهو اب لثلاثة ابناء اولهم ملازم أول والثانية طالبة بكلية الاداب وآخر العنقود طالبة بالصف الثالث الابتدائي‮ ‬وهو اب‮ ‬يتمتع بالحنان والعطف،‮ ‬ولم‮ ‬يستطع ان‮ ‬يري‮ ‬انساناً‮ ‬يحتاج الي‮ ‬مساعدة ويتركه بمفرده وعلي‮ ‬استعداد ان‮ ‬يدفع عمره في‮ ‬سبيل الوطن‮.‬

وقال‮: ‬توجهت الي‮ ‬مكان الحادث فور وقوعه،‮ ‬واسرعت لإنقاذ المواطنين،‮ ‬وقمت بإلقاء نفسي‮ ‬وسط النيران امام الكنيسة واخذت في‮ ‬نقل المصابين مع القوة المرافقة الي‮ ‬المستشفي،‮ ‬وأثناء نقلي‮ ‬طفلة لانقاذها فوجئت ببعض الشباب في‮ ‬حالة‮ ‬غضب‮ ‬يلقون الطوب والحجارة مما ادي‮ ‬الي‮ ‬اصابتي،‮ ‬ثم فقدت الوعي‮ ‬وتم نقلي‮ ‬للمستشفي‮.‬

وأكد العقيد خالد انه لم‮ ‬يندم لحظة علي‮ ‬توجهه لمكان الحادث وقال انه كان‮ ‬يقدر مشاعر الناس وان ما فعله هو واجبه الوطني،‮ ‬ومهما حدث لي‮ ‬فإني‮ ‬احب عملي‮ ‬بالشرطة،‮ ‬لدرجة انني‮ ‬عندما رزقت بطفل صممت ان أدخله كلية الشرطة لأكمل مسيرة العطاء التي‮ ‬بدأت بها ويضيف أنه لا‮ ‬يوجد في‮ ‬تفكيره سوي‮ ‬العدالة وحماية الوطن من الارهاب‮.‬

العريس رجب

ويقول رجب عبد المنعم‮ »‬29‮ ‬سنة‮« ‬عريف بقسم المنتره أول‮: ‬فور ان أنهيت شهر العسل حضرت الي‮ ‬العمل،‮ ‬ولم اعلم ان القدر‮ ‬يخفي‮ ‬لي‮ ‬هذا الحادث الفظيع الذي‮ ‬كاد‮ ‬يودي‮ ‬بحياتي،‮ ‬وكانت اول كلمة بعد ان استيقظت من البنج‮ »‬الحمد لله‮« ‬ان اعطاني‮ ‬العمر مرة ثانية لكي‮ ‬اكمل رسالتي‮ ‬مع امي‮ ‬وشقيقاتي‮ ‬البنات طوق في‮ ‬رقبتي‮ ‬فأنا الذي‮ ‬اتحمل مسئولية زوجتي‮ ‬ووالدتي‮ ‬وشقيقاتي‮ ‬البنات وربنا انقذ حياتي‮ ‬من اجل اسرتي‮ ‬التي‮ ‬كان ستصاب بالتدمير لو حدث لي‮ ‬شيء‮.‬

ويفيد أنه في‮ ‬يوم الحادث كنت اقف انا وزملائي‮ ‬في‮ ‬حراسة الكنيسة وقام الضباط بتوزيعنا وكل واحد منا كان‮ ‬يتجول حول الكنيسة لتأمينها وكان الجو هادئاً،‮ ‬وبعد ذلك سمعنا صوت الانفجار،‮ ‬ولم اشعر بعد ذلك بنفسي‮ ‬وانا في‮ ‬المستشفي‮ ‬مصاب بالرأس وصدمة في‮ ‬الأذن‮.‬

ويتعجب عماد حمدي‮ »‬29‮ ‬سنة‮« ‬عريف سري‮ ‬بقسم المنتزه لأن فرحته لم تكتمل بإنجاب طفله الأول الذي‮ ‬قدم الي‮ ‬الدنيا منذ شهرين ويقول‮: ‬اصبت بصدمات في‮ ‬الاذن تؤثر علي‮ ‬السمع واشتباه في‮ ‬الارتجاج والله أعلم سوف استطيع ان اقف مرة ثانية علي‮ ‬قدمي‮ ‬واسمع كلمة‮ »‬بابا‮« ‬التي‮ ‬كنت اتمناها منذ ان تزوجت أم لا ويفيد كنت في‮ ‬يوم الحادث واقفا علي‮ ‬بوابة الكنيسة،‮ ‬وكان الجو هادئاً‮ ‬جداً‮ ‬وبدأ المواطنون بالاحتفال بالعام الجديد وخرجوا من الكنيسة وفجأة سمعنا صوت الانفجار،‮ ‬ولأنني‮ ‬كنت بجوار البوابة فوجئت بالنيران تمسك في‮ ‬السويتر وأحسست بشيء‮ ‬يضربني‮ ‬علي‮ ‬اذني‮ ‬ورأسي،‮ ‬ولم اشعر بعد ذلك‮ ‬غير أنني‮ ‬في‮ ‬المستشفي‮.‬

شفت الموت

ويبكي‮ ‬محمد علي‮ »‬41‮ ‬سنة‮« ‬شرطي‮ ‬بقسم المنتزه ويقول‮: ‬أنا شفت الموت‮ ‬بعيني‮ ‬ولم اصدق حتي‮ ‬هذه اللحظة أنني‮ ‬عدت للحياة مرة ثانية والحادث لم‮ ‬يأخذ‮ ‬غير ثانية ولم أتخيل انه في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬تقف تؤدي‮ ‬عملك وكنا نقوم بحراسة الاطفال ونهنئهم بالعيد وفوجئت بحدوث الانفجار ولكن للاسف لم استطع استكمال انقاذهم لأن الشظايا دخلت جسدي،‮ ‬وتم اصابتي‮ ‬وكدت اقع علي‮ ‬الارض وصورة ابنائي‮ »‬صفاء‮« ‬14‮ ‬سنة و»مروة‮« ‬11‮ ‬سنة و‮»‬يوسف‮« ‬5‮ ‬سنوات أمام عيني‮ ‬ورددت الشهادتين وظننت انني‮ ‬اموت ودخلت في‮ ‬غيبوبة حتي‮ ‬افقت وفتحت عيني‮ ‬ووجدت نفسي‮ ‬في‮ ‬المستشفي‮ ‬وأول شيء سألت عنه هو الطفل‮ »‬ماركو‮« ‬الذي‮ ‬كنت أحاول انقاذه حتي‮ ‬أصبت بشظية في‮ ‬جسدي،‮ ‬وفرحت جداً‮ ‬عندما علمت أن اصابته خفيفة،‮ ‬وكل ما اتمناه الشفاء لجميع المصابين والعون لأسرة المتوفين‮.‬

ويقول نادر أحمد‮ »‬31‮ ‬سنة‮« ‬أمين شرطة‮: ‬كنت علي‮ ‬مشارف الموت،‮ ‬لكن صديقي‮ ‬هو الذي‮ ‬انقذني‮ ‬من الموت،‮ ‬وربنا اراد ان‮ ‬يكتب لي‮ ‬عمراً‮ ‬جديداً‮ ‬من اجل ان اري‮ ‬مولودي‮ ‬الذي‮ ‬انتظره وسوف اسميه‮ »‬ناجي‮« ‬لأن ربنا فعلاً‮ ‬نجاني‮ ‬من الموت لأنني‮ ‬كنت اقف علي‮ ‬البوابة لتأمين المواطنين فور خروجهم من الكنيسة واثناء وقوفنا شاهدنا السيارة‮ »‬الاسكودا‮« ‬التي‮ ‬وقفت امام الكنيسة دقيقتين،‮ ‬وكان فيها شاب ابيض ونحيف ومسحوب الوجه بدون لحية،‮ ‬واعتقدنا انه‮ ‬ينتظر احداً‮ ‬بالكنيسة،‮ ‬لأنه عقب انتهاء الصلاة كانت السيارات تحضر لأخذ المصلين وفجأة سمعنا صوت الانفجار وزلزال في‮ ‬الأرض وحريق ودخان اسود واثناء ذلك كانت سيدة مسنة تخرج من الكنيسة وقمت علي‮ ‬الفور بمحاولة انقاذها هي‮ ‬وزوجها ولكن الشظية التهمت جسدي‮ ‬ووقعت علي‮ ‬الارض وفقدت الوعي‮ ‬الي‮ ‬ان أفقت علي‮ ‬المواطنين‮ ‬يهرولون مسرعين ويقومون بالقفز من فوق اجساد الضحايا فقام صديقي‮ ‬بحملي‮ ‬علي‮ ‬اكتافه للمستشفي‮ ‬واثناء ذلك وجدت نفسي‮ ‬من‮ ‬غير ملابس وعارياً‮ ‬تماماً‮ ‬وبجواري‮ ‬الكثير من الجثث والاشلاء من كثرة المناظر اغمي‮ ‬علي‮ ‬ولم استيقظ الا بعد اجراء عملية جراحية لإخراج الشظية‮.‬