بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

الاحتقان الاجتماعي‮ .. ‬مسئولية النظام‮!‬


ضغوط واحتقان وثورات مكتومة في‮ ‬صدور المواطنين‮ .. ‬لعلها رواسب نفسية تراكمت عبر الثلاثين عاما الماضية،‮ ‬نتيجة الاستحواذ السياسي‮ ‬للحزب الوطني‮ ‬وحكوماته المتعاقبة‮.. والظلم الاجتماعي‮ ‬الذي‮ ‬طال عموم الشعب المصري‮. ‬ودليل هذا الاحتقان‮ ‬،‮ ‬ماشهدته البلاد الفترات الماضية‮ ‬،‮ ‬من اعتصامات واحتجاجات عمالية ومختلف فئات الموظفين للمطالبة بأبسط حقوقهم في‮ ‬الرواتب والعمل‮.‬
وأيضا نتيجة لزيادة معدلات الفقر والمعدمين والانتحار وجرائم القتل والسرقة‮ ‬وكذلك موجات الارتفاع الجنوني‮ ‬لاسعار كافة السلع والخدمات،‮ ‬دون ان تقدم الحكومة أي‮ ‬بديل للغلابة وعنف أسري‮ ‬ومجتمعي،‮ ‬بلغت ردود أفعاله‮ ‬إلي‮ ‬حد المواجهات‮.‬
كذلك ارتفاع معدلات الفساد والرشوة التي‮ ‬أصبحت قاسماً‮ ‬مشتركاً‮ ‬بين كل قطاعات الدولة‮.. ‬فضلا عن السياسات الفاشلة لجميع القطاعات الخدمية مثل الصحة والتعليم والأجهزة المحلية وحكومات متعاقبة سخرت مقدرات البلاد ومواردها لصالح رجال المال والأعمال،‮ ‬وعلي‮ ‬حساب الفقراء ومحدودي‮ ‬الدخل وسكان المقابر والعشوائيات التي‮ ‬تعج بالعاطلين والمهمشين وهذه كلها مناخات وأوضاع تنتهي‮ ‬إلي‮ ‬إفراز أجيال تعتنق التطرف الديني‮ ‬والفكري‮ ‬والسلوكي،‮ ‬ما‮ ‬يهدد أمن وسلامة المجتمع‮ .. ‬لأنها في‮ ‬مجملها،‮ ‬ترسخ حالة من الاحتقان نجحت حكومات الحزب الوطني‮ ‬في‮ ‬توسيع دائرتها،‮ ‬حتي‮ ‬عمت مدن ومحافظات الجمهورية،‮ ‬ما جعل بعض الصحف الأجنبية تصفها بثورة اجتماعية تهدد مصر‮ ‬،‮ ‬خاصة بعد أن استولي‮ ‬الحزب الوطني‮ ‬علي‮ ‬مقاعد مجلس الشعب في‮ ‬الانتخابات البرلمانية الأخيرة‮. ‬
فهل‮ ‬يعي‮ ‬النظام الحاكم الدرس وما‮ ‬يهدد البلاد فعلاً‮ ‬ويبادر لمصالحة اجتماعية علي‮ ‬كل المستويات أم أن الحال سيستمر هكذا لنجد البلاد تدخل في‮ ‬دوامات عنف وإرهاب؟
قطعاً‮ ‬النظام مسئول عما‮ ‬يسود المجتمع المصري‮ ‬من سلبيات وظواهر جديدة عليه،‮ ‬فهو المسئول عما‮ ‬يعانيه المواطن‮ ‬يومياً‮ ‬لتلبية أبسط احتياجاته وضروريات الحياة نتيجة سياسات فاشلة لحكومات جعلت المواطن بشعر بأنه لا وجود لهيبة الدولة بعد تفشي‮ ‬العديد من ظواهر أقلها ان‮ ‬49٪‮ ‬من المصريين‮ ‬يتقبلون الفساد ويمارسونه،‮ ‬جعل مصر في‮ ‬مقدمة الدول التي‮ ‬تنتشر فيها الرشاوي‮ ‬والمحسوبيات‮. ‬وكذلك ارتفاع الاسعار الجنوني‮ ‬والذي‮ ‬بلغ‮. ‬500٪‮ ‬خلال‮ ‬20‮ ‬عاما فقط،‮ ‬كما تشير البيانات والاحصاءات في‮ ‬مقابل‮ ‬200٪‮ ‬نسب الزيادة في‮ ‬الأجور فنجد علي‮ ‬سبيل المثال تراوحت زيادات الأجور،‮ ‬بين‮ ‬20٪‮ ‬و50٪‮ ‬و60٪‮ ‬خلال عام‮ ‬2010‮ ‬بالمقارنة بعام‮ ‬2009‮ ‬في‮ ‬حين ارتفعت الفجوة الغذائية في‮ ‬المحاصيل الاستراتيجية وضياع موارد الدولة في‮ ‬تزايد الطلب علي‮ ‬الغذاء‮ ‬،‮ ‬فوجدنا فجوة القمح تبلغ‮ ‬45٪‮ ‬و71٪‮ ‬في‮ ‬الفول‮ ‬،‮ ‬98٪‮ ‬في‮ ‬العدس و41٪‮ ‬في‮ ‬الذرة الشامية و90٪‮ ‬في‮ ‬الزيوت و70٪‮ ‬في‮ ‬السكر‮. ‬
في‮ ‬نفس الوقت أصبحت أراضي‮ ‬مصر الزراعية مهددة بالبور والفلاح بالضياع وأحدث تقارير الجهاز المركزي‮ ‬للتعبئة العامة والاحصاء لعام‮ ‬2010‮ ‬أكد انخفاض الموارد المائية بحوالي‮ ‬15‭.‬2‮ ‬مليار متر مكعب في‮ ‬عام‮ ‬2017‮ ‬حيث ستنخفض كمية المياه المتوفرة من‮ ‬86‭.‬2‮ ‬مليار متر مكعب إلي‮ ‬71‭.‬4‮ ‬مليار متر مكعب‮. ‬وأكد التقرير معاناة‮ ‬10‮ ‬مناطق من نقص مياه الري‮ ‬ومنها محافظتا الإسكندرية والدقهلية‮ . ‬حتي‮ ‬العمال لم‮ ‬يسلموا من بطش حكومات الحزب الوطني‮ ‬وسياساته الفاشلة والتي‮ ‬تؤكد الاحصائيات أن النظام الحالي‮ ‬مع تلك السياسات منحازة لملاك الثروة ضد العاملين بأجر،‮ ‬حيث وابدت معدلات تركيز الثروة والدخل علي‮ ‬نحو مطرد في‮ ‬يد الفئة الرأسمالية المتضائلة حجما باستمرار،‮ ‬في‮ ‬حين تزايد عل‮ ‬ينحو مطرد إفقار الغالبية العمالية من تلك الثروة‮ ‬،‮ ‬وتضاؤل نصيبها من الناتج المحلي‮ ‬الإجمالي‮ ‬ـ كما أكد خبراء مركز أولاد الأرض والباحثون في‮ ‬القضايا العمالية‮ ‬،‮ ‬مستتهسرين بعام‮ ‬2007‮ ‬والذي‮ ‬شهدت الحركة العمالية فيه‮ ‬174‮ ‬احتجاجاً‮ ‬عمالياً،‮ ‬تمثلت في‮ ‬74‮ ‬اعتصاماً‮ ‬و52‮ ‬إضراباً‮ ‬و48‮ ‬تظاهرة أي‮ ‬بمعدل احتجاج واحد كل‮ ‬يوم ونصف اليوم،‮ ‬ووصلت إلي‮ ‬5‮ ‬اعتصامات في‮ ‬عامي‮ ‬2009،‮ ‬2010‮ ‬وهو مايعني‮ ‬أن هناك خللاً‮ ‬في‮ ‬علاقة العمل في‮ ‬مصر‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬ظل أوضاع اقتصادية تزداد سوءاً‮ ‬منذ عام‮ ‬2007‮ ‬وحتي‮ ‬الآن،‮ ‬فيما شهد ذلك العام فصل حوالي‮ ‬13‮ ‬ألفا و172‮ ‬عاملا وانتحار‮ ‬22‮ ‬عاملاً‮ ‬بعد ان سقطت أمامهم أبواب الأمل‮. ‬
وفي‮ ‬الصحة والتعليم وهما قطاعات حيويان،‮ ‬لم‮ ‬يسلما من تلك السياسات الفاشلة والمتضاربة والتي‮ ‬جعلت من بعض المرضي‮ ‬فئران تجارب وكذلك مرضي‮ ‬لا‮ ‬يجدون العلاج ولا تكاليف الدواء‮. ‬اصبحت سياسات التعليم عبارة عن قص ولزق ساهمت في‮ ‬تخريج أجيال من الجهلاء والمتخلفين‮ ‬،‮ ‬مثل السياسات الصحية التي‮ ‬جعلت مصر وطبقا لتقارير منظمة الصحة العالمية تحتل المرتبة رقم‮ ‬66‮ ‬بين دول العالم لانفاتها ما‮ ‬يقرب من‮ ‬5‭.‬8٪‮ ‬فقط علي‮ ‬الصحة من نسبة الـ‮ ‬10المحددة في‮ ‬الموازنة وفقا لمنظمة الصحة العالمية‮ ‬،‮ ‬والنتيجة‮ ‬8‮ ‬ملايين مريض بالكبد و10‮ ‬ملايين بالسكر و10‮ ‬ملايين بالحساسية والربو،‮ ‬وعلاوة علي‮ ‬ذلك قانون جديد للتأمين الصحي‮ ‬يحرم الغلابة من العلاج ويتحول لعلاج استثماري‮ ‬إجباري‮.‬

احتقان اجتماعي
مسلسل الاحتقان وصل لذروته بإصدار حكومة الحزب الوطني‮ ‬عبر مجالس الشعب الماضية،‮ ‬عدة قوانين وفقت حجر عثرة بين‮ ‬غالبية الشباب من الزواج وتوافر كلفته وكلفة تكوين أسرة مستقرة مثل قانون الضرائب العقارية والذي‮ ‬أشعل سوق العقارات ثم قانون الأسعار الذي‮ ‬صدر أول مايو عام‮ ‬2008‮ ‬لتمويل زيادة العلاوة الاجتماعية إلي‮ ‬30٪‮ ‬وكذلك قانون الايجارات الجديد والذي‮ ‬يعجز معه أي‮ ‬شاب عن إيجار شقة وقانون طفل‮ ‬يجبر الراغبين في‮ ‬الزواج علي‮ ‬تحاليل طبية بمبالغ‮ ‬طائلة‮.. ‬ولأنها قوانين وتشريعات لم‮ ‬يراع المشرع فيها الواقع الاجتماعي‮ ‬والاقتصادي‮ ‬لملايين الشباب فقد تآمرت الحكومة مع مجلس الشعب لتمريرها ودون النظر إلي‮ ‬آثارها في‮ ‬المستقبل‮. ‬وحتي‮ ‬تراكم في‮ ‬البلاد‮ ‬10‮ ‬ملايين عانس من الجنسين،‮ ‬والذي‮ ‬تعبير البطالة التي‮ ‬تنتشر بين أكثر من‮ ‬12‮ ‬مليون شاب ـ فيها الوجه الآخر للعنوسة والتي‮ ‬جعلت‮ ‬70٪‮ ‬من الجنسين لا‮ ‬يستطيعون تكوين أسرة‮.‬
حتي‮ ‬الأطفال لم‮ ‬يسلموا من سياسات حكومة الحزب الحاكم فهناك حوالي‮ ‬3‮ ‬ملايين طفل‮ ‬يعملون في‮ ‬الورش ومحارق الطوب،‮ ‬ونحو المليون هائمون في‮ ‬الشوارع‮ ‬يبيعون المناديل ويتسولون وتستغلهم عصابات للسرقة وتوزيع المخدرات‮ . ‬بخلاف ذلك العنف الذي‮ ‬يتعرض له أطفال والتي‮ ‬أشارت تقارير مركز الأرض لحقوق الإنسان إلي‮ ‬بلوغه الذروة خلال‮ ‬2005،‮ ‬بالاضافة لما أعلنه مؤخراً‮ ‬الجهاز المركزي‮ ‬للتعبئة والاحصاء عن وقوع‮ ‬104‮ ‬آلاف محاولة انتحار في‮ ‬مصر خلال‮ ‬2009،‮ ‬وأغلبهم من الشباب في‮ ‬المرحلة العمرية من‮ ‬15‮ ‬إلي‮ ‬25‮ ‬عاماً‮ ‬بنسبة‮ ‬66‭.‬6٪،‮ ‬مسشتهداً‮ ‬بعام‮ ‬2005،‮ ‬وحدوث‮ ‬1160‮ ‬حالة انتحار وصلت إلي‮ ‬2355‮ ‬في‮ ‬عام‮ ‬2006‮ ‬وإلي‮ ‬3700‮ ‬حالة في‮ ‬عام‮ ‬2007‮ ‬وإلي‮ ‬4200‮ ‬في‮ ‬عام‮ ‬2008‮ ‬وفي‮ ‬ظل ارتفاع نسبة الفقر إلي‮ ‬41٪‮ ‬وفقا لأحدث تقارير الأمم المتحدة للتنمية البشرية لعام‮ ‬2009،‮ ‬مما‮ ‬ينذر بخطر داهم‮ ‬يلتهم أرواح الشباب الذي‮ ‬يعلن عصيانه علي‮ ‬الحياة وتمرده علي‮ ‬كل الشرائع التي‮ ‬تحرم الموت انتحاراً‮.‬

مصادرة إرادة الشعب
هكذا حولت حكومات الحزب الوطني‮ ‬حياة المواطن إلي‮ ‬سلسلة من الضغوط والأزمات علي‮ ‬اختلاف أسبابها وأشكالها،‮ ‬خاصة بعد ان صادرت إرادة الشعب وتزوير الانتخابات البرلمانية الماضية وتقييد الحريات،‮ ‬وكلها أمور تنذر بالانفجار والذي‮ ‬يسبقه حالة الاحتقان المتراكمة‮ ‬،‮ ‬في‮ ‬صدور كافة طبقات المواطنين والتي‮ ‬قد تفرز أشكالاً‮ ‬من التطرف الديني‮ ‬والسلوكي‮ ‬واصبحت تنذر بثورة اجتماعية مع إصرار الحكومة علي‮ ‬الانحياز للأغنياء علي‮ ‬حساب الفقراء ومحدودي‮ ‬الدخل‮.‬

آن‮ .. ‬الأوان
فؤاد بدراوي‮ ‬ـ نائب رئيس حزب الوفد ـ أكد أنه‮ »‬آن الأوان‮« ‬لكي‮ ‬تعي‮ ‬حكومة الحزب الوطني‮ ‬حجم المشاكل التي‮ ‬يعاني‮ ‬منها المصريون والممثلة في‮ ‬الفساد والبطالة وارتفاع الاسعار دون ضابط أو حدود وقبل ذلك هناك ضرورة لأن‮ ‬يوجد إصلاح سياسي‮ ‬وديمقراطي‮ ‬يشعر به المواطن علي‮ ‬أرض مصر،‮ ‬حتي‮ ‬لا تكون تلك الأرض خصبة ليستغلها أعداء مصر،‮ ‬كما حدث مؤخراً‮ ‬في‮ ‬جريمة الإسكندرية والتي‮ ‬لولا مظاهر الاحتقان الطائفي‮ ‬نوعاً،‮ ‬لماحدثت أو فسرت علي‮ ‬أنها فتنة طائفية من قبل البعض‮. ‬وهنا‮ ‬يحضرني‮ ‬السؤال‮: ‬لماذا التأخر والتعسف في‮ ‬إصدار قانون تنظيم بناء دور العبادة‮ .. ‬ولماذا الإصرار علي‮ ‬استمرار قانون
الطوارئ‮ ..‬ولذلك فإن جريمة الاسكندرية وماسبقها من أحداث مماثلة تؤدي‮ ‬إلي‮ ‬ترويع الآمنين‮ ‬،‮ ‬ومن‮ ‬يعاني‮ ‬من تلك الهجمات الإجرامية ليس فصلاً‮ ‬واحداً‮ ‬ولكن مصر بأكملها‮.‬
كما تساءل فؤاد بدراوي‮ ‬أيضا‮: ‬هل‮ ‬يعقل أن‮ ‬يكون معيار النمو والرخاء من وجهة نظر رئيس وزراء‮ ‬،‮ ‬هو عدد الثلاجات والسيارات والتكييفات،‮ ‬فمعيار النمو وتحسين المستوي‮ ‬المعيشي‮ ‬عالميا مختلفى‮ ‬يؤسس علي‮ ‬مقدار كماليات و احتياجات المواطن التي‮ ‬تؤهله للحياة علي‮ ‬أحسن مستوي‮ .. ‬ولكن للأسف حكومتنا مغيبة وبعيدة كل البعد عن أحوال الشعب وعما‮ ‬يعانيه من مشاكل‮ ‬يومية،‮ ‬تجعله‮ ‬يحيا بالكاد وتجعل الحصول علي‮ ‬لقمة العيش بشكل آدمي‮ ‬من المستحيلات لعامة الفقراء والمحرومين والبعض من متوسطي‮ ‬ومحدودي‮ ‬الحال والمصنفين بالفقراء وفقا للمعايير الدولية‮.‬

مسئولية الحزب الوطني‮ ‬
بهي‮ ‬الدين حسن ـ رئىس مركز القاهرة لحقوق الإنسان قال إن الحزب الحاكم‮ ‬يتحمل مسئولية حالة الاحتقان والاستنكار والغضب التي‮ ‬تعتري‮ ‬المواطنين‮ ‬،‮ ‬والتي‮ ‬تترجم في‮ ‬صورة احتجاجات واعتصامات ومظاهرات ووصولاً‮ ‬لاشكال مختلفة من ردود الأفعال القصوي‮ ‬والتطرف الديني‮ ‬والسلوكي‮ ‬والمجتمعي‮ ‬فالنظام مسئول بسبب سياساته التي‮ ‬تتجاهل المطالب المشروعة للناس سواء السياسة أو الاجتماعية أو المساواة ما بين الأقباط وغيرهم،‮ ‬فلا‮ ‬يزال هناك استمرار للسياسات ذات الطابع التسلطي،‮ ‬والتي‮ ‬تؤدي‮ ‬لاستئصال جماعة سياسة بعينها بكل السلطات وتجاهل لكل الاتجاهات السياسية الاخري‮ ‬ولمطالب الناس المشروعية مما‮ ‬يزيد من شعور الناس بالتوتر والاحتقان ولذلك اصبحت البلاد لا تخلو من المظاهرات والاعتصامات والاضطرابات بين‮ ‬يوم وآخر مما‮ ‬يستلزم تخلي‮ ‬الدولة عن تلك السياسات والعودة إلي‮ ‬الحوار مع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني،‮ ‬ومع الأخذ باقتراحات هذه المنظمات لإعادة النظر في‮ ‬النتائج التي‮ ‬ترتبت علي‮ ‬الانتخابات الأخيرة التي‮ ‬أفرزت برلماناً‮ ‬لا‮ ‬يمثل سوي‮ ‬اتجاه واحد،‮ ‬مما‮ ‬يستحق المحاكمة،‮ ‬بسبب التلاعب بأصوات المصريين‮. ‬

إنفجار شعبي
فاروق العشري‮ ‬ـ أمين لجنة التثقيف بالحزب الناصري‮ ‬ـ قال إن ما‮ ‬يشعر به المواطنون من احتقان قد‮ ‬يصل بهم لحد الثورة ويرجع إلي‮ ‬حالة التراخي‮ ‬الحكومي‮ ‬في‮ ‬مواجهة مشاكل ملحة فرضت نفسها علي‮ ‬الساحة‮ ‬،‮ ‬والجماهير عبرت عنها بأشكال مختلفة في‮ ‬مقدمتها مشاكل الصحة والتعليم وبالنسبة لبناء دور العبادة والموانع التنفيذية والتي‮ ‬تتطلب الاستجابة السريعة أدي‮ ‬التهاون في‮ ‬حسمها،‮ ‬إلي‮ ‬ما‮ ‬يحدث من فتن طائفية من وقت لآخر،‮ ‬وآخرها جريمة الاسكندرية التي‮ ‬يعتقد البعض أنها تمت بأيد مصرية حتي‮ ‬لو لحساب الخارج‮. ‬وأضاف أن هناك مخاوف من إمكانية حدوث قوي‮ ‬الشعب دون اتفاق مسبق أو معلن وقد‮ ‬يصل لحد الثورة الاجتماعية‮ .‬

احتقان سياسي
عبدالغفار شكر ـ عضو المكتب السياسي‮ ‬لحزب التجمع ـ قال إن حكومات الحزب الوطني،‮ ‬قد تكون السبب المباشر في‮ ‬إشعال نيران الفتنة الطائفية من وقت لآخر،‮ ‬نتيجة سكوتها عن قانون بناء دور العبادة وعدم تمثيل الأقباط بشكل حقيقي‮ ‬في‮ ‬البرلمان والمجالس المحلية والمواقع الرفعية في‮ ‬الدولة‮ .. ‬فضلا عن العمل بقانون الطوارئ منذ‮ ‬30‮ ‬عاماً،‮ ‬والذي‮ ‬يقيد حرية التعبير ويعيق عمل الأحزاب السياسية للاتصال بالجماهير،‮ ‬كلها أمور تؤدي‮ ‬للاحتقان السياسي،‮ ‬وكافة أشكال الإحتقان الأخري‮ ‬،‮ ‬والتي‮ ‬أخطرها الاحتقان الاجتماعي،‮ ‬بسبب التفاوت الهائل بين الدخول،‮ ‬لأغلبية لا تجد قوت‮ ‬يومها للحياة،‮ ‬وأقلية تتحكم في‮ ‬كل موارد الدولة،‮ ‬وتحقق المليارات من الجنيهات أرباحا وبمباركة وتسهيلات حكومة تعمل من أجل الأغنياء فقط،‮ ‬ولحساب ورجال المال والأعمال‮.‬

الاحتقان‮ .. ‬والثورة
الدكتور محمد الجوادي‮ ‬ـ المفكر السياسي‮ ‬ـ قال إن الاحتقان‮ ‬يقلل من فرص حدوث الثورات الاجتماعية لانه‮ ‬يقلل عند الناس الاحساس بالأزمة،‮ ‬أيا كانت‮ ‬،‮ ‬بالتدريج وليس الاحساس الحاد المفاجئ،‮ ‬والذي‮ ‬يدفع المواطنين للثورة،‮ ‬التي‮ ‬قد تندلع عند صدور قرارات أو قوانين فجائية ومصيرية،‮ ‬كما حدث في‮ ‬مشكلة تحويل بعض مدارس الإسكندرية القومية إلي‮ ‬تجريبية وأحداث‮ ‬يناير‮ ‬1977‮ ‬مازالت ماثلة في‮ ‬الأذهان ولذلك فالاحتقان أحيانا ما‮ ‬يكون علاجاً‮ ‬في‮ ‬حالة عجز الدولة عن وضع الحلول الجذرية
‬للمشاكل لأن تناول أي‮ ‬قضية من أساسها،‮ ‬وبالحرص علي‮ ‬وضع حلول لها،‮ ‬يحتاج من الدولة إلي‮ ‬جهد في‮ ‬حين أن الوزراء المسئولين ليس عندهم وقت لمراجعة مثل هذه القضايا وتشريعاتها وتحويلاتها وآفاق تطويرها ومناقشة البدائل،‮ ‬ولهذا فإنهم‮ ‬يستسهلون مواجهة الاحتقان الذي‮ ‬يجعل الجماهير مشاركة في‮ ‬صنع الحلول المسكنة بديلا عن‮ ‬الحلول الحقيقية‮ ‬،‮ ‬وعلي‮ ‬سبيل المثال فإن قضايا مثل التموين‮ ‬يعتبر الاحتقان حلاً‮ ‬سحرياً‮ ‬لها لأنه بحصر المشكلة في‮ ‬اصحاب المعاناة من أصحاب الصوت المرتفع‮ ‬،‮ ‬الذين‮ ‬يمكن إجهادهم وإرضاؤهم بنسبة‮ ‬50٪‮ ‬من متطلباتهم في‮ ‬حين أن الحل الجذري‮ ‬يقتضي‮ ‬توفير السلعة في‮ ‬الوقت والمكان المناسب‮ ‬،‮ ‬وبالمعايير المناسبة من خلال توفيرها في‮ ‬وقت الأزمة فيسمح بتمرير أي‮ ‬سلعة ذات جودة منخفضة‮ ‬بكميات أقل بعد أن‮ ‬يحل بعض الجماهير مشكلتهم بأنفسهم أو‮ ‬يكون بعضهم الآخر عاجزين عن رفع الصوت بالمعاناة ويمكن تصوير حالة الاحتقان بالتصوير الفيزيقي‮ ‬المشهور‮ ‬،‮ ‬و هو حوض المياه المسدود من أسفل فمثل هذا الحوض‮ ‬يدفع اصحابه أولاً‮ ‬إلي‮ ‬عدم استعماله وإلي‮ ‬اخراجه من الخدمة ويدفهم ثانية إلي‮ ‬البحث عن بديل آخر‮ ‬،‮ ‬بينما تظل حالة الاحتقان قائمة وتحل بطريقة‮ ‬يدوية بالإناء المعدني،‮ ‬ثم‮ ‬يلجأ أصحاب الحوض إلي‮ ‬قطع المياه الواصلة لهم وبذلك‮ ‬يتم توفير بعض الإنفاق‮.‬