ليس من أجل هذا!
أعلم ان كلامى للوهلة الأولى سيبدو معاداً بل ومبتذلاً لأننى سأتحدث عن تضحيات شهداء الثورة ومصابى الثورة ومن قبلهم مُعذَبى أمن الدولة والمناضلين على سلالم نقابتي الصحفيين والمحامين وكل انواع السلالم وكل من قال كلمة حق وأوذى فى نفسه واحبائه أو أكل عيشه بسببها..
أعلم أنه ليس بجديد أن أقول انه ليس من اجل ما يحدث الآن من فوضى وبلطجة وسرقات فى الشارع المصرى وكذلك لعب قذر سواء فى السياسة أوالإعلام راح من راح.. أعلم أنه معاد..لكن سامحونى فلم اعد أستطيع السكوت و انا التى كنت مقتنعة منذ بدأت الثورة بكلمة احد الحكماء حين قال " الوقت عصيب وصمتك اغلى هدية فإن تكلمت ، عليك أن تتق الله فيما تقول" لم اعد أطيق أى من مظاهر الوسخ السابق الذى تجرعناه وأصبح لحم اكتافنا من شره.. أصبحت هذه المظاهر تجرحنى أضعاف أضعاف ما كانت تفعل من قبل..تنقلنى فى كل مرة الى الميدان حيث الدم الذكى المراق والعيون الطاهرة المتفجرة والعظام الصلبة المتكسرة والآهات فى المستشفيات والوجوه التى غابت ولا نعرف عنها شيئاً..أعيشها كل مرة وكأننى أموت ميتة جديدة معهم وانا أتعلق بأمل التغيير..راحوا جميعا حتى نشعر بقيمتنا ونكسر طوق تَقَزُمِنا الذى حبسنا فيه الفسدة عقوداً عديدة فى إغتيال نفسى وجسمانى بطئ للجمل المصرى ..بالفعل هذا ما حدث والذى تصورت اننا وعيناه بعد الثورة وأن ردنا الوحيد على هذا هو بالثورة على انفسنا..على ما طالنا من فساد داخلى..على المسخ الذى عشش بداخلنا ومص دمائنا..لكن أخشى أن التدمير الذى أصاب جيلين كاملين من المصريين يبدو أقوى من عدة آلاف راحوا او أصيبوا..فليس من أجل أن ينضحك على عقولنا بدعاية شركة بيبسى وبفستان بمبى نفتح له افواهنا طوال الشهر الكريم ,وننسى أن الفساتين سندفع ثمنها بإتصالنل ونصدق بملء إرادتنا أن الحداية أصبحت ترمي لنا الكتاكيت وترعاهم أيضاً راح من راح..والمؤسف أن من فعل هذا شخصية موهوبة مثل دنيا سمير غانم..وليس من أجل أن يرقص سعد الصغير بمؤخرته ونرى إعلانات فيلم العيد المقززة تخرج علينا من غرف النوم ونحن فى نص هدومنا راح من راح و المؤسف ان تدرك ان البلد مليئة بالفلوس للإنتاج السينمائى بينما كل ماعدا ذلك شبه متوقف..وليس من أجل أن تتحول شوارعنا الى غابة من القمامة والخناق والبلطجة والسرقة و الترويع راح من راح و الغريب انه لو صدقت النوايا ستعود الشوارع نظيفة ومحمية
د. مني النموري