بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

دور " مجلس القبائل العربية " فى تحقيق السلم الاجتماعى فى مصر


   يتمتع رؤساء القبائل " أو ما يسمى بالزعماء التقليديون " بدور هام ومحورى فى تحقيق السلم والأمن الاجتماعى ، نظرا لمكانتهم داخل القبائل ، وما يتمتعون به من نفوذ يجعل المواطنين فى الدوائر المحلية يخضعون لهم بالسمع والطاعة ، وهذا ما يدعو إلى أهمية الاستعانة بهم فى حل النزعات الداخلية ، سواء كانت قبلية أو طائفية .

وبلا شك إن النتائج التى توصلت إليه العديد من الدراسات فى ذلك الشأن ، هى هامة وعديدة وقد ان الأوان لمراجعتها، ولعلنا لا نكون مخطئين ، فى ظل الظروف الراهنة وفى ظل المخططات والتهديدات الخارجية التى تستهدف تفسيم المجتمع المصرى ، إذا اقترحنا مأســسة " مجلس القبائل العربية"  وإضفاء السمة الرسمية عليه ، بشرط أن يكون مستقلاً عن الحكومة ، وربما يكون من الأفضل أن يعمل تحت مظلة القضاء ، ويمثل فيه قضاء وروساء القبائل وكبار رجال الأزهر الشريف ، وتوفر له الدولة الإمكانيات اللازمة للاضطلاع بدوره. ومن ثم سوف يستمد المجلس شرعيته رسميا من كونه مؤسسة معترف بها من جانب الدولة .
كذلك يجب أن يتمتع أعضائه بحصانات القضاة ، حيث يعتبر أعضاء مجلس القبائل العربية هم قضاة عرفيين يحكمون بمقتضى الأعراف والتقاليد المحلية ، ويشهد لهم بين القبائل العربية بالنزاهة والتقدير واحترام أحكامهم فى مختلف مناطق الجمهورية .

ومن ثم سيكون هذا المجلس أداة  للحوار لمعالجة الخلافات فيما بين القبائل وتحقيق السلم الاجتماعى ، ويعمل كآلية لفض المنازعات وتحقيق الوحدة الوطنية ، ويحقق الإستمرارية بين الهياكل العرفية والتنظيم المؤسسى المعاصر ، وهو أيضاً بمثابة إبتكاراً مؤسسياً يجسد القيم والأعراف المحلية فى حل النزاعات التى تستند إلى ثقافة الحوار والتحكيم العرفى .
ولكن يجب الانتباه هنا ، إلى انه على الرغم من الدور الايجابى الذى لعبته المجالس العرفية فى حل المنازعات بين القبائل بل دورها فى تحقيق المصالحة الوطنية بين القوى السياسية فى العديد من الدول ، فيجب الاشارة هنا إلى أن بعض الحكومات لجأت إلى تسيس دورها للحصول على الدعم والمساندة السياسية .

وقد كشفت بعض الدراسات وتجارب التحول السياسى عن إتجاه بعض الحكومات إلى استخدامها لتكون أداة مؤسسية تعكس إرادة الطبقة السياسية ،

وتلجأ إليها لحماية مصالحها بتحقيق التوازن الإستراتيجي مع المعارضة حول القضايا السياسية، وتستخدم كأداة لتحقيق الشرعية السياسية وإعادة التفاوض على قواعد اللعبة السياسية ، و كإستراتيجية (Political Trick) فى يد الأغلبية الرئاسية للسيطرة السياسية ،خاصة عند ضعف القيادة السياسية فى السيطرة على السلطة بسبب الضغوط المتزايدة للمعارضة على الحكومة خلال فترات الأزمات السياسية والاقتصادية ، مما يجعل من هذه المجالس الخيار الوحيد أمام الحكومة للتفاوض مع المعارضة ، ولا يسستبعد إذاً فى مثل تلك الظروف من التوتر السياسى إستقطاب أعضاء المجالس العرفية ، مما يؤدى إلى حدوث حالة من حالات الاستقطاب السياسى والانقسام المجتمعى.

ولحل هذه المعضلة ، فإنه يجب ألا  ينتمى أعضاء المجالس العرفية إلى أى حزب سياسى ، وأن يلتزموا بالحياد خاصة خلال فترة الدعاية الانتخابية ، حتى لا يتحولون إلى أداة تستغل فى التنافس السياسى خلال فترة الانتخابات ، وتتحول العلاقة بين أعضاء المجلس إلى تنافس سياسى يمكن أن يؤدى إلى التأثير على دوره المنشود ، الذى هو بالتحديد حل النزاعات المحلية بين القبائل بالطرق السلمية ووفقا للاعراف والقوانين .

ولا يتسع المقال هنا إلى المناقشة العميقة والخوض فى هذه النقطة ، لأنها تحتاج إلى تحليل أكثر عمقاً ودراسة أوسع لا يتسع المجال لمناقشتها  ، وإنما هذه وجهة نظر مطروحة للنقاش ، واجتهدت فى طرحها كمواطن حريص على سلامة وامن مجتمعه ، وهى فكرة تحتاج من المتخصصين المزيد من الدراسة لتحليلها بعمق .