بين مطرقة "الواجب" وسندان "المستحقات الضائعة"
معلمو بيلا بكفر الشيخ : "حقوقنا حبيسة الأدراج"
في الوقت الذي تُبنى فيه نهضة الأوطان على أكتاف المعلمين، وتتعالى فيه الصيحات الرسمية بضرورة دعم "بناة الأجيال"، يبرز واقعٌ مغاير تماماً في إدارة بيلا التعليمية بمحافظة كفر الشيخ.
هنا، حيث تتمايز مدارس الإدارة بجهود استثنائية من المعلمين ومديري المدارس الذين يطوعون "قلة الإمكانات"لضمان استمرار العملية التعليمية، يواجه هؤلاء "المحاربون" واقعاً مريراًيتمثل في حرمانهم من أبسط حقوقهم المالية لسنوات طوال.
إبداع ميداني.. وتجاهل إداري
وقال رئيس قسم التعليم الثانوي السابق في إدارة بيلا التعليمية عصام رخا تؤكد الشواهد الميدانية في الغالبية العظمى من مدارس إدارة بيلا أن المعلمين ومديري المدارس يبذلون جهوداً تفوق طاقتهم؛ فمن مبادرات شخصية للتغلب على عجز الإمكانات، إلى تفانٍ في التدريس والأنشطة الطلابية والامتحانات، إلا أن هذا"الاجتهاد" يقابله ما وصفه المتضررون بـ "تعنت مالي" غير مبررداخل أروقة الإدارة، حيث تحولت عملية صرف المستحقات القانونية إلى ما يشبه "التسول" من الأقسام المالية، في مشهد لا يليق بمكانة المعلم المصري.
واستعرض المسؤول السابق قائمة من المتأخرات المالية التي رصدها خلال فترة عمله وما زالت مستمرة، واصفاً إياها بالظاهرة التي تستوجب المساءلة، ومنها:
أحكام قضائية معطلة : هناك أحكام نهائية واجبة النفاذ صادرة لصالح معلمين منذ عام 2018، ولم يتم صرفها حتى الآن، في تحدٍ صارخ لسلطة القانون.
مستحقات الحصص الزائدة : معلمون لم يتقاضوا مقابل حصصهم التي تزيد عن النصاب القانوني منذ العام الدراسي الماضي.
مكافآت الامتحانات : لم يتم صرف مستحقات مراقبة وتصحيح الشهادتين الإعدادية والثانوية عن العام الماضي.
حوافز الصفوف الأولى : توقف صرف الحافز عند شهري مايو ويونيو الماضيين، دون توضيح الأسباب.
غرفة العمليات : العاملون بالإدارة لم يتقاضوا مستحقاتهم عن غرف عمليات الثانوية العامة لعامين متتاليين، ضاربين عرض الحائط بالكتب الدورية المنظمة لذلك.
الزيادات الرئاسية : حتى الحافز الأخير الذي أقره السيد رئيس الجمهورية منذ قرابة ثلاثة أشهر، لم يجد طريقه لجيوب معلمي بيلا حتى الآن.
"دولاب عمل" مختل وصراعات إدارية
وأرجع رئيس قسم التعليم الثانوي السابق هذه الأزمات إلى ما وصفه بـ "اختلال دولاب العمل" إلى حالة من عدم الانسجام والتنافر الواضح بين مدير عام الإدارة ووكيل الإدارة، مما أدى إلى غياب الرؤية الموحدة وضعف القدرة على التصدي للظواهر السلبية.
والأكثر دهشة، هو تبرير القيادة الإدارية بعجزها عن السيطرة على"المسؤول المالي"، بدعوى عدم الولاية عليه، وهو ما يراه قانونيون" فهماً خاطئاً وصادماً" لصلاحيات رئيس العمل الذي يملك السلطة القانونية لمتابعة ومحاسبة كافة الأقسام التابعة له لضمان سير المرفق العام.
استغاثة لوزير التعليم
أمام هذا الوضع المتأزم، لم يجد معلمو بيلا بداً من رفع استغاثتهم إلى وزير التربية والتعليم والتعليم الفني محمد عبد اللطيف .
وتتلخص مطالبهم في ضرورة تشكيل"لجنة وزارية رفيعة المستوى" للوقوف على أسباب هذا التأخير الممنهج في صرف المستحقات دون غيرها من الإدارات التابعة للمديرية.
كما يطالب المتضررون بمحاسبة كافة المسؤولين عن هذا التقاعس، بدءاً من الأقسام المالية وصولاً إلى القيادات الإدارية التي وقفت موقف المتفرج أمام معاناة المعلمين، مؤكدين أن "العدالة الناجزة" في صرف المستحقات هي السبيل الوحيد لإعادة الانضباط والروح المعنوية لمنظومة التعليم في بيلا.
يبقى التساؤل معلقاً في هواء محافظة كفر الشيخ إلى متى تظل حقوق المعلمين في بيلا حبيسة الأدراج؟ وهل تتحرك مديرية التربية والتعليم والوزارة لفك شفرة هذا "اللغز المالي" ومحاسبة المتسببين في إهدار كرامة المعلم مادياً؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.