شكراً علا الشافعى
إذا سألت شخصًا ما عن مفهوم الإدارة وماهيتها، ستجده يدلى بدلوه حسب ما يعتقده ويؤمن به وما يعيشه، ومع كل تعريف تسمعه ستجد تنوعًا فى المفهوم، سيأتيك المقصود متسقاً مع بساطة ذاك الشخص أو درجته العلمية، وعلى اتساع هذا الاختلاف فى التعريف وما يحتويه من التراكيب والمصطلحات وتنوعه، إلا أن الغاية فى النهاية ستكون واحدة، وهى النجاح فى تحقيق الأهداف المنشودة.
كان هذا المفهوم ينطبق علي يوم حضور احتفالية نقابة الصحفيين التى أقيمت السبت الماضى لاستلام جائزة مجدى مهنا فى العمود الصحفى عن دورة محمود عوض 2025، فقد ذهبت إلى مقر النقابة العريق مستئنساً بدفء عائلى مكتفياً به، مع سلامات ولقاءات أصدقاء شغلتنا الحياة وأبعدتنا متاعبها عن اللقاء، جلست محاطاً بابتسامات عابرة، وسلامات محبة من أساتذه وزملاء، كان الهدف الخروج بلحظات صافية دون أن يعكر صفوها شيء، ودون ترتيب جلست فى الصف الخلفى الذى تجلس فيه الكاتبة الصحفية «علا الشافعى» رئيس مجلس إدارة صحيفة وموقع «اليوم السابع»، كل ذلك يبدو طبيعياً لا يستحق التسجيل أو الكتابة عنه، لكن ما يستحق أن يروى حقاً ما رأيته طوال هذا الحفل من تلك الشخصية.
لقد رأيت نموذجاً حياً يُجبرك على أن تحترمه وتجله، فما قدمته «علا الشافعي» ربما يراه البعض أمر عادياً ولكن فى الحقيقة هو غير ذلك، فقد حضرت «علا الشافعي» إلى الحفل مبكراً، لم يكن حضورها عابراً أومجرد تسجيل فى دفاتر المشاركين ثم الانصراف، كانت حاضرة كأنها من فازت بثماني جوائز صحفية حصل عليها الزملاء من «اليوم السابع» فى تلك المسابقة، فى انتظار لحظة صعودها إلى المسرح لتكريمها، كان تفاعلها الصادق مع كل زميل قبل ذكر اسمه ثم اعتلائه المنصة لافتاً، متسائلة من التالى ومن تبقى؟ وهكذا حتى انتهى الحفل.
لم تتأفف من الجلوس طوال الحفل ومشاركة الزملاء المكرمين، لم تعتذر لارتباطها بموعد هام أو عمل عليها القيام به وانجازه، كان يكفيها مجرد المشاركة العابرة لكنها لم تفعل، لذلك لم يكن مستغرباً هذا الشعور الجارف باللهفة من الزملاء المُكرمين الذهاب نحوها مسرعين لتقديم ما نالوه من التكريم لها، حالة من صدق المشاعر الإنسانية والمودة الخالصة بين الرئيس والمرؤوس، دون تملق من زميل أو تكبر واستعلاء من رأس الإدارة.
هذا الموقف الذى رأيته وتابعت تفاصيله دون قصد، يخبرك عن مفهوم الإنسانية فى الإدارة دون ضجيج، ويشرح لك مجلدات عن فن الإدارة فى هدوء، حالة من الإدراك الفطرى لماهية الإنسان الذى تعمل معه وكيف تكسبه وتصير أنت وهو فى خندق واحد من النجاح، تخبرك تفاصيل تلك الساعات عن حالة من مودة صادقة بنيت جدرانها موقف تلو آخر، حالة لم تأتى عبثاً أو عن طريق الفهلوة والعشوائية، حالة من التوحد الإنسانى دون زيف أو تملق أو مصلحة أو مجرد شو إعلامى.
تخبرك تفاصيل تلك الساعات العابرة عن كيفية نجاح الإدارة ليس فقط فى التواصل مع من يعملون معك، بل التعايش الناجح معهم ومشاركتهم لحظات لا تنسى ولن تنسى، ليأتى فى النهاية مشهد التتويج تلقائياً سلساَ بسيطاً متسقاً مع ذاته بصورة للكاتبة «علا الشافعي» تتوسط الزملاء المكرمين فى هذا الحفل، تلك الصورة تحكى فى صمت تفاصيل لا نعرفها ولم نعشها، لكنها تجسد واقعًا يجبرك على احترامه.
أخيراً.. شكراً للكاتبة الكبيرة «علا الشافعى» على تلك اللحظات التى عشتها دون قصد أو ترتيب، وسمحت لنفسى أن أسجلها دون استئذان، راجياً أن يسود هذا النموذج من المحبة والصفاء الإنسانى فى الإدارة كل مؤسسات العمل الصحفى فى مصر.
فى النهاية.. يقول دكتور «جارنر مورفى رئيس جمعية الأبحاث النفسية الأمريكية 1895 ـ 1979» كما جاء فى كتاب أرواح وأشباح للكاتب الكبير أنيس منصور: إن الناس يشبهون الجزر.. تبدو منفصلة على سطح الماء، ولكن الأرض كلها متماسكة.. فكل الناس على صلة بعضهم ببعض.. هم لا يشعرون بذلك.. ولكنها الحقيقة!.