لعبة القوة.. والوطن
معنى كلمة وطن والقيمة الوطنية ومفهوم الانتماء والولاء هو ما يطرحه واحد من أهم المسلسلات الأمريكية التي تعرض على إحدى المنصات الشهيرة «الديار أو الوطن «Homeland 2011 حتى 2020 هذا المسلسل الذي يحتوي على ثمانية أجزاء وعشرات الحلقات أكتب أهميته وشهرته ومكانته النقدية ليس فقط لحصولة على عدة جوائز عالمية مثل «الجولدن جلوب» و «الأيمي آورد» لكن لأنه يناقش أهمية قضية تواجه مجتمعاتنا العربية والشرقيه، وتلك العلاقة الشائكة الحرجة الملتهبة بين الحضارتين المسيحية والإسلامية, أوبين ذلك الغرب وهذا الشرق بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وضرب برجي التجارة العالمية و بداية الحروب المقدسة كما صرح سابقا ً»جورج بوش» الابن وأسماها الحروب الصليبية على الإرهاب... وهنا تبدأ أحداث المسلسل الممتد على مدار تسعة 9 أعوام خلال 8 أجزاء ليطوف بالمشاهد في البلدان والعوالم العربية و مناطق النزاع المستمرة... وبين أروقة جهاز الاستخبارات الأمريكية CIA والكونجرس ومجلس الشيوخ والبيت الأبيض وبغداد وسجن أبو غريب والقاعدة وبيروت وحزب الله وسوريا والرقة وكابول وباكستان وطالبان وتجنيد الشباب فى ألمانيا وروسيا والمعالم الخفية للمخابرات في كل من تلك البلدان ، والعلاقة بين الدبلوماسية والسياسية والاغتيالات والحروب والإنفجارات والإرهاب وما يحدث على الشاشات وخلف الأبواب...
تبدأ قصة المسلسل بجندي أمريكي قضي 8 سنوات في سجن القاعدة عند أبو ناصر أبو نظير كما ينطقونه يعود المارينز «برودى» إلى الوطن ولكن »كاري ماثيون» الضابطة في جهاز المخابرات الأمريكي لديها مصدر أكد لها أن هذا الجندى أسير القاعدة لم يعد ينتمي للوطن ولكن يعمل جاسوساً للقاعدة... نكتشف بعد ذلك تحوله إلى الإسلام ونسمعه ونراه يصلي لكنه يرتدي حزاما ناسفاً ليفجر نفسه في أعضاء الكونجرس ونائب الرئيس؛ وتستطيع كارى بحبها وعلاقتها الحميمة معه أن توقفه عن هذا الفعل الإرهابى الذى يدمر أسرته وابنته …
الأحداث متتالية وسريعة ومشوقة والإنتاج ضخم والتمثيل والأداء مبهر وكل حلقة تعد فيلماً سينمائياً كامل متكامل الأركان والعناصر الدرامية والفنية ... هذا غير التواجد في أماكن تصوير خطرة وحقيقية وملابس وديكور وحوار سواء داخل المحطات الإستخباراتية أو السجون أو أماكن اختباء أعضاء وزعماء القاعدة وطالبان وحزب الله أو رجالات الدول والسياسيين و السفارات الأمريكية بالخارج ...الموضوعات عن التجسس والإرهاب والوسائل والعمليات القذرة والخيانات والسياسية والعقيدة …
القضية الأهم والأخطر هى تلك الجدلية و ذلك الحوار المستمر والصراع الأبدي الجوهري الذي يطرح مفهوم الإسلام الحقيقى من جانب وعن عقيدة الإرهاب والإرهابيين المتشددين من جانب آخر وذلك على التوازي مع معنى ومغزي الوطن والولاء وتلك الحرب التي بدأت ودمرت بلدان وأوطان وشردت وقتلت الآلاف ويتمت الصغار وربت وأفرزت أجيالا ًمن إرهابيين جدد...السياسة والسلطة بإسم الدين والقوة والسيطرة باسم الوطن والوطنية لا تختلف شرقاً عن غرباً لكل اسبابه وتبريراته... طائرات بدون طيران تقتل 85 طفلاً في طريقهم إلى المدرسة في العراق... و تلقى بقنبلة على فرح في باكستان ليحرق العرسان والأهل والصغار ...وترد القاعدة بتفجر مبنى المخابرات الأمريكية فى واشنطن، وطالبان تستولي على مبنى السفارة الأمريكية في باكستان وتذبح 40 موظفاً امريكياً...وضابط مخابرات أمريكي يتحول إلى قاتل مأجور لا يختلف عن أى إرهابي داعشى... الجميع يقتل بدم بارد بأسم الوطن والدين والولاء والانتماء... يتطور المسلسل فتترك البطلة عملها في الجهاز لأنها تكتشف حقيقة العمل الاستخباراتى فهى لم تعد تصدق أي من الطرفين ولا تتحمل كل هذه الدماء تلوث وجهها وتصبغ ملابسها ويديها.. أنها الوحيدة التي قررت أن تنجو بذاتها وروحها من هذا المستنقع الدموى العفن.. أهمية المسلسل في طرح القضية من الجانبين والرؤية والأسباب والنتائج فلا تتعاطف مع الغرب ولا تدين الشرق بصورة كاملة... لعبة القوة كما وصفتها «ميشيل فوكو» هي القدرة على التحكم والسيطرة يلعبها ويمارسها أفراد و جماعات لتشكيل وتحديد سلوك أفراد آخرين ….هكذا نحيا وهكذا نموت.