بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

كيفية تنشئة الأبناء على الكلام الطيب خلال مرحلة الطفولة

بوابة الوفد الإلكترونية

تعد الطفولة أعظم مراحل العمر والنبع الحقيقي للحب، وبمقدار ما يتشكل الطفل فيها، يصبح الرجل مستقبلًا؛ لذا فإن الاهتمام بالبناء الصحيح للطفل، لا سيما التكوين اللفظي، يعد اهتمامًا أصيلًا للشرائع والحضارات.

الكلام الطيب تحصين للأبناء خلال الطفولة 

ولا شك في أن البناء الصحيح للطفل في كل الجوانب من صميم اهتمامات جميع الشرائع السماوية والحضارات الإنسانية، فالطفولة هي النبع الحقيقي للحب والحنان في حياة الإنسان، وأقدس وأعظم مراحل العمر، وبمقدار ما يتشكل الإنسان في طفولته يصير في رجولته، ومن الأمور المهمة التي يجب التنبه إليها - ونحن نبني أطفالنا منذ الصغر - الاهتمام بالتكوين الصحيح والمستقيم لألفاظهم التي يتفوهون بها ويتناقلونها فيما بينهم، خاصة في عصر "السوشيال ميديا"، حتى يعودوا ألسنتهم منذ الصغر على الكلام الطيب.

استراتيجيةٌ شاملة للتكوين اللفظي السليم في الطفولة

وهناك العديد من المواقف القيمة والإيجابية التي من الممكن نشرها على (السوشيال ميديا)، للاستفادة بها في تعليم أطفالنا التكلم والتفوه واختيار الألفاظ والنطق بالكلام الطيب، والابتعاد تمامًا عن الألفاظ السلبية الخارجة التي تؤذي الآخرين.

وبناء الطفل يبدأ من تعويد لسانه على الكلام الطيب واختيار الألفاظ الصحيحة منذ الصغر، خاصة لمواجهة مخاطر الألفاظ السلبية المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويجب على الأسرة والمؤسسات كافة التنسيق والحكمة والصبر لتوفير حصانة لفظية تحمي أجيال المستقبل.

 

حق الأبناء خلال مرحلة الطفولة

وجهنا الحبيب المصطفي -صلى الله عليه آله وسلم- بأن حقوق الطفل لا تبدأ بعد ولادته، بل تبدأ من اختيار الزوجة الصالحة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- قال: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا؛ فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ» [متفق عليه]، فالأم هي المدرسة الأولى.

حقوق الطفل

ومن أرقى صور الرحمة التي شرعها الإسلام للطفل، تلك التي تبدأ قبل أن يُخلق حين يُعلِّمنا النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أن من حقه علينا أن نبدأه بدعاء طاهر عند الجماع، فيقول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِىَ أَهْلَهُ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِى ذَلِكَ لَمْ يَضُرُّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا» [رواه البخاري]، فهذا الدعاء ليس مجرد لفظ، بل هو استفتاح لحياة نقية، تُصان من وساوس الشر، وتُبارك من أول لحظة، ثم إذا خرج إلى الدنيا، كان له حق في التعليم والتأديب، فيُعلَّم على سبع، ويُؤدَّب على عشر، ويُفرَّق بينه وبين إخوته في المضاجع.

ورد عن عمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» [رواه أبو داوود، وأحمد، والدر قطني، والبيهقي] وأمر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لا قسوةً بل تهذيبًا، ولا إهمالًا بل تربية.

حق الطفل
كما إن التربية لا تكون بالقسوة، بل بالحب والاحتواء كما كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم - يفعل مع - سيدنا الحسن والحسين - رضي الله عنهما - فيُطيل السجود إذا ركب أحدهما على ظهره، ويقول -صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي، فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ» (رواه النسائي، وأحمد)، ومن الحقوق النفسية للطفل أن يُشعر بالأمان، ويُحترم رأيه، ويُحمى من العنف، ويُربَّى على الثقة بالنفس، لا على الخوف والذل، وقد أثبتت الدراسات النفسية أن الطفل الذي يُربَّى في بيئة آمنة، مليئة بالحب والاحترام، يكون أكثر قدرة على التعلم، والإبداع، والتواصل، فعلينا أن نأخذ بهذه القاعدة الذهبية في المصاحبة: "لاعب ابنك سبعًا، وأدِّبه سبعًا، وصاحبه سبعًا"، مما يُبرز أهمية المصاحبة في بناء الشخصية.

وحين يبلغ مرحلة المراهقة، لا يُقصى ولا يُزجر، بل يُصاحب ويُحتوى، ويُفتح له باب الحوار، ويُربَّى على الرجولة والكرامة، لا على التسلط أو التهميش، إنها مراحل متكاملة، تُرسم بخيوط الرحمة، وتُغزل بخيوط الحكمة، وتُثمر إنسانًا سويًّا، نافعًا لنفسه وأهله وأمته، فيا أيها المربِّي، ويا أيتها الأم، لا تستهينوا بهذه الحقوق، فإنها مفاتيح السعادة في الدنيا، ومنازل القرب في الآخرة.