بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

"صحيح البخاري" قمة التوثيق والنقل العلمي لسنّة رسول الله ﷺ

بوابة الوفد الإلكترونية

يمثل صحيح الإمام البخاري قمة التوثيق والنقل العلمي لسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد حظي بعناية فائقة من أجيال العلماء والرواة عبر التاريخ، فضلًا أنه أصح كتاب بعد القرآن الكريم.

التعريف بصحيح البخاري وأهميته العلمية

صحيحُ الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري المتوفى سنة ٢٥٦هـ، أصحُّ كتابٍ بعد كتاب الله سبحانه وتعالى في نقله، وفي اهتمام المسلمين به، لا سيما وأنه ينقل إلينا سنَّةَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بطرائقَ فيها غايةُ توثيق المصدر وغايةُ النقد العلمي، وقد سمَّاه الإمام البخاري: (الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسننه وأيامه)، غير أنه اشتهر بين الناس بـ (صحيح البخاري).


رواية صحيح البخاري عبر العصور

وقد سمع ذلك الكتابَ من البخاري خلقٌ كثير في كل مدينة وقرية كان ينزل بها البخاري؛ فقد روى الفَرَبْرِيُّ أنه سمعه منه تسعين ألفَ نفس، ورواه لمن بعده رواةٌ كثيرون؛ منهم: حماد بن شاكر المتوفى سنة ٢٩٠هـ، وإبراهيم بن معقل النَّسَفي المتوفى سنة ٢٤٠هـ، ومحمد بن يوسف بن مطر الفَرَبْرِي المتوفى سنة ٣٢٠هـ.

وروايةُ الفَرَبْرِي هذه هي التي وصلت إلينا؛ فقد سمعها منه جماعة، منهم: أبو محمد الحَمُّوِي المتوفى سنة ٣٨١هـ، وأبو الهيثم محمد الكُشْمِيْهَنِي المتوفى سنة ٣٨٩هـ، ورواها عن الحَمَوِي الداودي المتوفى سنة ٤٦٧هـ، وعنه أبو الوقت المتوفى سنة ٥٥٣هـ، وعنه الإمام النووي المتوفى سنة ٦٧٦هـ.


عناية العلماء بصحيح البخاري

واهتم أولئك الرواة بصحيح البخاري أشدَّ الاهتمام؛ فكانوا يقرؤونه كلمةً كلمة، حتى رأينا اثنين من كبار علماء العربية والحديث يجلسان مع جماعة من الفضلاء لتحرير كل الروايات على مستوى الحركة في صحيح البخاري، وهما: جمال الدين محمد بن مالك صاحب الألفية المشهورة في النحو، المتوفى سنة ٦٧٢هـ، وشرف الدين علي بن محمد اليُونِينِيّ (نسبةً إلى يُونِين، إحدى قرى بعلبك) المتوفى سنة ٧٠١هـ، وتمت هذه الجلسات في دمشق، وبلغ عددها إحدى وسبعين جلسة، وذلك من سنة ٦٦٧هـ؛ فخرجت هذه النسخة في غاية التحقيق والتدقيق، وأصبحت من أوثق النسخ المعتمدة لصحيح البخاري، بل لو أطلقنا القول بأنها أوثقها وأعظمُ أصلٍ يُوثَقُ به لما كان بعيدًا، وقد جعلها الإمام القَسْطَلَّاني المتوفى سنة ٩٢٣هـ عُمْدَتَه في شرح صحيح البخاري، فحقَّق المتن حرفًا حرفًا على تلك النسخة.

وتتابع العلماء عبر العصور عدراسة صحيح البخاري ونقده وتمحيصه؛ فخلصوا إلى أنه أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى، وهذه النتيجة محل إجماع بين العلماء المتخصصين وتلقتها الأمة بالقبول، وقد تناقل آلاف السامعين صحيح البخاري منذ عصر مؤلفه حتى استقرّت روايته المعتمدة عبر طريق الفَرَبْرِي، وبلغت نسخة اليونيني ذروة التحقيق بعد جلسات علمية دقيقة شارك فيها كبار اللغويين والمحدّثين، فأصبحت أوثق أصول الصحيح، واعتمدتها الطبعة السلطانية في القرن الثالث عشر الهجري بطباعة دقيقة راجعتها لجان علمية متخصصة، ثم تلتها الطبعة الفَكْهانية مع مزيد من التنقيح والتحقيق.