بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

اقتصاد السائح: 30 مليار دولار من نفس الأعداد

كيف تقفز السياحة المصرية من 17.8 إلى 30 مليار دولار؟
لم تعد السياحة في مصر مجرد قطاع خدمي يعتمد على زيادة أعداد الوافدين، بل تحولت إلى أحد أعمدة الأمن الاقتصادي والنقدي للدولة. فمع وصول عدد السائحين في عام 2025 إلى نحو 19 مليون سائح، وتحقيق إيرادات تُقدَّر بحوالي 17.8 مليار دولار، تكون مصر قد استعادت موقعها بقوة على خريطة السياحة العالمية.
غير أن هذا النجاح، على أهميته، لا يزال أقل من السقف الحقيقي للإمكانات الاقتصادية الكامنة في السائح الواحد.
التحدي الحقيقي: السائح لا عدده
التحدي الجوهري لم يعد في جذب مزيد من السائحين، بل في تعظيم العائد من السائح الواحد، وتحويل إنفاقه اليومي إلى قوة داعمة للاحتياطي النقدي والاقتصاد الرسمي، دون المساس بجاذبية المقصد السياحي أو راحة الزائر.
فجوة العدد والعائد
تشير التقديرات إلى أن متوسط إنفاق السائح في مصر على النثريات والخدمات المحلية يتراوح بين 500 و1200 دولار طوال مدة الرحلة، وهو معدل أقل من دول منافسة مثل تركيا وإسبانيا.
ومع احتساب 19 مليون سائح، تتضح فجوة كبيرة بين الطاقة الكامنة والعائد الفعلي، ما يؤكد أن المشكلة ليست في الطلب السياحي، بل في إدارة التدفقات النقدية المرتبطة بالسياحة.
السياسة المحورية: تنظيم التحويل النقدي عند الوصول
تقوم الفكرة الأساسية على توجيه جزء من إنفاق السائح اليومي (النثريات والخدمات المحلية) إلى القنوات المصرفية الرسمية، بدلًا من تسربه إلى السوق غير الرسمية، خاصة أن تكلفة الرحلة الأساسية—الطيران والإقامة—تكون مدفوعة مسبقًا.
ويتم ذلك عبر بنوك المطارات من خلال:
تحويل المبلغ إلى بطاقة ATM سياحية
شحن جزء منها، مع إتاحة الباقي نقدًا حسب رغبة السائح
السيناريوهات الواقعية (بناءً على 19 مليون سائح):
تحويل 500 دولار → حصيلة متوقعة: 9.5 مليار دولار سنويًا
تحويل 750 دولارًا → نحو 14.25 مليار دولار
تحويل 1000 دولار → قرابة 19 مليار دولار
ومع إضافة الإيرادات الحالية البالغة 17.8 مليار دولار، يصبح الوصول إلى 30 مليار دولار سنويًا هدفًا قابلًا للتحقق دون زيادة أعداد السائحين.
لماذا لا تُعد هذه السياسة عبئًا؟
لأنها ببساطة إعادة تنظيم ذكية لمسار الأموال، تحقق عدة مكاسب متزامنة:
ضخ مباشر وفوري للعملة الصعبة في الجهاز المصرفي
تقليص السوق السوداء والإنفاق النقدي غير الرسمي
تحسين القدرة على تتبع وقياس حركة الأموال السياحية
تعزيز الشفافية والانضباط المالي دون فرض ضرائب جديدة
شروط النجاح
لضمان القبول والتطبيق السلس، يجب توافر ما يلي:
مرونة في الحد الأدنى: نطاق بين 500 و1000 دولار وفق مدة الإقامة ونوع التأشيرة
حق الاسترداد عند المغادرة: آلية سهلة وشفافة لإعادة تحويل المتبقي إلى عملة صعبة
سعر صرف تنافسي بالمطارات مع توافر نقد مصري جديد ونظيف، وهو عامل نفسي يعكس الاحتراف والاحترام
محاور مكمّلة لتعظيم العائد
تسويق السياحة الشاطئية للبحر الأحمر والمتوسط بالتوازي مع الترويج القوي للآثار
تعظيم الاستفادة من المتحف المصري الكبير، ومتحف الحضارات، والمتحف المصري
التوسع في سياحة المؤتمرات والمعارض (MICE) بالعاصمة الإدارية والعلمين
دعم السياحة العلاجية والاستشفائية
إحياء مسار العائلة المقدسة كمنتج سياحي عالمي
إطلاق بطاقة سياحية ذكية (Tourist Card)
تنشيط السياحة التعليمية المدفوعة بالعملة الصعبة
الخلاصة
الوصول إلى 30 مليار دولار سنويًا من السياحة لا يتطلب مضاعفة أعداد السائحين، بل مضاعفة كفاءة الإدارة الاقتصادية للسائح الواحد. إن التحويل المنظّم للنثريات، حين يُطبَّق بمرونة وشفافية، يمثل أداة فعالة لتعظيم العائد، ويضع مصر بثبات بين أكبر 10 مقاصد سياحية عالميًا من حيث العائد، لا العدد فقط.
التوصية
دراسة المقترح على مستوى لجنة وزارية مصغّرة
(السياحة – المالية – البنك المركزي – الطيران المدني)
لبحث آليات التنفيذ التجريبي خلال موسم سياحي واحد وقياس أثره بدقة.