بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

«من الردع إلى الانضباط»… هل تضع التعديلات الجديدة حدًا لفوضى الطرق؟

حملة مرورية
حملة مرورية

 لم تعد حوادث الطرق مجرد مشاهد عابرة في نشرات الأخبار، بل أصبحت أزمة مجتمعية متفاقمة تهدد استقرار الأسر وتلتهم الأرواح يومًا بعد آخر، فمع انتشار سلوكيات مرورية خاطئة، مثل السرعة الزائدة، والسير عكس الاتجاه، والقيادة من دون ترخيص، تحولت الطرق إلى مساحات خطر دائم، في ظل خسائر بشرية ومادية متزايدة باتت تنذر بكارثة إنسانية.

 وأمام هذا الواقع المقلق، لم يعد الاكتفاء بحملات التوعية كافيًا، لتتجه الدولة نحو التدخل التشريعي الحاسم، عبر تعديل بعض أحكام قانون المرور، في محاولة لفرض الانضباط على الطرق، وحماية حق المواطنين في التنقل الآمن، والحد من الفوضى التي تسببت في حوادث مروعة خلال السنوات الأخيرة.

تسجيل الغرامات:

 ويرى خبراء المرور أن هذه الخطوة تمثل تحولًا مهمًا في فلسفة التعامل مع المخالفات، حيث لم يعد الهدف مجرد تسجيل الغرامات، بل إحداث تغيير حقيقي في سلوك القيادة، وترسيخ ثقافة احترام الطريق باعتباره حقًا عامًا لا مجال فيه للاستهتار أو التجاوز.

ردع المخالفات القاتلة:

 وفي هذا السياق، كشف اللواء أحمد هشام، الخبير المروري، تفاصيل مشروع قانون تعديل بعض أحكام قانون المرور، الذي وافق عليه مجلس الوزراء أخيرًا، مؤكدًا أن التعديلات الجديدة تستهدف بالأساس ردع المخالفات الخطيرة التي تشكل تهديدًا مباشرًا لحياة المواطنين.

 وأوضح، أن مشروع القانون شدد العقوبات على عدد من المخالفات الجسيمة، من بينها تجاوز السرعة المقررة، والسير عكس الاتجاه، والقيادة من دون رخصة قيادة أو تسيير، وانتهاء صلاحية التراخيص، إلى جانب عدم الصلاحية الفنية للمركبات، وتغيير مسار السير بصورة مخالفة للقانون.

 وأشار اللواء هشام إلى أن هذه التعديلات جاءت بعد رصد ارتفاع ملحوظ في معدلات الحوادث الجسيمة، التي أودت بحياة الآلاف، مؤكدًا أن نسبة كبيرة من هذه الحوادث كان يمكن تفاديها بالالتزام بقواعد المرور الأساسية.

 وفيما يتعلق بالعقوبات المستحدثة، أوضح الخبير المروري أن القيادة دون رخصة تسيير، أو في حال انتهاء الترخيص، تستوجب حجز المركبة إداريًا لمدة تتراوح بين أسبوع وشهر، مع إلزام المخالف بسداد الضريبة السنوية كاملة، إضافة إلى زيادة تعادل ثلث قيمة الضريبة، وبحد أقصى خمس سنوات.

 وأضاف أن التعديلات رفعت قيمة الغرامات الخاصة بمخالفات تجاوز السرعة أو تغيير المسار المفاجئ، لتتراوح بين 2000 و10 آلاف جنيه، بدلًا من الغرامات السابقة التي لم تكن تمثل رادعًا حقيقيًا، في ضوء خطورة هذه السلوكيات على السلامة العامة.

عقوبات رادعة لحماية الأرواح:

 وأكد اللواء هشام أن مشروع القانون أقر غرامات قد تصل إلى 30 ألف جنيه في حالات عدم الصلاحية الفنية للمركبات، نظرًا لما تمثله من خطر مباشر على السائقين ومستخدمي الطريق، فضلًا عن عقوبات سالبة للحرية تصل إلى الحبس لمدة ستة أشهر في بعض المخالفات الجسيمة التي تنطوي على استهتار واضح بقواعد الأمان.

 وشدد على أن تطبيق القانون سيبدأ فور نشره في الجريدة الرسمية خلال الأيام المقبلة، داعيًا قائدي المركبات إلى الالتزام بالقواعد المرورية وعدم التهاون مع العقوبات الجديدة، مؤكدًا أن الهدف الأساسي من التشديد ليس العقاب في حد ذاته، بل تحقيق الانضباط المروري، وتقليل الحوادث، وحماية الأرواح والممتلكات.

 بهذه التعديلات، تراهن الدولة على أن يصبح الطريق مساحة أمان لا ساحة مغامرة، وأن يتحول القانون من مجرد نصوص إلى ثقافة التزام تحفظ حق الجميع في حياة أكثر أمانًا.