إطلالة
حق الفقراء فى الإصلاح
بعد تصريحات الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، التى أكد فيها أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولى لن يفرض أعباءً جديدة على المواطن، وأن الإصلاحات الاقتصادية بدأت تؤتى ثمارها من خلال نمو يقوده القطاع الخاص وتحسن المؤشرات المالية، يبرز تساؤل جوهرى يفرض نفسه بقوة: أين تقف الطبقة الفقيرة من هذا المشهد الاقتصادى المتفائل؟
لا يمكن إنكار أن الإصلاح الاقتصادى ضرورة حتمية لأى دولة تسعى إلى الاستقرار والنمو، غير أن نجاح هذه الإصلاحات لا يُقاس بالأرقام والمؤشرات فقط، بل بمدى انعكاسها على حياة المواطنين، خاصة الفئات الأكثر هشاشة. فهناك شريحة واسعة من المجتمع المصرى تعانى من الفقر المميت، وتكافح يوميًا لتأمين أبسط متطلبات الحياة، من غذاء وعلاج وسكن ومعيشة كريمة.
ومن المؤسف أننا لاحظنا فى الفترة الأخيرة، تزايد مقلق فى معدلات الجريمة، من سرقات وجرائم عنف وخطف وسرقة وقتل واغتصاب وتحرشات وانتحار، وهى ظواهر لا يمكن فصلها عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة. فالفقر، حين يشتد، لا يهدد الفرد وحده، بل ينعكس على أمن المجتمع واستقراره. وعندما يشعر الإنسان بالعجز عن تلبية احتياجاته الأساسية، ومع غياب الأمل فى تحسن قريب، قد ينزلق البعض إلى مسارات خطيرة تهدد السلم الاجتماعى.
ولذلك فالحديث عن نمو اقتصادى وتحسن فى مناخ الاستثمار يجب أن يتوازى مع سياسات اجتماعية أكثر شمولًا وعدالة. فمراعاة الطبقة الفقيرة ليست ترفًا، بل ضرورة وطنية. ويتطلب ذلك توسيع مظلة الحماية الاجتماعية، وزيادة كفاءة برامج الدعم النقدى، وضمان وصولها إلى مستحقيها الحقيقيين، إلى جانب خلق فرص عمل حقيقية بأجور عادلة تحفظ كرامة الإنسان.
كما أن الاستثمار فى التعليم والتدريب المهنى يمثل ركيزة أساسية لتمكين الفقراء من الخروج من دائرة العوز، وتحويلهم إلى طاقة منتجة تسهم فى الاقتصاد بدلًا من أن تكون ضحية له. فالإصلاح الاقتصادى الحقيقى هو الذى يحقق التوازن بين متطلبات النمو ومقتضيات العدالة الاجتماعية.
و يبقى الآن الرهان الحقيقى على أن يشعر المواطن البسيط بثمار الإصلاح فى حياته اليومية، وأن يرى تحسنًا ملموسًا فى مستوى معيشته. فاستقرار المجتمع وأمنه لا يتحققان إلا عندما يجد كل فرد فرصة عادلة للحياة الكريمة، وعندما تكون التنمية شاملة لا تستثنى أحدًا. فالفقراء من حقهم يشعرون بالإصلاح الاقتصادى ليس خلال تصريحات فقط بل لا بد أن يشعروا بها على أرض الواقع فهم أكثر فئة تأثرت بهذا الإصلاح وعانوا منه كثيرًا فأبسط حقوقهم اليوم أن يجنوا ثمار هذا الإصلاح ويعيشون حياة كريمة.