بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

عرائس مصرية تتحاور في ألمانيا

بوابة الوفد الإلكترونية


تحولت الفعاليات الثقافية التي ينظمها العرب في العديد من المدن الألمانية  إلى مساحات حوار وهوية، يقودها فنانون من جنسيات عربية يحاولون نقل فنونهم وتجاربهم ورسالتهم إلى جماهير جديدة.
تتنوع الفعاليات الثقافية التي يقوم بها العرب عموماً والمصريون خصوصاً في ألمانيا بين حفلات غنائية وأمسيات شعرية وعروض مسرحية يسعون من خلالها لاستخدام الفن للتوعية وبناء جسور للتواصل مع المجتمع الألماني.
من بين هذه التجارب للفنانين العرب المقيمين في ألمانيا، تبرز تجربة مسرح البرجولا للعرائس، لمؤسسته رانيا رفعت، التي انطلقت أنشطتها في ألمانيا عبر تبادل ثقافي مع معهد جوته قبل أن تتعاون في مرحلة لاحقة مع أحد مسارح العرائس في برلين لتنفيذ مشروع فني مع اللاجئات السوريات لتسليط الضوء على مشكلاتهن.
تصف رانيا رفعت، الكاتبه والمخرجة والمحامية ومؤسسة مسرح البرجولا، هذه التجربة بكونها جزءاً من مسار لم يكن مخططاً، حيث تقول: "ألمانيا هي من اختارتني، أنا لم أخترها". 
وفي إشارة إلى الاختلافات الثقافية بين المجتمعات، ينعكس ذلك بوضوح في تفاعل الجمهور أثناء العرض، فبينما يتصف الجمهور المصري ، وفقاً لتصريحات رانيا، بأنه "جمهور متفاعل ومليء بالحيوية ونشط أثناء العرض، يميل الجمهور الألماني إلى الهدوء، مفضلاً التعبير عن رأيه من خلال النقاش بعد انتهاء العمل الفني".
وتشير رانيا إلى أن الفن في ألمانيا يعتبر الثقافة ضرورة مجتمعية لا رفاهية، قائلةً: "ألمانيا تخصص ميزانيات واضحة لدعم الفنانين والمشروعات الثقافية، خاصة تلك المعنية بقضايا المرأة أو اندماج اللاجئين."
تعتبر اللغة أحد أهم التحديات التي تواجه الفنانين العرب إلاّ أن هذا التحدي لم يمنع العروض في الوصول إلى الجمهور وذلك بفضل الجهد الجماعي لفريق العمل، وهذا ما أكده رانيا بقولها "الكثير من أعضاء فريق العمل هم من الألمان وجنسيات عربية تتحدث الألمانية بطلاقة ، وهو ما يجعل إيصال فكرة العرض سهلاً لأننا فريق واحد".
من ضمن التحديات الأخرى، تبرز صعوبة التعامل مع طبيعة العلاقات داخل الوسط الثقافي، بحسب رانيا، التي تشير إلى "ضرورة وجود شركاء من جمعيات ألمانية، وهو ما قد يقرض معادلات غير متكافئة، موضحةً "بعض الجمعيات استغلت هذه الشراكات لتحقيق مكاسب مادية، حيث كانت تحصل على المنح رغم أن العمل الفني يُنجز بالكامل من جانبي، وهو ما جعلني أشعر بشكل من أشكال العنصرية".
وتشير رانيا إلى أن تجاوز هذه التحديات جاء عبر وضوح الأهداف، واختيار الشراكات بعناية، وبناء استقلالية فنية.
وتحرص هذه الفعاليات على صلتها بالجاليات العربية، التي عادة ما تُبدي إقبالاً ملحوظاً على العروض ذات الطابع المصري، خصوصا مسرح العرائس. وتشير رانيا في ذلك السياق إلى أن عروض مثل "الليلة الكبيرة" تحظى بمكانة خاصة لدى الجمهور العربي الذي يبدي سعادة كبيرة باللهجة المصرية.
أما على المستوى الإنساني، فتبقى الغربة عاملاً حيوياً، فرغم ما تمنحه من أمان واستقرار، ترى رانيا أن الإبداع يحتاج إلى حياة وروح، وهو ما تفتقده في المجتمع الألماني. 
وتقول إن الحياة الاجتماعية في ألمانيا لا تساعد على الإبداع، رغم جمال المكان، الذي تصفه بأنه "جميل ولكن بلا روح مثل الفاكهة البلاستيك". لذلك تلجأ إلى العزلة أحياناً، أو إلى مشاهدة أفلام مصرية، أو المشاركة في تجمعات المصريين.
جدير بالذكر أن هذه التجارب تعكس مشهداً ثقافياً عربياً في ألمانيا، تستخدم فيه العروض الفنية كأداة للتواصل وبناء الجسور، ومحاولة لإعادة تعريف الحضور الثقافي العربي.