«هذا هو الإسلام»
«عنايته بالحشرات»
ينظر الإسلام إلى كل مخلوقات الله على أنها نافعة وما يظهر لنا أنه ضار لابد أن تجد له وظيفة فى نظامنا البيئى تعود على الإنسان بالنفع، ومن هذه المخلوقات الحشرات والتى تُمثل الحشرات الضارة منها أقل من واحد بالمائة من المليون نوع تقريبًا كما يقول علماء التخصص، لذلك عُنى الإسلام بحقوق هذه الحشرات وهناك كتب وبحوث ورسائل علمية تتحدث عن أحكام الحشرات وتصنيفها وما يجوز قتله منا وما يحرم قتله فى الفقه الإسلامى، كما جاء الحديث عن الحشرات فى القرآن الكريم فى اثنى عشر موضعًا بين السور المكية والمدنية، وحتى إن بعض السور القرآنية قد سميت بأسماء الحشرات، مثل «النحل، والنمل، والعنكبوت»، كما حرم الرسول صلى الله عليه وسلم إيذاء الحشرات غير المؤذية وتعذيبها والقسوة عليها وأنذر بالوعيد الشديد لقساة القلوب، كما أنه منع إحراقها بالنار، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى قرية نمل قد أحرقت، فقال:«من أحرق هذه؟» قالوا: نحن، قال:«إنه لا ينبغى أن يعذب بعذاب النار إلا رب النار» {أخرجه أبو دواد}، وقصة إحراق أحد الأنبياء لقرية النمل معروفة، إذ جاء فيها:»قرصت نملة نبيًا من الأنبياء، فأمر بقرية نمل فأحرقت، فأوحى الله إليه: أفى أن قرصتك نملة، أحرقت أمة من الأمم تسبح» {أخرجه البخاري}، بل من روائع الهدى النبوى الذى نُسْدِيهِ للبشرية جمعاء فى هذا الصدد أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن سب ولعن حشرة من الحشرات، فعن أنس بن مالك رضى الله عنه أن رجلًا لعن – وفى رواية «سبَّ»- برغوثًا عند النبى صلى الله عليه وسلم، فقال:«لا تلعنه، فإنه أيقظ نبيًّا من الأنبياء للصلاة» {أخرجه البخاري}، بل نجده صلى الله عليه وسلم منع قتل بعض الحشرات، كالنحل وكالنمل، فعن ابن عباس أنه قال:»نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عن قتل أربع دواب منها : النملة والنحلة.. » {رواه أبوداود وابن ماجة وأحمد فى المسند والبيهقى فى السنن}.
ونص بعض العلماء على أن الحشرات طاهرة فالقاعدة الشرعية المشهورة: «الأصل فى الأشياء الطهارة»، قال الخطابي: «فى حديث الذبابة: من الفقه أن أجسام الحيوان طاهرة إلا ما دل عليه الكتاب والسنة وما ألحق به معناه» وليس ثمة دليل يحكم بنجاستها.
وهذه السور المسماه بأسماء الحشرات فيها لفت لعوالم هذه الحشرات وأهميتها لفقه العمرآن البشرى فلو تعلم الإنسان من «عالم النحل» قيم العمل والتفانى والإتقان، ومن «عالم النمل» النظام والتعاون والإدخار، ومن «عالم العنكبوت» الهندسة الدقيقة فى البناء مع إدراك عوامل الضعف والهلاك، لتقدمت البشرية ورتقت المجتمعات.
فالإسلام ينظر للحشرات نظرة متوازنة تراعى دورها فى التوازن البيئى وأهمية المحافظة على دورها فى السلسل البيئية المختلفة من ناحية وخطورة بعضها ونشرها للأمراض مما يوجب مكافحتها من ناحية أخرى .. وهذا ما لتفت إليه العالم مؤخرًا حيث يحتفى العالم بحشرة البعوض «الناموس» يوم 20 أغسطس من كل عام للاحتفال بيوم البعوض العالمى، تزامنًا مع إحياء ذكرى اكتشاف العالم البريطانى «السير رونالد روس «فى عام 1897 بأن أنثى البعوض تنقل مرض الملاريا بين البشر. مما كان له أثر مهم فى مكافحة مرض الملاريا، ليت البشرية تكتسب هذا الفهم المتوازن والرفيع الذى جاء به الإسلام فى التعاطى مع عالم الحشر.
من علماء الأزهر والأوقاف