حصاد الجامعة العربية 2025: عقود من التضامن مع القضية الفلسطينية وصوت عربي موحد في زمن الأزمات
شكل عام 2025 عامًا مفصليًا في مسيرة جامعة الدول العربية، حيث واصلت الأمانة العامة أداء دورها المحوري في دعم العمل العربي المشترك، والتفاعل مع القضايا الإقليمية والدولية الملحّة، وفي مقدمتها العدوان على قطاع غزة، والأزمات الممتدة في عدد من الدول العربية، إلى جانب تعزيز الحضور العربي في المحافل الدولية، وترسيخ قيم الحوار والسلام والتنمية الشاملة.
القضية الفلسطينية وغزة في صدارة التحرك العربي
احتلت القضية الفلسطينية موقع الصدارة على أجندة تحركات جامعة الدول العربية خلال عام 2025، حيث كثفت الجامعة جهودها السياسية والإنسانية دفاعًا عن الشعب الفلسطيني، مطالبة المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته إزاء الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المدنيون في قطاع غزة.
ودعت الجامعة المحكمة الجنائية الدولية إلى إدراج الإهمال الطبي بحق المعتقلين الفلسطينيين ضمن تحقيقاتها في جرائم الحرب، كما أدانت اقتحام إسرائيل لمقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، مطالبة بتحرك دولي عاجل لحماية الوكالة وضمان استمرار دورها الإنساني والتعليمي.
وأكد الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، في تصريحات عديدة، أن المشروع الوطني الفلسطيني راسخ، وأن الاحتلال إلى زوال، مشددًا على أن الدولة الفلسطينية قادمة بدعم عربي ودولي.
كما أطلقت الجامعة نداءً عاجلًا لدعم الأونروا، محذّرة من أن التعليم الفلسطيني مهدد، وأن نحو 750 ألف طالب حُرموا من حقهم في التعليم، في ظل ما وصفه مسؤولو الجامعة بتحول قطاع غزة إلى "مقابر تعليمية" تحت القصف.
وفي هذا السياق، عقدت الجامعة جلسة حوارية إقليمية حول التجويع كسلاح حرب وتداعياته على النساء في غزة:
سلطت الضوء على الكلفة الإنسانية غير المسبوقة للعدوان، ومواقف داعمة للاستقرار العربي.
في سياق أخر، واصلت الجامعة العربية خلال عام 2025 دورها في دعم الأمن والاستقرار الإقليمي، حيث رحّب أبو الغيط باتفاق مجلسي النواب والدولة الليبيين على البرنامج التنموي الموحد، واعتبره خطوة مهمة نحو توحيد المسار السياسي وإنهاء الانقسام.
كما وصف اتفاق تبادل الأسرى والمختطفين في اليمن بأنه خطوة إنسانية مهمة تتعين متابعتها والبناء عليها.
ومن ناحية أخري، أدانت الجامعة الهجوم على قاعدة تابعة لقوات الأمم المتحدة في جنوب كردفان، ورحّبت بالمقترح الأمريكي لتطبيق هدنة إنسانية في السودان، لتخفيف معاناة الشعب السوداني، داعية في الوقت ذاته إلى التفاعل الإيجابي مع مبادرة السلام السودانية باعتبارها مسارًا جادًا لوقف النزاع والحفاظ على وحدة الدولة ومؤسساتها.
دبلوماسية المواقف الواضحة: السفير حسام زكي وصوت الجامعة في المحافل الدولية
وعلي الصعيد السياسي شكلت تصريحات وتحركات السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، خلال عام 2025، كأحد المكونات الرئيسية للموقف العربي الجماعي، والتي أكدت علي التزام الجامعة بثوابتها السياسية، وفي مقدمتها دعم الحقوق الفلسطينية ورفض أي حلول تُفرض بالقوة.
وأكد زكي في تصريحاته أن الموقف المصري الرافض لعمليات التهجير يمثل ركيزة أساسية في التصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية، مشددًا على أن تهجير الفلسطينيين من أراضيهم مرفوض جملة وتفصيلًا، ويُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني وقرارات الشرعية الدولية.
وأشار الأمين العام المساعد إلى أن اعتراف نحو 160 دولة بدولة فلسطين يعكس بوضوح الإرادة المتنامية للمجتمع الدولي في رؤية دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، معتبرًا أن هذا الاعتراف الواسع يمثل سندًا سياسيًا وأخلاقيًا للحقوق الفلسطينية، ويؤكد عزلة مواقف الاحتلال.
وفي إطار جهوده الدبلوماسية، أجرى السفير حسام زكي عددًا من الجولات الخارجية، شارك خلالها في لقاءات ومشاورات سياسية رفيعة المستوى، ناقش فيها تطورات الأوضاع في المنطقة، ونقل مواقف الجامعة العربية إلى الشركاء الدوليين، بما يسهم في حشد الدعم الدولي للقضايا العربية وتعزيز حضور الجامعة في دوائر صنع القرار العالمية.
الإعلام العربي وبناء الوعي المجتمعي
في هذا السياق قدمت جامعة الدول العربية اهتمامًا خاصًا بدور الإعلام العربي باعتباره ركيزة أساسية في بناء الوعي المجتمعي وتعزيز الأمن الفكري.
وأكد السفير أحمد رشيد خطابي، الأمين العام المساعد ورئيس قطاع الإعلام والاتصال بالجامعة، أن الإعلام العربي يمثل أحد أعمدة الأمن القومي العربي، مشددًا على أن تطوير الخطاب الإعلامي ومواجهة حملات التضليل يتطلبان الارتقاء بالمهنية وتعزيز المحتوى المسؤول القادر على التعبير عن القضايا العربية بوعي واتزان.
و افتُتحت أعمال الدورة العادية (55) لمجلس وزراء الإعلام العرب بمقر الأمانة العامة، ونظّمت الجامعة عددًا من ورش العمل والفعاليات الإعلامية الهادفة إلى دعم خطاب عربي متوازن، وتعزيز ثقافة الحوار والتسامح، وترسيخ الوعي بقضايا التنمية والاستقرار.
نشاط ثقافي وفكري وحواري متنوع
وشهد عام 2025 نشاطًا ثقافيًا وفكريًا مكثفًا، حيث نظّمت الجامعة صالونها الثقافي بحضور عمرو موسى، وعصام شرف، و محمد العرابي، إلى جانب تنظيم صالون ثقافي آخر حول مستقبل حوار الحضارات.
وأكدت الجامعة ضرورة نشر ثقافة الحوار وتعزيز الوعي بقيم التسامح باعتبارها ركيزة أخلاقية لمواجهة الانقسامات والصراعات.
التعليم والتكامل الاقتصادي في صلب الاهتمام
على صعيد التعليم، انطلقت أعمال الدورة الـ92 لمجلس الشؤون التربوية لأبناء فلسطين، في وقت كثّفت فيه الجامعة تحركاتها لحماية التعليم الفلسطيني في ظل العدوان.
أما اقتصاديًا، فقد نظّمت الجامعة العديد من ورش العمل والاجتماعات المتخصصة الهادفة إلى تعزيز التكامل الاقتصادي العربي، وتفعيل الاتفاقيات المشتركة، وتشجيع الاستثمار البيني، باعتبار ذلك أحد المسارات الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار.
تكريمات دولية تعكس مكانة الدبلوماسية العربية.
وخلال العام كان هناك تقديرًا دوليًا لافتًا لدور الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في دعم الدبلوماسية متعددة الأطراف وتعزيز العمل العربي المشترك.
فقد منحت جامعة فودان الصينية أبو الغيط الدكتوراه الفخرية تقديرًا لإسهاماته في العمل الدبلوماسي وتعزيز الحوار بين الحضارات، كما كرّمته اليابان بمنحه وسام الشمس المشرقة الوشاح الأكبر، أحد أرفع الأوسمة اليابانية، اعترافًا بدوره في توطيد العلاقات العربية الآسيوية ودعم التعاون الدولي.
وفي السياق ذاته، قلّد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو الغيط الوشاح الأكبر من وسام دولة فلسطين، تقديرًا لمواقفه الثابتة والداعمة للقضية الفلسطينية وجهوده المتواصلة في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في المحافل الدولية.
وتؤكد هذه التكريمات أن الحضور الدولي للأمين العام يعكس ثقل جامعة الدول العربية ودورها المتنامي كفاعل رئيسي على الساحة الدولية.
دعم المسار الديمقراطي
شاركت الجامعة ببعثات مراقبة عربية رفيعة المستوى في متابعة انتخابات مجلس النواب العراقي 2025، تأكيدًا لالتزامها بدعم المسارات الديمقراطية وتعزيز الشفافية في الدول العربية.
الجدير بالذكر أن عام 2025 شهد وسجل حجم الحضور الفاعل لجامعة الدول العربية في الدفاع عن القضايا العربية، وصناعة الوعي، ودعم السلام والتنمية، اضافة الي ترسيخ العمل العربي المشترك، في ظل تحديات إقليمية ودولية متسارعة، ما يؤكد استمرار دور الجامعة كصوت عربي موحّد في زمن الأزمات.
شاهد الصور:











