بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

لعل وعسى

التزوير الهندى والنزيف الخليجي(١)

في رحلة البحث عن العلم والتسلح بالخبرات والمعرفة، تتعدد الغايات وتسمو الأهداف لنيل أعلى الدرجات للارتقاء بالذات ، لكننا هذه المقالات نعود على وقع فضيحة هي الأخطر في العالم ، وارتد صداها على كل دولة تستقبل أطباء ومهندسين ومعلمين ومبرمجين من الخارج، الهند أعلنت ضبط أكثر من مليون شهادة مزورة،وهذا يعني أننا أمام منظومة دولية سوداء تبيع الخبرة لمن لا يملكها، وتمنح العلم لمن لم يدرسه، وتصدر إلى العالم موظفين يحملون مؤهلات ورقية لكن بلا معرفة، بلا كفاءة. المشكلة ليست في التزوير، المشكلة في أن التزوير وصل إلى أخطر التخصصات فى دول بعينعا ،هناك من يري أن القطاع الصحي هوالأخطر،وهناك من يرى أن قطاع ومشاريع الهندسة هى الأخطر، ولكننا نرى أن قطاع البرمجة والتقنية هو الأخطر على الإطلاق، لأن المبرمج المزور غالباً ما يؤدي إلى أنظمة مخترقة، بيانات مسربة، مؤسسات تدار من شخص لا يعرف قواعد الأمن السيبراني، وخسائر مالية فادحة، وتداعيات اقتصادية خطيرة خاصة على دول الخليج التى تعتمد للأسف على نسبة كبيرة جداً من هذه العمالة الهندية المزورة،ولا بد من التأكيد على أن التهديد الذي تشكله القضية على دول الخليج كبير جداً ، حيث تستقطب دول الخليج، ملايين العمال الهنود، ويشغل عدد كبير منهم وظائف في القطاعات الصحية والهندسية والتقنية. وتعد ولاية كيرالا مصدرا رئيسياً لهذه العمالة، ما يجعل دول الخليج وجهة محتملة لعدد كبير من حاملي الشهادات المزيفة. وفى المقابل تشكل هذه الفضيحة ضربة قاسية للهند التي تعتبر واحدة من أكبر مصدري العمالة المؤهلة في العالم. فالتعليم الهندي كان لعقود علامة ثقة في مجالات: الطب، والهندسة، والاتصالات، والبرمجة، لكن اليوم يواجه أزمة سمعة قد تستغرق سنوات لمعالجتها.وهذه القضية لم تظهر من فراغ، بل من: الطلب الهائل على الهجرة، والمنافسة الشرسة على الوظائف، كذلك ضعف الرقابة على الجامعات الخاصة ، مع وجود سوق سوداء للشهادات منذ سنوات، اضافة إلى جهل بعض أصحاب العمل بطرق التحقق الحديثة. وهنا لا بد من حصر التأثير الاقتصادي والأمني على دول الخليج تحديدا : أولا : تؤدي هذه الظاهرة إلى تقويض الثقة في أنظمة التوظيف، ورفع تكاليف التحقق من المؤهلات على الشركات والحكومات الخليجية.ثانياً : إثارة المخاوف الأمنية المتزايدة، عبر وجود تهديد أمني محتمل نتيجة تسلل أشخاص غير مؤهلين إلى مواقع حساسة في قطاعات حيوية بدول الخليج.ثالثا: أن ظاهرة الشهادات العلمية المزورة والتي بدأت بالانتشار في الآونة الأخيرة في السوق الخليجي سينتج عنها فساد إداري كبير في مختلف المجالات والوظائف، حيث سيشغل هؤلاء الأشخاص مناصب هم غير مؤهلين لها وسيترتب على ذلك سوء الإدارة والتخطيط مما سيؤدي إلى تدني مستوى تلك المؤسسات بمختلف أقسامها الإدارية والمالية. رابعاً: وهو الأخطر على الإطلاق أننا وعلى وقع هذه الظاهرة قد نتفاجأ بإحتلال ممنهج لبعض الدول الخليجية وخروجها من الدائرة العربية بصورة جوهرية حتى وإن بقت شكليا. وهنا أعتقد أن الإدارة المصرية لن تقبل بتقويض الأمن القومى العربى بهذه الصورة الممنهجة. وبالتالى نرى أن تعود فورا حل لقضية ملف العمالة المصرية، واعتراف دول الخليج بالشهادات الجامعية في مصر  إلى طاولة ملف تحقيق الأمن القومى العربي ككيان واحد لا يتجزأ وهو أمر يحتاج إلى رقابة شديدة لأن به العديد من المخالفات التى يجب معالجتها وهو ما سنتناوله فى المقال القادم إن شاء الله.