تحول الدعم العيني إلى نقدي.. خطوة حذرة نحو العدالة الاجتماعية
في ظل المتغيرات الاقتصادية المتسارعة، وتحديات الإصلاح المالي التي تواجهها الدولة، يبرز ملف تحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي كأحد أكثر القضايا حساسية وتأثيرًا على حياة ملايين المواطنين، وهذا الملف لا يمس أرقام الموازنة العامة فحسب، بل يرتبط مباشرة بالأمن الاجتماعي والاستقرار المعيشي للفئات الأكثر احتياجًا، مما يجعله محور نقاش موسع بين الحكومة والبرلمان والخبراء الاقتصاديين.
ومع تزايد الحديث عن تطوير منظومة الدعم لتحقيق كفاءة أعلى في التوزيع وعدالة أوسع في الوصول، تؤكد الدولة مرارًا أن أي خطوة في هذا الاتجاه لن تكون متسرعة، فالدعم لم يكن يومًا مجرد مساعدة مالية، بل يمثل شبكة أمان اجتماعي تحمي الشرائح الأولى بالرعاية من تقلبات الأسعار والضغوط الاقتصادية، ما يستدعي التعامل معه بحذر ودراسة متأنية لجميع جوانبه.
أكثر الملفات تعقيدًا وحساسية
وفي هذا السياق، شدد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، على أن ملف تحويل الدعم العيني إلى نقدي يعد من أكثر الملفات تعقيدًا وحساسية، مؤكدًا أن الحكومة لن تتخذ أي قرار تنفيذي قبل دراسة جميع الجوانب المرتبطة به بدقة، لضمان تحقيق أقصى فاعلية للنظام الجديد دون الإضرار بمصالح المواطنين.
وأوضح مدبولي أن الدولة حريصة على الاطمئنان الكامل لآليات التطبيق، والتأكد من جاهزية المنظومة وقدرتها على تحقيق العدالة الاجتماعية والحفاظ على الاستقرار المعيشي. وأضاف أن لجنة العدالة الاجتماعية ستعقد اجتماعًا خلال الأسبوع المقبل لمناقشة هذا الملف الحيوي ودراسة مختلف السيناريوهات، تمهيدًا للوصول إلى رؤية متكاملة توازن بين الإصلاح الاقتصادي وحماية الفئات الأكثر احتياجًا.
دعم فكرة التحول من الدعم العيني
من جانبه، أعلن الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، دعمه لفكرة التحول من الدعم العيني إلى النقدي، مؤكدًا أن نجاح هذه الخطوة مرهون بتهيئة الأجواء المناسبة وبناء منظومة دقيقة ومستقرة تضمن وصول الدعم إلى مستحقيه الحقيقيين.
وأشار الفقي إلى أن منظومة الدعم الحالية مستقرة، مشيرًا إلى أن إجمالي مخصصات الدعم في الموازنة العامة يبلغ نحو 160 مليار جنيه، يستحوذ دعم رغيف الخبز وحده على 124 مليار جنيه، مؤكداً أن دعم الخبز يمثل ركيزة أساسية لا يمكن المساس بها دون دراسة متأنية.
وشدد رئيس لجنة الخطة والموازنة على أهمية وجود قاعدة بيانات مدققة وشاملة، لافتًا إلى أن الحكومة تعمل منذ نحو عشر سنوات على تنقية وتحديث بيانات المواطنين لضمان دقة الاستهداف وعدالة التوزيع، مؤكدًا أن تصريحات رئيس الوزراء تشمل جميع أشكال الدعم، وعلى رأسها دعم الخبز.
كما أشار الفقي إلى ضرورة طمأنة المواطنين المستحقين من خلال توضيح قيمة الدعم المقررة لهم وربطها بنقود رقمية يتم صرفها عبر كارت مخصص، مع شرح آليات الاستخدام لتعزيز الشفافية والحد من الهدر. وشدد على أهمية المراجعة الدورية لقواعد البيانات كل ثلاثة أو ستة أشهر لضمان خروج غير المستحقين ودخول المستحقين الجدد، مع ربط قيمة الدعم بمعدلات التضخم للحفاظ على قوته الشرائية.