بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

عالمات مصريات في قلب البحث العلمي في ألمانيا

بوابة الوفد الإلكترونية

 


على بُعد آلاف الكيلومترات من مصر، وفي قلب مختبرات ألمانيا، قررت باحثات مصريات خوض تجارب علمية وإنسانية، لإثبات وجودهن في واحدة من أكثر البيئات البحثية تنافسية في العالم.
بدأت دكتورة دعاء مجاهد أولى خطواتها نحو البحث العلمي خارج مصر في سن صغيرة حين غادرت لتنفيذ مشروع تخرجها في مدينة أولم الألمانية وعادت بعدها لفترة قصيرة للعمل كمعيدة في الجامعة الألمانية بالقاهرة، قبل أن تتخذ قراراً باستكمال دراستها العليا في ألمانيا، بسبب محدودية فرص العمل في مجال التكنولوجيا الحيوية داخل مصر نظرا لاحتياجه إلى بنية تحتية وتمويل مرتفعين. 
وفي جامعة هايدلبرغ، أحد أقدم الجامعات في ألمانيا وواحدة من أعرق الجامعات في أوروبا، تخصصت دعاء مجاهد في الأحياء الكمية والنُظمية، وهو مجال علمي حديث نسبياً، وكانت من أوائل الدفعات التي التحقت به.
لم تكن البداية سهلة، خاصة على مستوى اللغة والتفاعل الاجتماعي، تقول دعاء: "رغم أنني درست الألمانية في المدرسة والجامعة، إلا أن استخدامها يومياً خارج المختبر كان تحدياً حقيقياً". 
علاوةً على ذلك، واجهت "مجاهد" افتراضات نمطية بأنها لاجئة بسبب حجابها، ومع صعود التيارات اليمينية المتطرفة، شعرت أحياناً بعدم الترحيب ومع ذلك، سعت بوعي للتأقلم، فحرصت على التحدث بالألمانية والمشاركة في أنشطة ثقافية مع أصدقاء ألمان، حتى بدأت تشعر بالاستقرار. 
وأكدت "مجاهد" أن حصولها على درجة الدكتوراه كانت لحظة الإنجاز الأهم في مسيرتها، مضيفةً "رغم انتقالي لاحقاً إلى الولايات المتحدة للعمل كباحثة في مجال الصحة العامة بجامعة هارفارد، فأنا مازلت ممتنة لألمانيا التي موّلت تعليمي".
"لم يكن الابتعاد عن مصر يوماً ضمن خططي"، هكذا قالت طالبة الدكتوراه هبة عبيد، الباحثة في مجال الصيدلانية الإكلينيكية في معهد هيلمهولتز بجامعة سارلاند، والتي تلقت تدريباً في مجال إدارة الجودة ومكافحة العدوى، قبل أن يدفعها طموحها العلمي إلى استكمال دراستها في الخارج حيث بدأت بالماجستير في لوكسمبورغ، ثم انتقلت إلى ألمانيا بعد قبولها في برنامج دكتوراه ممول من منحة "ماري سكلودوفسكا-كوري".
أشارت هبة إلى تحديات عديدة واجهتها مثل التكيف مع ثقافة مختلفة وتصورات نمطية بل وعنصرية، بالإضافة إلى تعلم اللغة الألمانية كضرورة يومية. 
وأضافت "عبيد" قائلةً: "إن العيش بمفردي كامرأة، مع محدودية الحياة الاجتماعية، كان تحدياً إضافياً، خاصة مع رغبتي في أسلوب حياة لا ينتهي بانتهاء ساعات العمل."
وعن مفهوم الإنجاز، تؤكد "عبيد" أنه لا يتمثل في لحظة واحدة، بل في محطات صغيرة، مثل نجاح تجربة علمية بعد عامين من الفشل، أو تجاوز عقبة إدارية ورغم بعدها عن الوطن، تؤكد أن هويتها المصرية تظل حاضرة بقوة في مسيرتها.
من جهتها، تصف دكتورة هديل السماك انتقالها إلى ألمانيا عام 2015 بأنه لم يكن مجرد خطوة دراسية، بل بداية رحلة لإعادة بناء الذات، حيث درست الصيدلة في الجامعة الألمانية بالقاهرة، ثم تحولت إلى البيولوجيا الجزيئية، وهو قرار تطلب جهداً مضاعفاً للتأقلم مع نظام تعليمي يعتمد على الاستقلالية.
وأضافت قائلةً: "كانت البداية صادمة، لكنها مرحلة لا بد منها قبل الوصول إلى التوازن، ومع الوقت، وبفضل دعم الأصدقاء والعائلة، بدأت ملامح الاستقرار تتشكل". 
تعمل هديل حالياً زميلة أبحاث ما بعد الدكتوراه في المركز الألماني لأبحاث السرطان (DKFZ)، وترى أن الاندماج كان أسهل بفضل البرامج الدولية ودراستها السابقة للغة الألمانية. 
وتشير "السماك" إلى محطات هامة في مسيرتها باعتبارها ضمن إنجازاتها؛ مثل نشر أول بحث كمؤلفة أولى في مجلة مرموقة ونيل درجة الدكتوراه، ورغم اعتزازها بهذه الخطوات، تختتم قائلة: "الإحساس الحقيقي بالإنجاز لا يعني الوصول، بل الرغبة الدائمة في التقدم".