بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

إيلون ماسك يحذر: فجوة الطاقة تهدد تنافسية أمريكا أمام الصين

بوابة الوفد الإلكترونية

أطلق إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، تحذيرًا لافتًا بشأن مستقبل البنية التحتية للطاقة في الولايات المتحدة، معتبرًا أن تأخر قدرات توليد الكهرباء يمثل عيبًا تنافسيًا خطيرًا في سباق عالمي تقوده الصين بسرعة غير مسبوقة.

 وجاءت تصريحات ماسك تعليقًا على تحليل حديث كشف اتساع الفجوة بين أكبر اقتصادين في العالم من حيث القدرة على إنتاج الطاقة، وهي فجوة لم تعد مجرد أرقام، بل عاملًا حاسمًا في معركة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

بحسب التحليل، تمتلك الصين حاليًا قدرة توليد كهرباء تصل إلى نحو 3.75 تيراواط، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف قدرة الولايات المتحدة التي تقف عند حدود 1.30 تيراواط فقط، هذه الأرقام تعكس مسارًا متباينًا خلال السنوات الأخيرة، حيث ضاعفت الصين قدرتها على إنتاج الطاقة خلال ثماني سنوات، في وقت ظل فيه النمو الأمريكي محدودًا وبطيئًا نسبيًا.

في عام 2024 وحده، أضافت الصين نحو 429 جيجاواط من قدرات التوليد الجديدة، وهو رقم يعادل إضافة عدة دول كاملة إلى شبكة الكهرباء خلال عام واحد، اللافت أن 83 في المئة من هذه الإضافات جاءت من مصادر الطاقة المتجددة، وعلى رأسها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ما يعكس استراتيجية واضحة لتأمين الطاقة النظيفة بكميات ضخمة تدعم النمو الصناعي والتكنولوجي.

هذا التوسع لا يتوقف عند الطاقة المتجددة فقط. الصين تمضي بخطى سريعة في تعزيز بنيتها النووية، إذ يوجد حاليًا 34 مفاعلًا نوويًا قيد الإنشاء، وهو رقم يفوق ما تنفذه الدول التسع التالية مجتمعة، إلى جانب ذلك، هناك ما يقرب من 200 مفاعل إضافي مخطط لها أو مقترح تنفيذها خلال السنوات المقبلة، ما يعزز قدرة الصين على توفير طاقة مستقرة وطويلة الأمد.

في المقابل، تواجه الولايات المتحدة واقعًا مقلقًا، إذ لا يوجد أي مفاعل نووي تجاري كبير قيد الإنشاء حاليًا، هذا الوضع يثير تساؤلات جدية حول قدرة واشنطن على تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، خاصة في ظل الطفرة الكبيرة في مراكز البيانات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تستهلك كميات هائلة من الطاقة.

مؤسسات مالية كبرى دقت ناقوس الخطر من قبل، فقد حذرت جولدمان ساكس من أن قيود شبكة الكهرباء الأمريكية قد تصبح عائقًا رئيسيًا أمام نمو الذكاء الاصطناعي، بينما أشارت تقديرات مورجان ستانلي إلى أن الصين ستستثمر نحو 560 مليار دولار في مشروعات شبكات الكهرباء بحلول عام 2030، منها أكثر من 80 مليار دولار خلال عام 2024 فقط، هذه الاستثمارات الضخمة تعكس إدراك بكين لأهمية الطاقة كركيزة أساسية للتفوق التكنولوجي.

وتكتسب هذه الفجوة أهمية مضاعفة في سباق الذكاء الاصطناعي، حيث تعتمد النماذج المتقدمة على بنية تحتية ضخمة من مراكز البيانات والمعالجات عالية الأداء، وكلها تحتاج إلى إمدادات كهرباء مستقرة وموثوقة.

 وتشير الدراسات إلى أن الطلب على الكهرباء من مراكز البيانات في الولايات المتحدة يرتفع بوتيرة أسرع من قدرة الشبكة على الاستيعاب، مع استمرار الاختناقات في شبكات النقل رغم الإنفاق القياسي على البنية التحتية.

في هذا السياق، يرى خبراء أن التوسع السريع للصين في شبكات الكهرباء والطاقة المتجددة يمنحها ميزة استراتيجية، ليس فقط في خفض التكاليف، بل في ضمان استدامة تشغيل الصناعات المتقدمة على نطاق واسع، وهو ما قد يترجم إلى تفوق طويل الأمد في مجالات الذكاء الاصطناعي والتصنيع المتقدم.

ماسك نفسه لم يخفِ إعجابه بما حققته الصين في مجال الطاقة الشمسية، مشيدًا بالتقدم السريع الذي أحرزته، ومؤكدًا أن الولايات المتحدة بحاجة إلى التحرك بالوتيرة نفسها، تعليقاته تعكس قلقًا متزايدًا داخل أوساط قادة التكنولوجيا من أن استمرار التباطؤ في تطوير البنية التحتية للطاقة قد يضعف قدرة أمريكا على المنافسة عالميًا.

في النهاية، لم يعد سباق الطاقة مسألة بيئية أو اقتصادية فقط، بل تحول إلى عنصر حاسم في ميزان القوة التكنولوجية، وبينما تواصل الصين ضخ استثمارات هائلة لتعزيز قدراتها الكهربائية، تجد الولايات المتحدة نفسها أمام اختبار صعب: إما تسريع وتيرة التحديث والاستثمار، أو المخاطرة بفقدان موقعها في قلب الثورة الرقمية القادمة.