حين تتحول المعرفة إلى ضجيج.. تبرز نظرية المؤامرة!
في عصرنا الحديث، لم تعد المعرفة كنزًا نادرًا يُبحث عنه، بل أصبحت متاحة بضغطة زر، ومع ذلك بات الوصول إلى الحقيقة أصعب من أي وقت مضى. فنحن نعيش في زمن فيض المعلومات، حيث تختلط المعرفة بالتضليل، والوعي بالسطحية، حتى أصبحت كثرة المحتوى عائقًا لا جسرًا للفهم.
لقد ساهمت الثورة الرقمية، ومعها الذكاء الاصطناعي، في تسريع إنتاج المعلومات ونشرها على نطاق غير مسبوق. لكن هذا التسارع لم يصاحبه دائمًا عمق أو مسؤولية. فخوارزميات المنصات الرقمية لا تكافئ المعرفة الرصينة، بل تفضّل ما هو مثير، سريع، وقابل للاستهلاك الجماهيري، ما أدى إلى انتشار التفاهة وتراجع التفكير النقدي. وهنا يتحول الإنسان من باحث عن المعنى إلى متلقٍ سلبي للضجيج.
المشكلة الأساسية ليست في التكنولوجيا ذاتها، بل في طريقة استخدامها وغياب الوعي الجمعي. فعندما تُفصل المعرفة عن القيم، وتُقدَّم دون سياق أو تحقق، تصبح أداة للتضليل بدلًا من التنوير. ويزداد الخطر حين يُمنح المحتوى الزائف نفس المساحة والشرعية التي تُمنح للبحث العلمي والفكر العميق.
في هذا السياق، يظهر الذكاء الاصطناعي كسلاح ذي حدين؛ فهو قادر على دعم البحث، وتوسيع آفاق التعلم، لكنه في الوقت ذاته قد يكرّس السطحية إذا استُخدم بلا وعي أو ضوابط أخلاقية. لذا يصبح التحدي الحقيقي اليوم ليس في امتلاك المعرفة، بل في القدرة على التمييز، والتحليل، وإعادة الاعتبار للعقل النقدي.
وتبقى كلمة:
إن إنقاذ المعرفة من التضليل يبدأ بإحياء قيمة السؤال، واحترام العقل، وإدراك أن الوعي لم يعد ترفًا فكريًا، بل ضرورة وجودية في عالم يزداد ضجيجًا كل يوم.