لماذا سُمِّي شهر رجب بالأصب؟.. شهرُ الرحمات والاستعداد للطاعة
شهر رجب من الأشهر الحُرم التي عظَّمها الله تعالى، إذ تتضاعف فيه الحسنات، ويُشدَّد فيه النهي عن المعاصي؛ لقوله سبحانه:﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا… مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾ [التوبة: 36].
وقد سُمِّي شهر رجب بعدة أسماء، من أشهرها: رجب الفرد، ورجب الأصم، ورجب الأصب، ولكل اسم دلالة ومعنى يعكس مكانته الروحية والدينية.
رجب الفرد
سُمِّي «رجب الفرد» لأنه يأتي منفردًا بين الأشهر الحُرم؛ إذ إن بقية الأشهر الحرم متتابعة، وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، بينما يأتي رجب منفصلًا بينها.
رجب الأصم
ويُطلق عليه «الأصم»؛ أي الذي لا يُسمَع فيه صوت السلاح، إذ كان العرب في الجاهلية يعظمونه فيكفون عن القتال فيه، وقيل سُمِّي بذلك لفرْدِيته، كالجذر الأصم في علم الرياضيات.
لماذا سُمِّي رجب بالأصب؟
أما اسم «رجب الأصب»، فيُقصد به –كما أوضح الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء– أن الله تعالى يصب فيه الرحمات والبركات والسكينة صبًّا على عباده، ليكون شهرًا ممهِّدًا لرمضان، وتهيئةً روحية لشهر شعبان.
ويُنظر إلى رجب باعتباره محطة إيمانية للانتقال من الغفلة إلى اليقظة، ومن التقصير إلى التوبة، ومن الانشغال بالدنيا إلى الاستعداد لموسم الطاعات.
دعوة للتوبة وتجديد العهد مع الله
ويؤكد العلماء أن دخول شهر رجب فرصة صادقة للتوبة والإنابة إلى الله تعالى، والتوبة الحقيقية هي العزم على ترك الذنب والرجوع إلى الله، مع تجديدها كلما وقع الإنسان في تقصير؛ فقد قال النبي ﷺ:
«كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» (رواه الترمذي).
كما ورد في الحديث الصحيح أن الله سبحانه وتعالى يفرح بتوبة عبده فرحًا عظيمًا، ما يفتح باب الأمل أمام كل من عاد إليه نادمًا مهما تكررت الذنوب.
فضل شهر رجب ومكانته
وأوضحت دار الإفتاء المصرية أن شهر رجب من الأشهر الحُرم التي ثبت فضلها بالقرآن والسنة، وأن تعظيم هذه الأشهر كان معروفًا حتى عند العرب قبل الإسلام، وهو ما يدل على شرفها وعلو قدرها.
كما أشار العلماء، ومنهم الحافظ ابن حجر العسقلاني وابن رجب الحنبلي، إلى أن ما ورد في فضل رجب وإن كان أغلبه في إطار العموم، إلا أنه يؤكد مكانته كزمنٍ صالحٍ للطاعات، دون تخصيص عبادة معينة لم يثبت بها نص صحيح.
ويظل شهر رجب فرصة ذهبية للتقرب إلى الله، وتهيئة النفس والروح لاستقبال شهر رمضان بقلبٍ أنقى، وعزمٍ أصدق على الطاعة.