«طلعة رجب».. حكم تخصيص رجب وتوزيع الصدقات على المقابر
يتكرر مع بداية شهر رجب من كل عام سؤالٌ شائع حول ما يُعرف بـ«طلعة رجب»، وهي عادة يقوم فيها بعض الناس بزيارة المقابر في أوائل الشهر، وتوزيع الصدقات من طعام أو أموال على الفقراء والمحتاجين بنية إهداء الثواب للمتوفَّين، وهو ما يثير تساؤلات حول الحكم الشرعي لهذه الممارسة.
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالًا نصه:ما حكم ما يُسمى بـ(طلعة رجب) لتوزيع الصدقات عند المقابر؟ علمًا بأن بعض المسلمين يعتادون زيارة المقابر في بداية شهر رجب وتوزيع الطعام والأموال على الفقراء والمحتاجين.
الصدقة عن الميت
أجابت دار الإفتاء المصرية بأن الصدقة عن الميت جائزة ومستحبة شرعًا، ويصل ثوابها إلى المتوفى، سواء أُخرجت في شهر رجب أو في غيره من الشهور، مؤكدة أن الصدقة في الأزمنة الفاضلة أرجى للثواب.
وأوضحت الإفتاء أنه لا حرج في توزيع الصدقات عند القبور أو في أي مكان يتواجد فيه الفقراء والمحتاجون، لأن الجواز يشمل جميع الأزمنة والأماكن والأحوال، ما دامت الضوابط الشرعية والآداب العامة مُراعاة.
جواز الصدقة عن الميت
استندت دار الإفتاء إلى ما ورد عن الصحابي الجليل سعد بن عبادة رضي الله عنه، حين توفيت أمه وهو غائب عنها، فسأل النبي ﷺ:«يا رسول الله، إن أمي توفيت وأنا غائب عنها، أَينفعها شيء إن تصدقتُ به عنها؟»
فقال ﷺ: «نعم».
وأكد العلماء من خلال هذا الحديث أن ثواب الصدقة يصل إلى الميت، وهو ما قرره جمهور الفقهاء.
وصول ثواب الصدقة
أجمع الفقهاء على جواز الصدقة عن الميت ووصول ثوابها إليه، كما نقل الإمام النووي رحمه الله قوله:«أجمع المسلمون على أن الصدقة عن الميت تنفعه وتصله».
وبيّن أهل العلم أن هذا لا يتعارض مع قوله تعالى:﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾
لأن النصوص النبوية خصصت هذا العموم، وأثبتت نفع العمل الصالح الذي يُهدى ثوابه للميت.
هل تخصيص رجب بالصدقة بدعة؟
أوضحت دار الإفتاء أن تخصيص الصدقة بزمان معين كشهر رجب، أو بمكان معين كالمقابر، لا يُعد بدعة، طالما أن ذلك يدخل تحت عموم الجواز الشرعي، ولم يُقصد به اعتقاد لزوم أو فرضية هذا التخصيص.
وأكدت أن القاعدة الأصولية تنص على أن:«الأمر المطلق يقتضي عموم الأزمنة والأمكنة والأحوال»،
ولا يجوز تضييق ما وسّعه الله ورسوله دون دليل.