من القاهرة يبدأ التنفيذ.. الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في صدارة منتدى روسيا أفريقيا
تصدّرت القاهرة المشهد الدبلوماسي الأفريقي-الدولي مع انطلاق فعاليات اليوم الأول من المؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى الشراكة الروسية الأفريقية، والذي استضافته مصر في توقيت بالغ الأهمية، عكس حجم الدور الذي تلعبه الدولة المصرية كجسر للتواصل بين أفريقيا وشركائها الدوليين، وكمنصة رئيسية لدفع مسارات التعاون من الإطار السياسي إلى آفاق التنمية الفعلية.
وشهد اليوم الأول للمؤتمر زخماً كبيراً على مستوى الحضور والمناقشات، حيث اجتمع وزراء خارجية ومسؤولون رفيعو المستوى من الدول الأفريقية والجانب الروسي، لبحث سبل تعميق الشراكة في ملفات محورية، أبرزها التنمية الاقتصادية، الاستثمار، الطاقة، الأمن الغذائي، وبناء القدرات. وقد بدا واضحاً منذ الجلسات الافتتاحية أن المؤتمر لا يقتصر على تبادل الرؤى، بل يستهدف وضع أسس عملية لمشروعات تعاون ملموسة تستجيب لاحتياجات القارة الأفريقية.
وفي قلب فعاليات اليوم الأول، برز الدور المحوري للوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، التي لعبت حضوراً لافتاً باعتبارها الذراع التنفيذية الأهم للدبلوماسية التنموية المصرية في أفريقيا. ولم يكن هذا الحضور شكلياً، بل عكس انخراطاً فعلياً للوكالة في النقاشات واللقاءات الجانبية، وتقديم رؤية مصرية متكاملة تقوم على ربط الشراكات الدولية ببرامج تنموية حقيقية تمس حياة المواطنين الأفارقة.
وساهمت الوكالة خلال اليوم الأول في إبراز الخبرة المصرية المتراكمة في مجالات بناء القدرات ونقل المعرفة، باعتبارها ركيزة أساسية لأي تعاون دولي مستدام. وقد أكدت مشاركات مسؤولي الوكالة أن مصر لا تنظر إلى الشراكة الروسية-الأفريقية من منظور سياسي أو اقتصادي فقط، بل من زاوية تنموية شاملة تضع الإنسان في صدارة الأولويات.
وفي هذا الإطار، لعب السفير خالد الشاذلي دوراً بارزاً في تنسيق مشاركة الوكالة وإدارة عدد من اللقاءات مع الوفود الأفريقية، حيث حرص على عرض نماذج عملية لبرامج نفذتها الوكالة في عدد من الدول الأفريقية، موضحاً كيف يمكن البناء على هذه التجارب ضمن أطر التعاون الجديدة التي يفتحها المنتدى. وأسهمت خبرته العميقة في الشأن الأفريقي في تعزيز الحوار حول آليات تحويل مخرجات المؤتمر إلى مشروعات قابلة للتنفيذ على الأرض.
كما كان لـ السفيرة رشا زهير حضور فعّال خلال فعاليات اليوم الأول، حيث ركزت في تحركاتها على البعد الإنساني والتنموي للتعاون، خاصة ما يتعلق ببرامج التدريب وبناء القدرات في قطاعات التعليم والصحة وتمكين المرأة والشباب. وقد عكست مشاركاتها رؤية الوكالة القائمة على أن التنمية المستدامة تبدأ بالاستثمار في الإنسان، وهو ما لاقى اهتماماً من عدد من الوفود الأفريقية المشاركة.
وفي السياق ذاته، اضطلع السفير حسن النشار بدور مهم في إبراز الإطار الاستراتيجي لعمل الوكالة، من خلال لقاءات ومناقشات تناولت سبل ضمان استدامة المشروعات التنموية وتعظيم أثرها، مع التأكيد على أهمية التخطيط طويل المدى والتكامل بين الشركاء الدوليين. وأسهمت رؤيته في التأكيد على أن نجاح الشراكات لا يقاس بعدد الاتفاقيات، بل بمدى تأثيرها الحقيقي في المجتمعات الأفريقية.
وقد شكّل هذا الحضور المكثف للوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية خلال اليوم الأول من المؤتمر رسالة واضحة مفادها أن مصر حريصة على أن تكون التنمية محوراً أساسياً لأي تعاون أفريقي-دولي، وأن استضافتها للمؤتمر تأتي في إطار رؤية أوسع تهدف إلى تقديم نموذج مختلف للشراكات الدولية، يقوم على تبادل الخبرات وتحقيق المصالح المشتركة.
ومع ختام اليوم الأول، بدا أن الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية نجحت في تثبيت موقعها كلاعب رئيسي داخل فعاليات المؤتمر، ليس فقط كجهة مشاركة، بل كعنصر فاعل في صياغة ملامح التعاون المستقبلي بين روسيا وأفريقيا عبر البوابة المصرية. وهو ما يعزز من مكانة القاهرة كمركز إقليمي للدبلوماسية التنموية، ويؤكد أن المرحلة المقبلة ستشهد ترجمة ما طُرح على طاولة الحوار إلى خطوات عملية تعكس طموحات الشعوب الأفريقية في التنمية والاستقرار.

