خوارزميات أمازون تكلف المدارس ملايين الدولارات
لطالما ارتبط اسم أمازون بالسهولة والسرعة وتوفير الوقت، وهو ما جعلها خيارًا مفضلًا ليس فقط للمستهلكين، بل أيضًا للمدارس والهيئات الحكومية المحلية عند شراء المستلزمات باستخدام أموال عامة. لكن تقريرًا حديثًا أصدره معهد الاعتماد على الذات المحلية (ILSR) يكشف جانبًا أقل بريقًا من هذه الراحة، مشيرًا إلى أن خوارزميات التسعير الديناميكي لدى أمازون تسببت في تحميل دافعي الضرائب تكاليف أعلى بكثير مما ينبغي.
التقرير، الذي نُشر مطلع الشهر الجاري ونقلته مجلة The American Prospect، يسلّط الضوء على كيفية اعتماد أمازون في تعاقداتها مع الجهات العامة على نظام تسعير متغير لحظيًا، دون الالتزام بقوائم أسعار ثابتة. هذا النهج، بحسب الدراسة، ألغى عنصر الشفافية والمنافسة العلنية الذي كان يميز أساليب الشراء التقليدية في القطاع العام.
تاريخيًا، كانت المدارس والبلديات تعتمد على مناقصات مفتوحة، يتقدم فيها موردون محليون بعروض واضحة تشمل الأسعار الثابتة ومواعيد التسليم وشروط التعاقد. هذه الآلية لم تكن مجرد إجراء روتيني، بل وسيلة لضمان أقل سعر ممكن، مع إتاحة كل التفاصيل للرأي العام. أما في حالة الشراء عبر أمازون، فالأمر يبدو مختلفًا تمامًا.
على السطح، قد يبدو أن أمازون توفر منافسة حقيقية، بفضل وجود عدد كبير من البائعين الخارجيين على منصتها. لكن الواقع، كما يوضحه التقرير، أن خوارزميات التسعير الديناميكي تعمل خلف الكواليس دون أي وضوح. الأسعار تتغير في الوقت الفعلي، ولا توجد ضمانات بأن الجهة الحكومية تحصل على أفضل سعر متاح، حتى عند شراء المنتج نفسه وفي اليوم ذاته.
التقرير يستشهد بنماذج صادمة. في إحدى الحالات، اشترى موظف في مدينة بولدر بولاية كولورادو عبوة من أقلام Sharpie مقابل 8.99 دولار، بينما دفعت مدارس دنفر في اليوم نفسه 28.63 دولارًا للعبوة ذاتها. وفي مثال آخر، دفعت مقاطعة كلارك في ولاية واشنطن 146 ألف دولار مقابل 610 شاشات كمبيوتر، رغم أن الطلب نفسه كان يمكن أن يكلف أقل بنحو 24 ألف دولار في يوم مختلف.
مدارس بيتسبرغ اشترت صندوقين من مناديل Kleenex بسعر 57.99 دولارًا للصندوق، بينما دفعت مدارس دنفر في اليوم ذاته 36.91 دولارًا لصندوق واحد فقط. حتى داخل الجهة الواحدة، ظهرت فروق غير منطقية؛ ففي يوم واحد من أغسطس، قدمت مدارس دنفر طلبين منفصلين لأقلام السبورة الجافة، أحدهما بقيمة 114.52 دولار، والآخر 149.07 دولارًا للمنتج نفسه.
أحد أكثر الأمثلة دلالة كان في مارس 2023، حين دفعت مدارس دنفر 15.39 دولارًا لدباسة Swingline، ثم عادت بعد أيام قليلة لتدفع 61.87 دولارًا للدباسة نفسها. ورغم اختلاف البائع في الحالة الثانية، يؤكد التقرير أن الخوارزميات تظل العامل الحاسم، إذ تتحكم أمازون في ترتيب النتائج والمنتجات الموصى بها، وتدفع المستخدمين لخيارات قد تكون الأعلى سعرًا.
الدراسة حللت أيضًا 2500 منتج يُشترى بشكل متكرر، مثل ورق الطباعة وأقلام BIC ومنتجات التنظيف وأدوات مدرسية شائعة. إجمالي إنفاق الجهات المشاركة بلغ نحو 3 ملايين دولار، في حين كان يمكن أن ينخفض إلى 2.5 مليون دولار فقط لو حصلت هذه الجهات دائمًا على أقل سعر عرضته أمازون خلال نفس الفترة. إحدى المناطق التعليمية وحدها كان بإمكانها توفير 17% من نفقاتها، أي قرابة مليون دولار.
المشكلة لا تتوقف عند ارتفاع الأسعار فقط، بل تمتد إلى التأثير على الاقتصاد المحلي. ففي مقاطعة بيركلي بولاية فرجينيا الغربية، أنفقت المدارس 1.3 مليون دولار عبر Amazon Business خلال عام واحد، لم يذهب منها إلى بائعين داخل الولاية سوى 142 دولارًا فقط. هذا التحول أدى، بحسب التقرير، إلى إقصاء الموردين الصغار والمتوسطين الذين كانوا يعتمدون على هذه التعاقدات، ما أضعف الاقتصادات المحلية وقواعدها الضريبية.
أمازون، من جانبها، رفضت نتائج الدراسة. وفي بيان لصحيفة الجارديان، قالت الشركة إن أبحاث التسعير غالبًا ما تعاني من مشكلات منهجية، متهمة التقرير بالانتقائية وعدم دقة المقارنات. لكن ILSR يؤكد أن دراسته استندت إلى بيانات إنفاق من 128 جهة محلية و122 وكالة حكومية، إلى جانب مراجعة عقود رسمية ومقابلات مع مسؤولين وخبراء مشتريات.