بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

ميتا تُجمد خطتها لفتح نظام الواقع الافتراضي أمام الشركات الأخرى

بوابة الوفد الإلكترونية

بعد عام واحد فقط من إعلانها فتح نظام تشغيل الواقع الافتراضي الخاص بها أمام شركات أخرى، يبدو أن شركة ميتا قررت التراجع خطوة إلى الخلف. الشركة التي وعدت في 2024 بتوسيع منظومة Horizon OS لتشمل نظارات واقع افتراضي من علامات مثل ASUS وLenovo، أعلنت الآن عن “إيقاف مؤقت” لهذا البرنامج، ما يضع مستقبل تلك الأجهزة في دائرة الغموض، وربما الإلغاء الكامل.

بحسب تقرير نشره موقع Road to VR، فإن ميتا أوقفت العمل فعليًا على مشروع دعم الشركات الخارجية، وهو ما أكدته الشركة لاحقًا في تصريح لموقع Engadget. ميتا أوضحت أن قرار الإيقاف يأتي في إطار إعادة تركيز جهودها على تطوير أجهزة وبرمجياتها الخاصة، بهدف “بناء عتاد وبرمجيات من الطراز العالمي لدفع سوق الواقع الافتراضي إلى الأمام”.

هذا التحول المفاجئ يطرح علامات استفهام كبيرة حول مصير نظارات الواقع الافتراضي التي كانت تعمل عليها كل من ASUS وLenovo. الشركتان لم تصدرا أي رد رسمي حتى الآن، كما أنهما التزمتا الصمت إلى حد كبير منذ الإعلان الأول عن مشاريعهما العام الماضي. في ذلك الوقت، كشفت ASUS أن نظارتها ستأتي ضمن سلسلة Republic of Gamers المعروفة اختصارًا باسم ROG، وستركز على الأداء العالي وتجربة الألعاب الاحترافية. أما Lenovo، فكانت تخطط لإطلاق جهاز واقع مختلط يستهدف الاستخدامات الإنتاجية والتعليمية إلى جانب الترفيه.

ورغم أن القرار قد يبدو مفاجئًا للبعض، إلا أنه يتماشى مع التغيرات الواضحة في أولويات ميتا خلال الأشهر الأخيرة. مؤتمر Meta Connect الأخير، على سبيل المثال، خلا تقريبًا من أي إعلانات جوهرية تتعلق بالواقع الافتراضي، في مقابل تركيز لافت على النظارات الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي. هذا التحول يعكس قناعة متزايدة داخل الشركة بأن المستقبل القريب يكمن في الأجهزة القابلة للارتداء، وليس في نظارات الواقع الافتراضي الثقيلة والمكلفة.

التقارير الصحفية عززت هذا الانطباع. ففي وقت سابق من الشهر الجاري، كشفت وكالة بلومبرغ أن ميتا تخطط لإجراء تخفيضات كبيرة في فرق العمل المسؤولة عن تقنيات الواقع الافتراضي ومنصة Horizon Worlds. حينها، أوضحت الشركة أنها تعيد توجيه جزء من استثماراتها بعيدًا عن الميتافيرس، لصالح تطوير نظارات ذكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي وأجهزة قابلة للارتداء، مستفيدة من الزخم المتزايد في هذا المجال.

بالنسبة لسوق الواقع الافتراضي، يحمل هذا القرار دلالات أعمق من مجرد إيقاف مشروع. فتح نظام Horizon OS أمام شركات أخرى كان يُنظر إليه كخطوة استراتيجية تهدف إلى خلق منظومة متكاملة شبيهة بما فعلته جوجل مع أندرويد. مثل هذه الخطوة كانت ستمنح السوق دفعة قوية، وتكسر احتكار ميتا لتجربة Quest، وتفتح الباب أمام تنوع أكبر في الأجهزة والأسعار والاستخدامات.

لكن الواقع يشير إلى أن ميتا باتت أكثر حذرًا. الشركة ربما رأت أن سوق الواقع الافتراضي لم ينضج بعد بما يكفي لتحمل هذا الانفتاح، أو أن العوائد المتوقعة لا تبرر حجم الاستثمار المطلوب. كما أن المنافسة المتزايدة في مجال الذكاء الاصطناعي، خاصة بعد الطفرات الكبيرة في هذا القطاع، فرضت على ميتا إعادة ترتيب أولوياتها بسرعة.

ورغم كل ذلك، تحرص ميتا على عدم إغلاق الباب نهائيًا أمام الشراكات المستقبلية. في بيانها الرسمي، أكدت الشركة أنها ما زالت ملتزمة على المدى الطويل بفكرة دعم أجهزة من شركات أخرى، وأنها ستعيد النظر في فرص التعاون عندما يتطور هذا القطاع بشكل أكبر. هذا التصريح، وإن كان دبلوماسيًا، يترك هامش أمل ضئيل لإحياء المشروع في وقت لاحق.

في النهاية، يعكس قرار ميتا حالة التردد التي يعيشها سوق الواقع الافتراضي عالميًا. فبين طموحات الميتافيرس الكبيرة والواقع التجاري الصعب، تجد الشركات نفسها مضطرة لاتخاذ قرارات حاسمة وسريعة. أما بالنسبة للمستخدمين والشركات الشريكة، فسيبقى السؤال مطروحًا: هل ما زال الواقع الافتراضي هو الرهان الكبير القادم، أم أن الأضواء انتقلت بالفعل إلى عالم النظارات الذكية والذكاء الاصطناعي؟