خارج المقصورة
سؤال مفتوح
«أقول إيه.. أقول لا» ليست مجرد جملة عابرة فى أغنية شعبية، بل تعبير مكثف عن حالة إنسانية خالصة، تختصر الصراع بين القبول والرفض، والحيرة أمام قرار لا تبدو عواقبه واضحة، وعلى هذا الإيقاع نفسه، تتحرك كواليس مقترح مد جلسة تداول البورصة ساعة إضافية، ليضع مجتمع سوق المال بأكمله أمام السؤال ذاته: هل نقول نعم أم لا؟
منذ أن خرج المقترح إلى النور، ودخلت شركات السمسرة فى دوامة من التفكير، محملة بتساؤلات مشروعة حول ما ينتظرها من أعباء تشغيلية جديدة حال تنفيذ القرار.. فالمسألة لا تتوقف عند مجرد ساعة إضافية على شاشة التداول، بل تمتد لتشمل تضاعف أعباء العمل، وامتداد ساعات التشغيل، وما يترتب على ذلك من زيادة فى رواتب العاملين، وارتفاع تكاليف الخدمات، والكهرباء، والبنية التشغيلية ككل؛ تكاليف لم تكن «على البال ولا الخاطر»، وقد تشكل ضغطًا مباشرًا على ميزانيات الشركات، لا سيما الصغيرة والمتوسطة منها.
لا يقف المشهد عند هذا الحد، فالمقترح يصطدم بتحدٍ آخر أكثر تعقيدًا، يتمثل فى اضطرار البنوك إلى مد ساعات العمل أيضًا، لضمان تنفيذ عمليات التسوية، وهو أمر قد لا يلقى قبولًا لدى الجهاز المصرفى، باعتباره عبئًا تشغيليًا إضافيًا وتكلفة جديدة لا تتماشى بالضرورة مع سياسات العمل المعتمدة.
أما إذا كان الهدف المعلن هو زيادة أحجام التداول وتنشيط السيولة، فإن التجارب السابقة لا تمنح هذا الربط صك البراءة الكامل، إذ تشير بوضوح إلى أن مد ساعات التداول لا يعنى بالضرورة ارتفاعًا فى الأحجام أو تحسنًا فى السيولة، فالعبرة ليست بطول الجلسة، بقدر ما هى بجودة الفرص، وثقة المستثمرين، ومحفزات السوق.
وبين مؤيد يرى فى المقترح خطوة تطويرية، ومعارض يخشى تداعياته، سادت حالة من الحيرة داخل مجتمع سوق المال بأكمله. حيرة دفعت إدارة البورصة إلى اللجوء للتصويت الإلكترونى، عبر رابط مخصص، تُدلى من خلاله كل شركة برأيها بشكل منفرد، خاصة أن عدد الشركات التى تمتلك حق التصويت يصل إلى نحو 130 شركة.
هذا المسار فتح بدوره بابًا جديدًا من التساؤلات، حول الضمانات الكفيلة بتعزيز الشفافية، وآليات إعلان النتائج، ومدى تعبيرها الحقيقى عن إرادة مجتمع السماسرة، سواء بالموافقة على المقترح أو رفضه. لتبقى النهاية مفتوحة على السؤال ذاته.
< يا سادة.. أياً كانت النتائج، تبقى التجربة وحدها هى الحكم، وهى الفيصل الذى سيكشف بوضوح: هل مدّ ساعات جلسة التداول يمثل دفعة حقيقية للسوق، أم مجرد خطوة لا تضيف جديدًا إلى المشهد؟