بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

دقائق فاصلة بين الحياة والموت في العاشر من رمضان

بوابة الوفد الإلكترونية

في عالم الإسعاف، لا يُقاس الزمن بالساعات أو الدقائق، بل بالثواني الحاسمة التي قد تصنع الفارق بين الحياة والموت، عندما يتوقف القلب فجأة، تصبح كل حركة محسوبة، وكل قرار مصيري، ويتحول العمل الإسعافي إلى سباق صامت مع الزمن لا يحتمل الخطأ.

في تمام العاشرة والنصف مساءً، تلقّت غرفة عمليات إسعاف الشرقية بلاغًا عاجلًا عن مريض في العقد السادس من العمر فاقد للوعي تمامًا داخل منزله بمدينة العاشر من رمضان.

 لم يكن رنين الهاتف مجرد إشعار روتيني، بل إنذارًا طارئًا لحالة حرجة، لتبدأ على الفور واحدة من أصعب المهام الإسعافية التي تُختبر فيها الجاهزية والخبرة تحت ضغط اللحظة.

انطلقت سيارة الإسعاف كود 1362 بقيادة فني القيادة حاتم حسن علي، وبرفقته المسعف أحمد حافظ محمود، وخلال ست دقائق فقط، تمكن الطاقم من الوصول إلى موقع البلاغ، وهي مدة زمنية حاسمة في مثل هذه الحالات، لكنها لم تكن سوى بداية لتحدٍ أكبر داخل لحظات أكثر خطورة.

في منزل المريض، كان القلق يخيّم على المكان، رجل فاقد للوعي، وأفراد أسرته يحيطون به في صمت ثقيل ممزوج بالخوف والدعاء.

بدأ الطاقم على الفور في إجراءات النقل السريع، لكن قبل أن تُغلق أبواب سيارة الإسعاف بالكامل، جاءت اللحظة الأصعب، حيث توقف القلب تمامًا، ودخل المريض في حالة توقف قلبي كامل.

أُغلقت أبواب الإسعاف، وانطلقت السيارة باتجاه مستشفى العاشر من رمضان الجامعي، لتتحول المقصورة الضيقة إلى ساحة عمل دقيقة، تتداخل فيها المهارة الطبية مع التركيز العالي وسرعة القرار.

 داخل السيارة، بدأ المسعف أحمد حافظ محمود في تنفيذ الإنعاش القلبي الرئوي بكل دقة وثبات، ضغوط متتالية على الصدر بإيقاع محسوب، وأنفاس صناعية تُضخ في محاولة لإعادة الحياة.

على شاشة جهاز المونيتور، ظهر الخط المستقيم البارد، معلنًا غياب النبض، بينما كانت أعين أبناء المريض تتابع المشهد في صمت، متشبثة بالأمل، تراقب كل حركة وكل نفس صناعي، وكل ثانية تمر وكأنها دهر كامل.

وفي مقعد القيادة، كان حاتم حسن علي يقود السيارة بتركيز شديد، يوازن بدقة بين السرعة اللازمة للوصول إلى المستشفى في أسرع وقت، والثبات المطلوب لضمان استمرار عملية الإنعاش دون اهتزاز قد يؤثر على كفاءتها، كان يدرك أن أي حركة غير محسوبة قد تُفقد المريض فرصته الأخيرة.

مرت دقائق ثقيلة داخل سيارة الإسعاف، كل دورة إنعاش تُحسب، وكل توقف قصير لمراجعة المؤشرات الحيوية يمر بثقل مضاعف. 

وفجأة، بدأ الخط المستقيم على شاشة المونيتور يظهر تغيرًا طفيفًا، أعقبه ظهور نبض ضعيف لكنه واضح، معلنًا عودة القلب إلى العمل من جديد.

عاد النبض، ومعه عاد الأمل، وتحولت لحظات اليأس إلى دموع فرح مكتومة في عيون الأبناء الذين استعادوا والدهم من حافة الفقد.

واصل الطاقم الإسعافي تأمين الحالة حتى الوصول إلى مستشفى العاشر من رمضان الجامعي، حيث تسلّم الفريق الطبي المريض، وبدأت مرحلة الرعاية المتقدمة والمتابعة الدقيقة للمؤشرات الحيوية لضمان استقرار القلب والتنفس.

وبعد أيام من الرعاية الطبية الدقيقة، تحسنت حالة المريض وتعافى، ليعود إلى منزله حاملًا قصة نجاة كُتبت في دقائق حاسمة، بفضل الجاهزية، والاحترافية، والإخلاص في أداء الواجب.

وتجدد هذه الواقعة التأكيد على الدور الحيوي الذي يقوم به رجال الإسعاف في صمت، وعلى أن كل بلاغ قد يكون قصة حياة جديدة تُكتب بيد من يعرفون قيمة الثانية.