بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

على فكرة

شروط القاهرة للقاء نتنياهو

شأن كل مأزوم، يبحث له عن طوق نجاة، يزور الحقائق كى يحول هزائمه الداخلية والخارجية إلى  انتصارات مجلجة محلقة بأجنحة من الأكاذيب، أعلن نتيناهو فى مؤتمر صحفى، عن  توقعيه بيع صفقة الغاز مصر، باعتبارها نصرا اقتصاديا وسياسيا لحكومته، التى كان يحيط بمبناها متظاهرون إسرائيليون، يطالبون الرئيس الإسرائيلى عدم منحه عفوا عن قضايا الفساد والإهمال المتهم بها، بعدما كان عدد من الصحف الإسرائيلية، قد حذر من أن العفو إذا صدر، سوف يشكل ضربة قاصمة تضعف النظام القضائى الإسرائيلى، وتفقده مصداقيته داخليا وخارجيا، وتسهل التحايل على أحكامه.
تبلغ قيمة الصفقة التى تحدث عنها نتنياهو، 35 مليار دولار، كانت قد وقعت بين الطرفين فى أغسطس الماضى، لكنه رفض التصديق عليها آنئذ، أملا فى استخدامها فى الضغط على السياسة  المصرية، وابتزازها بشأن الشروط التى تضعها القاهرة لإزالة التوتر فى العلاقات بين البلدين، الذى تصاعد مع حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة والضفة، والتلكؤ فى اتمام المرحلة الأولى من اتفاق ترامب لوقف الحرب.
ما لم يذكره نتنياهو أن توقعيه على الصفقة جاء بضغوط من إدارة ترامب  لوقف الخسائر اليومية  التى تحملتها شركة «شيفرون» الأمريكية، التى تمتلك حصة تبلغ 40% من تشغيل حقل ليفياثان الإسرائيلى، الذى يمد مصر بنحو 20%من احتياجاتها، وتمكنت القاهرة من تعويضها من مصادر أخرى، مثل قطر وقبرص، حين رفض توقيع  الصفقة. ما لم يذكره أن توقفه عن توقيع الصفقة تسبب فى خسائر لإسرائيل لغيبة بدائل أخرى أمامها، ولعدم امتلاكها محطات لإسالة الغاز لكى تتمكن من نقله وتخزينه بيسر وسهولة، بينما تمتلك مصر محطتين للإسالة، إحداهما فى إدكو والثانية فى دمياط، كما هى تتوسع فى هذا المجال، لكى تصبح مركزا إقليميا لتجارة وتدوال الطاقة. 
محاولة نتينياهو تسييس صفقة الغاز مع مصر فشلت، ليس فقط بسبب ما كشفه بيان «ضياء رشوان» رئيس هيئة الاستعلامات بتأكيده أن الصفقة تجارية بحتة، ولا تنطوى على أبعاد سياسية من أى نوع، ولم تبرم بتدخل حكومى مباشر، بل باتفاق شركات مصرية وشركة «شيفرون» الأمريكية. ولكن أيضا لأن اتفاقات الغاز بين البلدين هى جزء من معاهدة السلام المبرمة بينهما منذ عام 1979، التى لا تكف حكومته عن اتهام مصر  بانتهاكها، بينما يشكل امتناع إسرائيل عن توريدها خرقا فاضحا لها.
يسعى نتنياهو فى زيارته للولايات المتحدة التى تبدأ بعد اسبوع وتستمر لأسبوع آخر إلى حث ترامب على عقد قمة ثلاثية تجمهما معى الرئيس السيسى.
القاهرة وضعت عدة شروط للمشاركة فى قمة فلوريدا، منها ضرورة انسحاب إسرائيل من غزة والعودة إلى حدود 7 أكتوبر 2023، وفتح معبر رفح وتشغيله من الجهتين، وسحب قواتها من الشريط الحدودى فى منطقة فلادليفيا، واستئناف بعثة المراقبة الأوروبية للمعبر وانهاء مماطلتها فى تنفيذ الجزء الأول من خطة ترامب لوقف الحرب، قبل الانتقال لبحث الجزء الثانى منها، ووقف مخططها لتهجير أهالى  غزة إلى مصر أو غيرها. 
وتطالب القاهرة  بالعودة للمسار السلمى لبحث أقامة الدولة الفلسطينية طبقا للقرارات الدولية، آنذاك يمكن عودة السفراء إلى البلدين، كما يمكن أن يكون ذلك أحد المداخل لعلاقات عربية –إسرائيلية مستقرة، إذا ما كفت إسرائيل عن نزوعها التوسعى العدوانى فى المنطقة، وإذا ما سعت إدارة ترامب إلى الضغط عليها للقبول بالعيش كدولة طبيعية، كسياسة لا بديل لها، لاستقرار أمنها واستتباب السلام والحفاظ على المصالح  الأمريكية والعربية والمشتركة.
السؤال الكبير، هل ستشارك القاهرة فى القمة مع ما بات معروفا بإخلال إسرائيل الدائم بكل العهود والاتفاقات؟ الاجابة ستحملها إلينا الدبلوماسية المصرية البارعة، خلال  الأيام القليلة المقبلة.