بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

معنى الربا وحكم التعامل به شرعًا

بوابة الوفد الإلكترونية

يحرُمُ على المسلم أن يشترط على من يُقرِضه ردَّ مبلغٍ يزيدُ على ما يقرضه إيَّاه قلَّت تلك الزيادة أو كثرت، فذلك من الربا المُحرَّم شرعًا، وإنما يأخذ مثل ما يُقرض فقط.


تفريج الكربات من أعظم الطاعات

ويعد من أجلِّ القُرُبات وأعظم الطاعات أن يسعى المرء في تفريج الكُرَب، وقضاء الحوائج، وإقالة العَثَرات، ابتغاءَ مرضاةِ الله تعالى وطلبًا لرفع الدرجات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَن نَفَّسَ عَن مُؤمِنٍ كُربَةً مِن كُرَبِ الدُّنيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنهُ كُربَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ عَلَى مُعسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيهِ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَونِ العَبدِ مَا كَانَ العَبدُ فِي عَونِ أَخِيهِ».

وعن عبد الله بن أبي قتادة، أنَّ أبا قتادة رضي الله عنه طلب غريمًا له، فتوارى عنه، ثم وجده، فقال: إني مُعسر، فقال: آلله؟ قال: آلله؟ قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَن سَرَّهُ أَن يُنجِيَهُ اللهُ مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، فَليُنَفِّس عَن مُعسِرٍ، أَو يَضَع عَنهُ» أخرجهما الإمام مسلم.

الربا في الإسلام 
ومن أجلِّ صور تفريج الكُرُبات وقضاء الحاجات أن يقرض المسلمُ أخاه عند شدة فاقته وحاجته، رفقًا به وإحسانًا إليه، من غير نفعٍ يقصده ولا عوضٍ يطلبه؛ امتثالًا لقول الله عزَّ وجلَّ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [البقرة: 245]، وقوله جلَّ شأنه: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ [الحديد: 11].

بيان المراد بالقرض الحسن والربا وحكمهما في الإسلام
القرض الحسن: هو دفع مالٍ على سبيل الإرفاق لمن ينتفع به على أن يرد بدله دون زيادة.

وقد بيَّنت السُّنَّة المطهَّرة عِظَم أجر القرض الحَسَن، ودلَّت على أنه من أبواب البِرِّ والإحسان التي يتضاعف بها الثواب، حتى فاق في بعض وجوهه أجرَ الصدقة؛ لما فيه من إعانة المحتاج، وتفريج كربته، وسد خلته، ومن ذلك ما رُوي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِن مُسلِمٍ يُقرِضُ مُسلِمًا قَرضًا مَرَّتَينِ إِلَّا كَانَ كَصَدَقَتِهَا مَرَّةً» أخرجه الإمام ابن ماجه.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَأَيتُ لَيلَةَ أُسرِيَ بِي مَكتُوبٌ عَلَى بَابِ الجَنَّةِ: الصَّدَقَةُ بِعَشرِ أَمثَالِهَا، وَالقَرضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، قُلتُ: يَا جِبرِيلُ، مَا بَالُ القَرضِ أَفضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ؟ فَقَالَ: إِنَّ السَّائِلَ يَسأَلُ وَعِندَهُ، وَالمُستَقرِضُ لَا يَستَقرِضُ إِلَّا مِن حَاجَةٍ» أخرجه الإمامان: ابن ماجه، والطبراني في "المعجم الأوسط".

الربا
والإجماع منعقدٌ على ندبه واستحبابه، كما في "العدة شرح العمدة" للإمام بهاء الدين المَقدِسِي (ص: 264، ط. دار الحديث).

وينبغي على المُقرِض أن يُحسِن معاملة المُستقرِض، فيقابله باللطف، ويعامله بالرفق، ويجنِّبه غلظة القول، وشدَّة المطالبة، فإنَّ المقصود من القرض الإحسان لا الإيذاء، والرحمة لا الإضرار، ولهذا جاء الوعد الكريم في السُّنَّة المطهَّرة لمن أنظر مُعسِرًا أو وضع عنه، فعن أبي اليُسر رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَن أَنْظَرَ مُعسِرًا أَو وَضَعَ عَنهُ، أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ» أخرجه الإمام مسلم.

بيان حرمة الربا والتعامل به

وإذا كان الشرعُ الشريفُ قد رغَّبَ في القرضِ الحَسَنِ وأجزل الثواب للمُقرِضِ، وحثَّ على قضاء حوائج الناس وتفريج كروبهم، فإنَّه أيضًا قد نهى عن استغلال حوائجهم وإيقاعهم في الحرج الذي يدفعهم لارتكاب المحظور؛ لذا كان الأصل في القرض ألَّا يَجُرَّ للمقرِض نفعًا، وأن يكون غير مشروط بزيادةٍ على أصله، وأن يكون على سبيل الترفُّق لا التربح؛ لأنه من عقود التبرعات لا المعاوضات.

وقد نقل غيرُ واحدٍ من أهل العلم الإجماعَ على أنَّ الإقراضَ المشروطَ بزيادةٍ -قلَّت أو كثُرَت- من جملةِ الرِّبا المحرَّم شرعًا؛ لما روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُّ قَرضٍ جَرَّ مَنفَعَةً فَهُوَ رِبًا» أخرجه الإمام الحارث في "مسنده"، ولأنَّه عقدُ إرفاقٍ وقربة، فإذا شُرِطَ فيهِ الزيادةُ خرج عن موضوعه، كما في "المغني" للإمام ابن قُدَامة (4/ 240، ط. مكتبة القاهرة).

قال الإمام أبو بكر بن المنذر في "الأوسط" (10/ 407، ط. دار الفلاح): [وأجمعوا على أنَّ المُسلِف إذا اشترط عند سلفه هدية أو زيادة، فأسلفه على ذلك، أن أخذه الزيادة على ذلك ربا] اهـ.

وقال الإمام ابن حزم في "المحلى" (7/ 402، ط. دار الفكر): [لا يحلُّ إقراض شيءٍ ليرد إليك أقل ولا أكثر، ولا من نوعٍ آخر أصلًا، لكن مثل ما أقرضت في نوعه ومقداره.. وهذا إجماعٌ مقطوعٌ به] اهـ.